تترك الإساءة إلى الأطفال جروحاً عميقة في نفوسهم تتطور مع الوقت إلى أزمات يدفع المجتمع ثمنها لاحقاً، فأطفال اليوم هم شباب الغد وركيزة البناء والتنمية إذا حظوا بالرعاية المطلوبة وهم أيضاً معاول للهدم إذا تعرضوا للضغوط والعنف والإساءة.. وهنا يكمن الخطر.
التشريعات الإماراتية كفلت حماية كبيرة ومثلت مظلة واقية ضد التجاوزات، لكن تطويق ومكافحة الإساءة للطفل يتطلب تضافر الجهود بين الأسرة والمدرسة والمؤسسات المعنية، حيث يتعرض الأطفال إلى 5 أنواع من الإساءات الجسدية والنفسية، وهو ما أكدته جمعية الإمارات لحماية الطفل، مطالبة بتطبيق نظام استباقي يتضمن قاعدة بيانات عن الأطفال في المؤسسات التعليمية لحمايتهم من الانحراف.
وبينما رأى مختصون أن حماية الطفل مهمة أسرية في المقام الأول، أكد تربويون أن دور المدرسة مهم وجوهري في مكافحة الإساءة للأطفال، وتهيئة البيئة النفسية المناسبة للطلبة، مشيرين إلى أن مسؤولية التنشئة تتحملها المدرسة أكثر من البيت، لأنها مؤسسة أعددت خصيصاً لهذا الغرض وتأهل العاملون فيها لهذه الغاية.
بيئات حاضنة
أكدت الدكتورة آمنة الضحاك الشامسي، الوكيل المساعد لقطاع الرعاية وبناء القدرات في وزارة التربية والتعليم أن الإمارات من الدول الرائدة عالمياً والسباقة في مجال حماية الطفولة، وتوفير البيئات الحاضنة لإبداعهم وتميزهم، انطلاقاً من أن الاهتمام بالطفولة يعتبر من القيم المتوارثة والمتأصلة في المجتمع الإماراتي، لبناء جيل قادر على المشاركة بفاعلية في استدامة تطور الدولة ونهضتها.
وأكدت حرص الوزارة على تبني أفضل الممارسات التربوية الحديثة التي تعنى بالطفل ومستقبله التعليمي، والحفاظ على حقه في التعلم وحمايته من كافة أشكال الإساءة أو العنف، وتعزيز التوعية بحقوقه.
مشيرة إلى أن الوزارة أطلقت «وحدة حماية الطفل» لأن سلامته وتنشئته في بيئات مدرسية آمنة ومستقرة يسهم في بناء أجيال مبدعة ومبتكرة، بما يتماشى مع رؤى الإمارات التي تضطلع بجهود حثيثة وجبارة في حماية الطفل ورعايته وتمكينه، وبناء منظومة فعالة تعزز قدرات الطفل في السياسة الوطنية.
حملة
وأطلقت وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع شركائها حملة للتوعية بالسياسة الوطنية لحماية الطفل في المؤسسات التعليمية، تحت شعار «حمايتهم أولويتنا»، وذلك في إطار التزامها بضمان رفاه الأطفال وسلامتهم واحترام كرامتهم، وتوفير بيئة تعليمية ممتعة وآمنة لكل طفل، دون تمييز بسبب أصله أو جنسه أو موطنه أو عقيدته الدينية أو مركزه الاجتماعي أو إعاقته.
وتهدف الحملة إلى رفع الوعي بالسياسة الوطنية لحماية الطفل في المؤسسات التعليمية وفق التشريعات النافذة في الدولة، وتسليط الضوء على أهمية دور المؤسسات التعليمية ومجلس حماية الطفل لحمايته من كل ما يهدد بقاءه أو صحته الجسدية أو النفسية أو الفكرية أو التربوية أو الأخلاقية.
