ينطلق (الأحد) القادم ماراثون الانتخابات الرئاسية التركية، التي يراها الكثير من المحللين الأهم والأصعب في تاريخ تركيا الحديثة، كونها تأتي في ظروف سياسية داخلية مهمة مرت بها البلاد، فضلاً عن وجود أحداث خارجية تحيط بدول منطقة الشرق الأوسط، ما يصعب نتائج ملامح الخريطة الانتخابية الرئاسية خلال الساعات القادمة، وهي انتخابات يراها البعض مصيرية للرئيس الحالي رجب أردوغان، وحاسمة بالنسبة لأحزاب المعارضة التي توحدت مع مرشحها كمال كليجدار أوغلو، الذي يقود معركة السباق الرئاسي بالتعاون مع ستة أحزاب تركية أخرى، كما يشارك في الانتخابات الرئاسية أيضاً رئيس حزب الوطن محرم أنجه ومرشح تحالف «أتا» القومي سنان أوغان.
ويسعى الرئيس أردوغان إلى فترة رئاسية ثالثة، وكان قد أعلن سابقاً أن شعار حملة حزبه الانتخابية سيكون «القرن التركي» في إشارة إلى وعوده بأن الذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية التركية ستشهد تحولات اقتصادية وجيوسياسية، تجعل بلاده رائدة القرن الـ21 على مستوى العالم.
واعتبر المفكر الإستراتيجي اللواء الدكتور سمير فرج في تصريحات لـ«عكاظ»، أن الانتخابات الرئاسية تأتي هذه المرة على صفيح ساخن، كونها أصعب انتخابات يخوضها أردوغان منذ وصوله للسلطة قبل نحو عقدين، عازيا صعوبتها هذه المرة إلى التحديات العديدة الموجودة داخل البلاد، من بينها التأثر بالأزمة الاقتصادية العالمية نتيجة الحرب الروسية – الأوكرانية، وانخفاض سعر صرف الليرة، ورغبة بعض الأصوات في التغيير.
ولفت إلى أن الانتخابات بعد شهور من آثار الزلزال المدمر الذي طال مساحة عشر محافظات أي ما يقرب من 500 كم، بتكلفة خسائر بلغت مليارات الدولارات، كما أن هناك 6 ملايين شاب لأول مرة سوف يكون لهم صوت انتخابي، والكثير لا يعرف هوية هؤلاء، هل مع النظام الحالي أم مع التغير، وبالتالي حسابات تلك الانتخابات مختلفة عن سابقتها.
وتوقع فرج حدوث مفاجآت عدة على مستوى قرار الناخب التركي في اختيار رئيسه، الذي يملك تحديد مصير نتائج الانتخابات، مشيراً إلى أن كلا المرشحين الأكثر حظاً وهما «أردوغان» و«كليجدار» يحظيان بتأييد شعبي، وأحدهما سيفوز بفارق ربما لا يتجاوز من 1 إلى 2% من أصوات الناخبين.
من جهته، يرى الباحث في العلاقات الدولية الدكتور هاني سليمان أن الانتخابات الرئاسية التركية تجرى في وقت حساس، لوجود العديد من المتغيرات الداخلية، مع الأحداث الإقليمية والدولية، مؤكداً أنه رغم تراجع شعبية «حزب العدالة والتنمية»، إلا أن السؤال الذي يفرض نفسه هو هل المعارضة الموجودة قادرة على إحداث بدائل في تركيا، أو قادرة على إحداث تغير في البلاد؟ والإجابة لا توجد معارضة قادرة على تقديم بدائل حقيقية، وهناك جموع مؤيدة للرئيس أردوغان على الاستمرار في الحكم، كما أن هناك فئة تخشى من المجهول في ظل الأحداث العالمية، وتريد التمسك برئيسها الحالي في تلك الظروف التي تمر بها دول العالم، وتقارب أنقرة مع دول إقليمية وعالمية وإنهاء الخلافات، متوقعاً أن يكون السيناريو هو أن يتمكن الرئيس أردوغان من تحقيق فوز رئاسي جديد، يمكنه الحصول على ولاية ثالثة، وإن كان الفوز بأصوات تزيد قليلاً عن منافسه المعارض، وهو ما سيشكل حدثاً فارقاً في تاريخ الحزب الحاكم في تركيا بالاستمرار خمس سنوات أخرى بقيادة البلاد.
وذكر لـ«عكاظ» أنه رغم كارثة الزلازل، وما خلفته من كوارث إنسانية ومالية تركية، إلا أن النظام أظهر تجاوبا كبيرا مع تلك الأزمة، وإعادة الإعمار ومراعاة الظروف الإنسانية لأسر الضحايا، وهو ما أدى إلى دخول الحزب الحاكم إلى الانتخابات، ولديه حرص في حصد أكبر عدد من الأصوات.