هل سمعت عن الغاز الأكثر قدرة على إحداث الاحتباس الحراري؟ إنه غاز سداسي فلوريد الكبريت أو “إس إف6” (SF6) الذي يفوق تأثيره على الاحترار آلاف المرات غاز ثاني أوكسيد الكربون، ويستخدم على نطاق واسع في المعدات الكهربائية عالية الطاقة بغرض العزل الكهربائي.
هذا الغاز يبدو أن نهاية استخدامه قد اقتربت، بعد إعلان باحثين كوريون تطوير بديل له صديقا للبيئة يتمتع بنفس خصائص العزل الكهربائي، مما سيزيد في أمل التخلص نهائيا من غاز “إس إف 6” ويساهم في الحد من الاحتباس الحراري.
منافع “إس إف 6” وتأثيره الكارثي على الاحترار
قد لا يكون الكثير من الناس قد سمع عن غاز “إس إف 6” من قبل، وهو غاز اصطناعي عديم اللون والرائحة وغير سام وغير قابل للاشتعال وله عدد من الخصائص الفريدة والمفيدة في عدد من التطبيقات الصناعية. لذلك، يستخدم على نطاق واسع في العديد من التطبيقات الصناعية والعلمية والطبية. ويعتبر هذا الغاز عازلا كهربائيا عالي الكفاءة، ولا يوصل الكهرباء، وهي خاصية تجعل منه خيارا آمنا للاستخدام في المعدات الكهربائية ذات الجهد العالي، مثل المحولات والمفاتيح الكهربائية وقواطع الدوائر الكهربائية.
في المقابل، يعد “إس إف 6” أحد أقوى غازات الدفيئة، مع قدرة على إحداث الاحتباس الحراري تفوق 25200 مرة ثاني أكسيد الكربون، وفق أحدث الدراسات. مما يعني أن تأثير كيلوغرام واحد من هذا الغاز تعادل تأثير أكثر من 25 طنا من غاز ثاني أوكسيد الكربون. ووفقًا للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، فإن الانبعاثات السنوية لغاز “إس إف 6” زادت بشكل مطرد منذ الثمانينيات مما أدى إلى ارتفاع نسبة تركيز هذا الغاز في الغلاف الجوي لتبلغ الآن حوالي 10 أجزاء في التريليون جزء.
يعد التأثير البيئي لغاز “إس إف 6” مثيرا للقلق بشكل خاص لأنه يبقى في الغلاف الجوي لفترة طويلة للغاية، ويقدر عمره بأكثر من 3200 عام. وهذا يعني أن انبعاثات اليوم ستستمر في التأثير على البيئة لآلاف السنين. لذلك فمن المهم للصناعة ولواضعي السياسات اتخاذ خطوات لتقليل الانبعاثات وإيجاد حلول بديلة أكثر استدامة.
وعلى الرغم من بذل الكثير من الجهود في جميع أنحاء العالم لتطوير غاز صديق للبيئة يمكن أن يحل محل سداسي فلوريد الكبريت، إلا أنها لم تحقق نتائج ملحوظة بعد، لأن تطوير غاز بديل لسادس فلوريد الكبريت أكثر صعوبة من تطوير أدوية جديدة، كما يقول بعض الخبراء.
غاز بديل صديق للبيئة
في هذا السياق قام باحثون من المعهد الكوري لأبحاث التكنولوجيا الكهربائية (KERI) مؤخرا بابتكار “غاز عازل صديق للبيئة” ليحل محل سداسي فلوريد الكبريت (SF6)، كما قاموا بتطوير تقنية جديدة لجعله قابلا للاستخدام في المعدات الكهربائية عالية الطاقة.
وبحسب موقع “ساينس تك دايلبي” نقلا عن بيان للمعهد فإن الغاز المبتكر الذي أطلق عليه اسم “كي 6” (K6) يتميز بنفس الخصائص العازلة للكهرباء إضافة إلى كونه لا يضر بالبيئة.
لم يكشف المعهد عن التركيبة الكيميائية للغاز الجديد لكنه قال إن عملية التطوير شملت عدة مراحل تضمنت تصنيف المواد ذات القدرة المنخفضة على الاحتباس الحراري، المستخدمة حاليا في الصناعة، ثم تحليل خصائصها الكهربائية والكيميائية. وتم اختيار المواد التي تدخل في تركيبة الغاز الجديد بناء على نتائج اختبارات أداء العزل وقابلية الاشتعال، ثم استخلاص النسب المثالية للتطبيق على أجهزة الطاقة بهدف تطوير غاز عازل صديق للبيئة.
لا يحتوي الغاز الجديد على أي مكونات سامة أو خطيرة على الصحة والبيئة، وفق البيان، وتبلغ قدرته على إحداث الاحتباس الحراري أقل من 1، أي دون قدرة غاز ثاني أوكسيد الكربون. كما أن “نقطة الغليان” لهذا الغاز منخفضة جدا وتقع عند 26 درجة مئوية تحت الصفر، مما يجعله غازا مستقرا قابلا للتطبيق في معظم المناطق من العالم.
واجتاز الغاز الجديد اختبارات التطبيق على قواطع الدوائر الكهربائية ذات الجهد العالي للغاية (145 كيلو فولت) على مستوى ناقل الحركة وفقًا للمعايير الدولية للجنة الكهروتقنية الدولية (IEC)
وبحسب الدكتور يون هو أوه، رئيس مركز أبحاث أجهزة الطاقة الصديقة للبيئة في المعهد الكوري لأبحاث التكنولوجيا الكهربائية فإن غاز “كي 6” يتمتع بأداء أفضل من غاز “إس إف 6” إضافة إلى كونه صديقا للبيئة. لذلك من المتوقع أن يكون للغاز الجديد تأثير كبير في جعل الأجهزة المستخدمة في مجال الطاقة العالية أقل ضررا بالبيئة وأقل مساهمة في الاحتباس الحراري.
—————————————————
المصادر
- Korean Scientists Develop New Technology To Replace SF6, a Major Cause of Global Warming
- Eco-friendly gas insulating medium for next-generation SF6-free equipment