بالإضافة إلى تمكينه من حقوقه التعليمية وحقه في الحماية، وترسخ الحملة السلوك الإيجابي لدى الطفل وبناء علاقات مدرسية اجتماعية إيجابية، وإرساء مبدأ التسامح بين أفراد المجتمع المدرسي، ورفع كفاءة العاملين في الميدان التربوي في مجال حماية الطفل والوقاية من التنمر، وتعزيز الشراكات ذات الصلة بحماية الطفل والتنسيق مع الجهات المعنية لضمان حقوق كافة الأطفال في المؤسسات التعليمية.
رعاية
وعرفت وزارة التربية والتعليم بالسياسة الوطنية لحماية الطفل في المؤسسات التعليمية لأداء دورها ورعاية الأجيال الصاعدة، حيث تعنى السياسة بإيجاد منظومة من الإجراءات والتدابير لدعم المؤسسات التعليمية بتوفير بيئة مدرسية آمنة وخالية من العنف بكافة أشكاله اللفظية والنفسية والجسدية والجنسية من خلال اتخاذ الإجراءات والتدابير الوقائية لحماية الطفل.
وستُسهم في تطبيق إجراءات الإبلاغ عن الحالات المشتبه تعرضها للإساءة ورصد الحالات وتوفير الحماية، وتعزيز القدرات المدرسية اللازمة للتعامل مع حالات الإساءة للطفل وحمايته بالتنسيق مع الجهات المعنية الأخرى كجزء من المسؤولية المجتمعية المشتركة.
وأكدت الوزارة أن السياسة تلزم المؤسسات بتبليغ الوزارة أو السلطة المختصة عن أي حالة إساءة حرجة مشتبه بها، أو التي يتعرض لها الطالب في حرم المؤسسة التعليمية وما حوله أو في مرافقه أو حافلات النقل أو في المعسكرات والأنشطة الداخلية والخارجية التي يتم تنظيمها من قبل المؤسسة التعليمية أو الوزارة وفقاً للتشريعات والقوانين النافذة، مع الالتزام بحفظ السجلات لجميع حالات الإساءة في المؤسسات التعليمية.
وطالبت قيادة المؤسسة التعليمية بالتعاون مع اختصاصي حماية الطفل المعتمدين في مجال اختصاصاتهم وصلاحياتهم وتسهيل مهامهم المكلفين بها داخل المؤسسة التعليمية دون عرقلة ومعوقات يترتب عليها التأخير في اتخاذ التدابير اللازمة لحالات المتابعة أو المبلغ عنها.
5 أنواع
من جانبها، قالت موزة الشومي نائب مدير جمعية الإمارات لحماية الطفل، إن هناك 5 أنواع من الإساءات التي يتعرض لها الطفل في الأسرة أو المدرسة منها الجسدية التي توقع الأذى الجسدي على الطفل، والجنسية، والنفسية التي تسبب له أضراراً شديدة ودائمة.
مما يؤثر على نموه وتطوره النفسى، والإهمال وعدم قيام الوالدين أو القائمين على رعايته باتخاذ التدابير اللازمة للمحافظة على سلامته البدنية والنفسية والعقلية والأخلاقية من الخطر، وحماية حقوقه من المهارات التي يجب أن يتعلمها الطفل ذاتياً من خلال المناهج التعليمية والمعسكرات الصيفية، ولا يسمح بأن يستغله أحد حتى لا يكون ضحية ويؤثر على مستقبله الأكاديمي.
ولفتت إلى أهمية أن يكون هناك نظام استباقي في كل مؤسسات الدولة التعليمية للحفاظ على الطفل من الانحراف من خلال بيانات عنه ومعلومات عن أسرته تكون لدى الباحثين.
مشيرة إلى ضرورة وجود بيانات حصرية عن عدد المواليد بالدولة من وزارة الصحة وربطها بوزارة التربية والتعليم لمعرفة عدد الطلاب الذين يلتحقون بالمدارس كل عام. وقالت: «هناك أطفال لم يسجلوا في المدارس وليس لديهم بطاقات هوية ولا جوازات سفر».
جهود عالمية
وقالت مهرة المطيوعي مديرة المركز الإقليمي للتخطيط التربوي، إن العنف ضد الأطفال لا يزال مشكلة عالمية خطيرة تؤثر على حياة الملايين من الأطفال حول العالم، حيث يعيش أكثر من 1.1 مليار طفل في العالم في بلدان تتعرض فيها الأطفال لأشكال مختلفة من العنف منها الجسدي والجنسي والنفسي.
