تعاني السلطة الفلسطينية أزمة مالية في ظل قيود إسرائيلية متزايدة، وذلك بموازاة تصاعد الغليان الشعبي فيها على وقع العدوان الإسرائيلي المدمر على غزة.
وتواجه الضفة الغربية المحتلة تدهورا متواصلا في الوضع المالي مند شن إسرائيل حربها على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول، مع وقف تسليم السلطة الفلسطينية كامل عائدات الضرائب التي تقوم بجبايتها لصالحها.
تراجع العائدات
ويشكو رجال أعمال فلسطينيون من تراجع كبير في عائداتهم منذ اندلاع الحرب في غزة.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن عماد رباح الذي يملك مصنعا للبلاستيك قوله، إن أرباحه الصافية تراجعت بنسبة النصف خلال عام واحد.
وبموجب “اتفاق أوسلو”، تجمع إسرائيل الأموال للسلطة الفلسطينية التي تمارس حكمًا ذاتيًا محدودًا في أجزاء من الضفة الغربية.
لكن بعد شن إسرائيل حربها المدمرة في قطاع غزة، أوقفت تسليم السلطة الفلسطينية كامل المبلغ العائد لها، متذرعة بأن المال يستخدم من أجل تمويل حركة حماس.
وتحتاج السلطة الى هذه المبالغ لدفع رواتب موظفيها ولتأمين نفقاتها، وفق مسؤولين وخبراء.
وقد يتفاقم الوضع في يوليو/تموز إذ هدد وزير المالية الإسرائيلي اليميني بتسلئيل سموتريتش في مايو/أيار الماضي بقطع قناة مصرفية حيوية بين إسرائيل والضفة الغربية ردا على اعتراف 3 دول أوروبية بدولة فلسطين.
وأبلغ سموتريتش رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو بأنه “لا يعتزم تمديد” الضمانات الممنوحة للمصارف الإسرائيلية المتعاملة مع المصارف الفلسطينية لإعطائها حصانة من أي دعاوى قضائية قد تواجهها بتهمة “تمويل الإرهاب”، وفق قوله.
وهذه الحماية السنوية التي تمنحها الحكومة الإسرائيلية وتنتهي مدتها في 30 يونيو/حزيران ضرورية للسماح لمصرفي “هبوعليم” و”ديسكاونت بنك” الإسرائيليين بمواصلة لعب دور المراسلة بين البنوك الفلسطينية ونظيراتها في إسرائيل والدول الأخرى.
كما قرر سموتريتش اقتطاع نحو 35 مليون دولار من عائدات الضرائب التي تمّ تحصيلها لصالح السلطة الفلسطينية وتحويلها إلى عائلات “ضحايا الإرهاب”، متهما السلطة الفلسطينية بـ”تشجيع الإرهاب”، وفق قوله، عبر دفع أموال لعائلات الشهداء والأسرى بمن فيهم المفرج عنهم.
أزمة إنسانية
وأثارت تهديدات الوزير الإسرائيلي مخاوف كبرى في واشنطن، إذ رأت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين أن “قطع المصارف الفلسطينية عن المصارف الإسرائيلية المتعاملة معها سيولد أزمة إنسانية”.
وشددت على أن “هذه القنوات المصرفية أساسية للقيام بتحويلات تسمح بنحو 8 مليارات دولار من الواردات الآتية من إسرائيل بما في ذلك الكهرباء والمياه والوقود والمواد الغذائية، وتسهل نحو ملياري دولار من الصادرات في السنة، يعول عليها الفلسطينيون لتأمين معيشتهم”.
من جانبه، أوضح محافظ سلطة النقد الفلسطينية فراس ملحم، أن قطع القنوات المصرفية “سيكون له تأثير كبير علينا لأن اقتصادنا يعتمد على الاقتصاد الإسرائيلي ولأن إسرائيل تسيطر على الحدود”.
وتضرر الفلسطينيون بفعل منع العمال من الدخول إلى إسرائيل للعمل، وبسبب تراجع حاد في النشاط السياحي في الضفة الغربية.
وعلى الصعيد الأمني، تشهد الضفة الغربية تصاعدًا في العنف منذ أكثر من عام، تفاقم بصورة خاصة مع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، مما أدى إلى استشهاد أكثر من 546 فلسطينيًا على أيدي القوات الإسرائيلية أو مستوطنين وفقا لمسؤولين فلسطينيين.
وتخشى الدول الغربية أن تثير سياسة إسرائيل الاقتصادية فوضى في الضفة الغربية.
وحذر مصدر دبلوماسي أوروبي في القدس طالبا عدم كشف هويته، من أن “النظام المصرفي قد ينهار.. السلطة الفلسطينية في أزمة مالية وقد تنهار قبل أغسطس/آب المقبل”.
ورأى موسى شامية الذي يملك شركة تصنع ملابس، أن السياسة الإسرائيلية هدفها دفع الفلسطينيين إلى مغادرة الضفة الغربية.
وقال إن الإسرائيليين “يريدون أن نغادر أرضنا، وهم يعرفون أنه سيكون من الصعب علينا البقاء إذا لم يكن بإمكاننا مزاولة أعمال”.
وأوصى فراس ملحم بأنه “علينا العمل على خطة بديلة فيما يتعلق بالعلاقات التجارية”.