استخدم العلماء الحمض النووي لأول مرة كـ”آلة للزمن” لتسليط الضوء على قرن من التغير البيئي في بحيرة مياه عذبة، بما في ذلك ارتفاع درجات الحرارة والتلوث، مما يؤدي إلى خسارة لا رجعة فيها للتنوع البيولوجي.
ويتكون الفريق الدولي الذي أجرى الدراسة من باحثين من جامعة برمنغهام البريطانية، بالتعاون مع جامعة جوته في فرانكفورت الألمانية، واعتمد نهجهم على استخدام الذكاء الاصطناعي لدراسة التنوع البيولوجي القائم على الحمض النووي، ومتغيرات المناخ والتلوث. ويمكن أن يساعد هذا النهج المنظمين على حماية مستويات التنوع البيولوجي الحالية على الكوكب، أو حتى تحسينها.
الملوثات والاحترار
وكما يقول بيان صحفي صادر عن جامعة برمنغهام، فقد استخدم الباحثون الرواسب من قاع بحيرة في الدانمارك لإعادة بناء سجل 100 عام عن التنوع البيولوجي والتلوث الكيميائي ومستويات تغير المناخ من عمرها. وتتمتع هذه البحيرة بتاريخ من التحولات الموثقة جيدا في نوعية المياه، مما يجعلها تجربة طبيعية مثالية لاختبار آلة الزمن الخاصة بالتنوع البيولوجي.
ومن خلال نشر النتائج التي توصلوا إليها والتي نشرت في دورية “إي لايف”، كشف الباحثون أن الرواسب تحمل سجلا مستمرا للإشارات البيولوجية والبيئية التي تغيرت بمرور الوقت من البيئات “شبه” البكر في بداية الثورة الصناعية إلى الوقت الحاضر.
وقد استخدم الفريق الحمض النووي البيئي (المواد الوراثية التي خلفتها النباتات والحيوانات والبكتيريا) لبناء صورة لمجتمع المياه العذبة بأكمله. وبمساعدة الذكاء الاصطناعي، قاموا بتحليل المعلومات، جنبا إلى جنب مع بيانات المناخ والتلوث، لتحديد ما يمكن أن يفسر الخسارة التاريخية للأنواع التي عاشت في البحيرة.
ووجد الباحثون أن الملوثات -مثل المبيدات الحشرية ومبيدات الفطريات- إلى جانب الزيادات في درجة الحرارة الدنيا (زيادة قدرها 1.2-1.5 درجة) تسببت بأكبر قدر من الضرر لمستويات التنوع البيولوجي فيها.
معرفة للماضي.. بصيرة للمستقبل
وقالت نيامه إيستوود المؤلفة الرئيسية وطالبة الدكتوراه في جامعة برمنغهام: “إن فقدان التنوع البيولوجي الناجم عن هذا التلوث وارتفاع درجة حرارة المياه قد يكون لا رجعة فيه، حيث لن تتمكن جميع الأنواع التي عثر عليها في البحيرة منذ 100 عام والتي فقدت، من العودة. لذا ليس من الممكن إعادة البحيرة إلى حالتها الأصلية، على الرغم من أن البحيرة تتعافى. ويُظهر هذا البحث أنه إذا فشلنا في حماية التنوع البيولوجي، فقد نفقد الكثير منه إلى الأبد.
وقال الدكتور جياروي تشو المؤلف الرئيسي المشارك والأستاذ المساعد في المعلوماتية الحيوية البيئية بجامعة برمنغهام: لقد أظهرنا قيمة الأساليب القائمة على الذكاء الاصطناعي في فهم الأسباب التاريخية لفقدان التنوع البيولوجي. ومن خلال التعلم من الماضي، يمكن لنماذجنا الشاملة أن تساعدنا على التنبؤ بالخسارة المحتملة للتنوع البيولوجي مستقبلا.
ويقوم الباحثون حاليا بتوسيع دراستهم الأولية على بحيرة واحدة لتشمل بحيرات في إنجلترا وويلز. وستساعدهم هذه الدراسة الجديدة على فهم مدى قابلية تكرار الأنماط التي لاحظوها، وبالتالي، كيف يمكنهم تعميم النتائج التي توصلوا إليها بشأن التلوث وتغير المناخ على التنوع البيولوجي للبحيرات.