وتوصل التقرير الجديد الذي أصدرته اليونسكو ومنظمة الصحة العالمية واليونيسف أنّ طفلاً من بين كل طفلين في العالم، لا يزال يتعرض للعنف البدني أو الجنسي أو النفسي، ويعاني ما يناهز 300 مليون طفل في جميع أنحاء العالم، من بين أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين عامين و4 أعوام من أساليب التأديب العنيف من مقدمي الرعاية لهم.
وتعرض ثلث الطلبة الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و15عاماً في العالم للتنمر من أقرانهم، كما يتعرض الأطفال المشردون واللاجئون والمهاجرون والمجتمعات الفقيرة والمهمشة لمخاطر أعلى للعنف، وفقاً لتقرير اليونيسف لعام 2021.
مشاريع
وأضافت: «تعمل اليونسكو على تعزيز حقوق الطفل وحمايته من العنف في المدارس والجامعات، وتقوم المنظمة بتنفيذ العديد من المبادرات لتحسين الأنظمة التعليمية والتعلم عن بعد، وتضمن حماية الأطفال من العنف والإساءة في هذه المؤسسات التعليمية، كما تعمل المنظمة على تحسين الوعي حول قضية العنف ضد الأطفال.
وتقوم بتنظيم العديد من الحملات الإعلامية والتثقيفية لتوعية الجمهور بأهمية حماية الأطفال من العنف والإساءة، كما تقوم المنظمة أيضاً بتشجيع الدول الأعضاء على تبني سياسات وبرامج واضحة لحماية الأطفال من العنف، وتوفير الدعم اللازم لتنفيذ هذه السياسات والبرامج».
8 أسباب
ومن جانبه، حدد الدكتور عيسى صالح الحمادي الخبير التربوي ومدير المركز التربوي للغة العربية لدول الخليج، 8 أسباب لقسوة الوالدين على أولادهم متمثلة في التفكك الأسري.
والوضع الاقتصادي للأسرة، وضغوطات العمل، وأعباء الحياة، وعدم وعي بعض الآباء بالتعامل الأمثل مع أبنائهم في بعض المواقف الحياتية ومشكلاتها مع أبنائهم.
وكذلك المستوى التعليمي والفكري والمعرفي للوالدين أحياناً، وعدم اطلاعهم على متغيرات الحياة وآلية التعامل مع أولادهم في إطارها، وكذلك غياب القيم والمبادئ الإنسانية التي تؤدي إلى الصراع وسيطرة المشاعر القاسية في التعامل مع الأبناء وضربهم وإهانتهم.
ولفت إلى أن هذه الأسباب تنعكس سلباً على الأبناء في بغضهم للوالدين وللمعلمين بل والتعليم انتقاماً من الوالدين وقسوتهم من خلال رفضهم الذاتي لتلبية طموحات والديهم من خلالهم وعدم تحقيق التفوق والتعلم، فالسلطة الأبوية لا تترك مجالاً للأولاد في اتخاذ قراراتهم الخاصة بحياتهم.
لذلك تؤثر في فقدانهم للثقة بالنفس، بل وتتسبب في البعد النفسي بينهم وبين والديهم وعدم الإفصاح عن مشاعرهم ومشكلاتهم الحياتية، وهذا قد يؤدي للجوء الأبناء إلى أقران غير أسوياء من أجل التعبير عن مشاعرهم ومشكلاتهم وغيرها.
وأوضح أن قسوة الوالدين في التعامل مع الأبناء قد تسبب التشتت الذهني وضعف الإدراك وتدني مستوى التفكير وتدني مستوى الدافعية للتعليم والعصيان التربوي والتعليمي والتمرد والتنمر والضياع.
رأي تربوي
وقال الدكتور ماهر حطاب الخبير التربوي ومدير مدرسة الأهلية الخيرية فرع عجمان، إن تنشئة الطفل تعني أن نعده لحياة كريمة آمنة ومستقرة، وأن ينعم الطفل بالأمان والسعادة والاستقرار وتشمل إعداده معرفياً وقيمياً وفكرياً وعاطفياً وتجنيبه كل مظاهر العدوان والتنمر.
وأن يكون غير متقبل للممارسات غير الإنسانية، وأن يعي تماماً ما تعنيه كلمة الإنسانية والحياة الكريمة.وأوضح أن مسؤولية التنشئة تتحملها المدرسة أكثر من البيت.
لأنها مؤسسة أعددت خصيصاً لهذا الغرض وتأهل العاملون فيها لهذه الغاية، فعندما يمر الطفل بظروف استثنائية مثل فقدان الوالدين أو عدم كفاءتهم للتنشئة الصالحة فإن الأمل يظل معقوداً على المدرسة، التي يجب أن تتحمل مسؤوليتها الأخلاقية في التربية والتعليم، وأن يتحلى المعلمون بالصبر وحسن التخطيط لبناء شخصية الطفل السوية.
ونوه بأن المعلمين الذين تأهلوا لمهمة التربية والتعليم وتسلحوا بالعلم والمعرفة، وطوروا خبرات عملية في تعديل السلوك وبناء الاتجاهات وتعزيز الممارسات السوية هم الأقدر على تحمل هذه المسؤولية وإعادة صياغة الطفل من جديد بغض النظر عن البيئة الأسرية التي عاشها من قبل.
وتابع: «تتحمل المدرسة والأسرة مسؤولية حماية الطفل من كل مظاهر الاعتداء عليه والتنمر من كل الأطراف التي تحيط به، وحماية الطفل يجب أن يحس بها أولاً من الوالدين والمدرسة.
فتعرض الطفل لعدوان من الوالدين أو المعلمين يحطم نفسيته ويشوه قيمه الإنسانية، وعلى المربين أن يعلّموا الطفل كيف يحمي نفسه من اعتداءات الآخرين، وما هي الأعمال التي يجب أن يدرأها عن نفسه ولا يسمح بها، حتى يحافظ على حياة إنسانية كريمة».
ولفت إلى أن الإمارات تميزت عن غيرها من الدول العربية والأجنبية في حماية الطفولة وجعلها جزءاً من منهاجها التعليمي ومعياراً مهماً في تقييم المؤسسات التعليمية، وقد أنشأت المؤسسات والمنظمات التي تخصصت في رعايتها للطفولة وتستقبل كل الشكاوى التي يتعرض لها الطفل وتتعامل معها بحزم وقوة.
حماية
«لا للإساءة للطفل ونعم لحماية حقوقه في البيئة المدرسية» هدف رئيسي انطلقت من أجله الحملة الوطنية لحماية الطفل في المؤسسات التعليمية التي أطلقتها وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع جمعية توعية ورعاية الأحداث من خلال فعاليات وأنشطة توعوية للأطفال والأسر حتى لا يتعرض الطفل للإهمال والإساءة، ويحافظ على حقوقه الصحية والتعليمية، ويعبر عن رأيه بحرية.
وحول دور مؤسسات المجتمع المدني في توعية الأسرة والمجتمع، قالت بدرية إلياسي مدير مدرسة الانصارية في دبي ورئيسة اللجنة التربوية بجمعية توعية ورعاية الأحداث: إن حملات التوعية التي تقوم بها الجمعية تعمل على رفع مستوى الوعي لدى المجتمع بحقوق الطفل ودور المدارس مهم مع الأسرة في بناء شخصية الطفل وحمايته وتوعيته بحقوقه.
وأشارت إلى أن الجمعية حرصت على تنفيذ عدد من ورش التوعية ومنها ورش فنية استهدفت الأطفال من عمر 7 إلى 14 عاماً تضمنت فيديو توعوياً بث على وسائل التواصل الاجتماعي وفي المدارس، حيث تناول حقوق الطفل وإهمال الوالدين له بسبب انشغالهم.
بالإضافة إلى البرامج التدريبية التي قام بها أعضاء الجمعية لتدريب المعلم والأخصائي الاجتماعي والمرشد الإعلامي على مستوى المدارس الحكومية، مؤكدة سعي الجمعية بأن تكون قريبة من الأسر والطلبة في المنازل والمدارس لتحقيق العمل الإرشادي التوجيهي التطوعي الحقيقي.
مسؤولية مشتركة
من المسؤول عن حماية الطفل؟ سؤال أجابت عنه الدكتورة وفاء مصطفى الاستشارية الأسرية، حيث قالت إن حماية الطفل مسؤوليتنا جميعاً وفشل الأسرة في تربية الطفل تجعله غير سوى نفسياً، فدورها مكمل للمدرسة ولا بدّ من التعاون والتكامل بينهما، مؤكدة أن إهمال الطفل يجعله شخصية عدوانية متنمرة على الآخرين.
وطالبت بضرورة توعية الأسرة للعناية بالطفل لحمايته من الانحراف لأن إهماله يشعره بفراغ نفسي، كما أن انشغال الآباء وفقد الحوار والتواصل يجعل الأبناء منعزلين.
وقالت فاطمه شاكر باحثة قانونية وأخصائي حماية حقوق الطفل، إن هناك قوانين اتحادية لحماية الطفل تطرقت إلى جميع المسميات التي تخدم الطفل في البيئة المدرسية والأسرية وجميع الجهات المعنية.
وأكدت ضرورة توعية الأسرة عن حقوق الطفل وتوعية القائمين على رعايته من مدرسين ومعنيين بالمدرسة ونشر برامج مثل «كيف تقول لا» وهو توعوي للأطفال لحماية أنفسهم من أي معتدٍ متحرش أو متنمر، بالإضافة إلى «برنامج حماية حقوق الطفل» قانون «وديمة»، منوهة بأنه كلما كانت البيئة الأساسية للطفل صالحة ومتوازنة بدون خلافات أسرية كان الطفل في بيئة سليمة آمنة ومستقرة.
وأضافت: «هناك مؤتمرات وملتقيات محلية تتحدث عن منظومة حماية الطفل تسعى لمعرفة كل ما هو جديد من قوانين حماية الطفل وتطبيقها وتنفيذها لأن من أمن العقوبة أساء الأدب، وهناك ما يسمى بمسؤولية متولي الرقابة على الطفل سواء كان والداه هما المعنيان برعايته وحمايته وتوفير احتياجاته أو كانت أسرة بديلة أو دور الإيواء، وهذه القوانين يمكن أن تعرضه للمساءلة في حال كان هناك إهمال أو إساءة للطفل».
إضرار بالنمو
وقالت الدكتورة ميساء عبدالله راشد مستشارة تربوية ونفسية: «يتعرض الكثير من الأطفال إلى أساليب التجاهل والعنف وسوء المعاملة والإهمال، ويحدث ذلك من قبل الوالدين أنفسهم في تلك المرحلة، مما يؤثر على نمو الأطفال، وهذا ما يترك آثاراً تضر بالنمو الإدراكي والجسدي لديهم ويستمر تأثيرها إلى مرحلة البلوغ في كثير من الأحيان».
وأكدت أهمية صياغة الوالدين قواعد سلوك تسهم في بلورة أهداف تنظم حياة الأطفال، واتباع أساليب تربوية صحيحة في تنشئة الأطفال وترك أساليب العنف وسوء المعاملة والتهديد واستبدالها بعبارات العطف الإيجابية واستخدام الحوافز المرغوبة لدى الأطفال.
وشددت على دور المؤسسات التعليمية في حماية ومتابعة الأطفال الذين يعانون من الإهمال داخل أسرهم وحل مشاكلهم بالتواصل الفعال مع أولياء الأمور وتوعيتهم بضرورة اتباع الأساليب المعززة لتقوية التكوين الشخصي للأطفال في هذه المرحلة والحفاظ على سلامة الطلبة نفسياً واجتماعياً وبدنياً، وهذا ما يعزز مستويات تعليمية عالية لدى الأطفال في هذه المرحلة.
ولفتت إلى أن الكثير من الدراسات تؤكد أن الوالدين المهملين لديهم تاريخ سابق من حيث تعرضهما لتجربة الإهمال في مرحلة طفولتهما، أو تكون الظروف المعيشية هي السبب مثل العلاقات الشخصية غير الداعمة أو غير المنظمة.
وذكرت أن للإهمال عواقب اجتماعية وعاطفية ومعرفية وسلوكية ضارة في جميع مراحل التطور، على سبيل المثال، تم ربط الإهمال الاجتماعي والعاطفي بمشاكل الاستيعاب، في حين يرتبط الإهمال التعليمي بالأداء الأكاديمي المنخفض.
%7
تفيد أرقام صدرت أخيراً عن هيئة تنمية المجتمع في دبي، بأنها تتلقى بلاغات عن حالات اعتداء أو إيذاء متكررة يتعرض لها أطفال من «أقرب الناس إليهم»، وتحديداً من الأب والأم، فيما لم تسجل أي حالة من هذا النوع من جانب الجد، وحلت الأم في المرتبة الثانية بين المتسببين بالإيذاء للطفل من العدد الكلي المسجل في الحالات الواردة للهيئة، إذ بلغت نسبة الأمهات 33 %.
كما سجل الوالدان معاً 7 % من مرتكبي الإساءة بحق الطفل، مقابل 2 % لكل من الصديق أو الزميل في المدرسة أو النادي، والمعلم أو المعلمة، أو الأخت، في وقت لم تتعدّ فيه نسبة مرتكبي الإساءة من الفئات المساعدة 1 % من مجموع الحالات الواردة للهيئة.
ويمثل الآباء النسبة الأكبر من المسيئين لأطفالهم في مجموع البلاغات المقدمة لـ«الخط الساخن» لحماية الطفل في الهيئة.
8
تطبق أحكام السياسة الوطنية في مؤسسات التعليم العام الحكومية والخاصة على مستوى الدولة سواء أكان التعليم مباشراً، أم تعليماً عن بعد في مؤسسات تعليمية عادية أو افتراضية، وتستهدف الأطفال في مؤسسات التعليم العام الحكومية والخاصة، وركزت على 8 أهداف، تتمثل في إعداد وتنفيذ آليات وتدابير حماية الطفل في المؤسسات التعليمية، وتوفير البيئة المدرسية الآمنة لحماية الطفل.
بالإضافة إلى تمكين الطفل من حقوقه، خصوصاً الحقوق التعليمية وحقه في الحماية، ووضع نظام للتبليغ والاستجابة لحالات الاشتباه في أي نوع من أنواع الإساءة.
والتعريف بتقديم أوجه الحماية والدعم الاجتماعي والنفسي والرعاية اللاحقة لحالات الإساءة للطفل، وتعزيز السلوك الإيجابي وبناء علاقات مدرسية اجتماعية إيجابية، ورفع كفاءة العاملين في الميدان التربوي في مجال حماية الطفل والوقاية من التنمر، فضلاً عن التنسيق مع الجهات المعنية لضمان حقوق كل الأطفال في المؤسسات التعليمية.
10
شدد القانون الإماراتي على ضرورة أن يضطلع اختصاصي حماية الطفل بتطبيق تدابير الحماية للطفل، إذا وجد ما يهدد سلامته أو صحته البدنية أو النفسية أو الأخلاقية أو العقلية، باتباع 10 إجراءات هي:
إخراج الطفل من موقع الخطر ووضعه في مكان آمن يضمن حمايته، وفقاً لتقديره لمستوى الخطر المحدق بالطفل، وإجراء بحث اجتماعي شامل يوضح فيه الظروف والملابسات المحيطة بالطفل ورفع تقرير إلى الجهة الإدارية التي يتبعها مشفوعاً بالتوصيات لاتخاذ ما يلزم بشأنه وإعادة تأهيل الطفل نفسياً وجسدياً من قبل المختصين.
وإلحاق القائم على رعاية الطفل ببرامج تدريبية لضمان حسن معاملة الطفل ونموه الطبيعي والقيام بزيارات ميدانية للطفل إذا اقتضى الأمر ذلك، بغرض الاطمئنان على أحواله وحل ما يمكن أن يتعرض له من مشكلات.
اقرأ أيضاً:
تربويون وأولياء أمور: الأسرة المسؤول الأول عن حمايــة الطفل