يصارع الطفل الفلسطيني محمد القرا آلاما شديدة في عينه التي تورمت وبرزت خارج رأسه نتيجة إصابته بمرض السرطان خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وعلى سرير داخل مستشفى ناصر الطبي بمدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، يرقد الطفل البالغ من العمر 5 سنوات، دون تلقي العلاج لتخفيف آلامه أو معالجة مرضه الذي يزداد سوءا يوما بعد يوم.
وتخشى عائلة القرا على حياة طفلها الذي يعاني في ظل عدم تمكنه من تلقي العلاج اللازم، بسبب نقص الموارد الطبية في القطاع وفرض إسرائيل سيطرتها على المعابر وإغلاقها.
وتسببت سيطرة الجيش الإسرائيلي على معبر رفح الحدودي مع مصر في منع خروج الجرحى لتلقي العلاج في الخارج، ما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية ووفاة أكثر من ألف طفل، وهو ما أضاف معاناة جديدة لمأساتهم المستمرة، بحسب المكتب الإعلامي الحكومي بغزة.
واكتشفت عائلة القرا مرض طفلها محمد أثناء نزوحهم إلى منطقة “المواصي” -غربي مدينة خان يونس– حيث لم يكن يعاني أي مرض أو أعراض قبل اندلاع الحرب.
ويضطر الفلسطينيون للنزوح من مكان إلى آخر بحثًا عن ملاذ آمن في ظل التهديدات الإسرائيلية ببدء عمليات عسكرية في مناطقهم السكنية.
وينزح الفلسطينيون إلى بيوت أقربائهم ومعارفهم، وبعضهم يقيم خياما في الشوارع والمدارس، في ظل ظروف إنسانية صعبة حيث لا تتوفر المياه ولا الأطعمة الكافية، وتنتشر الأمراض.
ولأكثر من مرة، حذرت مؤسسات صحية محلية ودولية من انتشار الأمراض والأوبئة في صفوف النازحين نتيجة التكدس في مراكز الإيواء وانعدام سبل النظافة الشخصية والعلاجات اللازمة.
وجه مشوه وحلم مهدد
وظهر مرض السرطان في عين الطفل محمد بشكل واضح، حيث أصبحت متورمة وبارزة خارج رأسه.
ولم يعد القرا قادرًا على مغادرة الفراش بعد إصابته بالمرض، على عكس ما كان عليه سابقا نشيطا يلعب ويلهو بشكل طبيعي مع أصحابه.
وكان الطفل يحب كرة القدم بشغف كبير، ويقضي ساعات طويلة في اللعب بالشوارع والملاعب في قطاع غزة.
ويطمح محمد أن يصبح لاعبا مشهورا في صفوف منتخب فلسطين ويشارك في بطولات محلية ودولية، لكن مرضه الحالي أجبره على البقاء طريح الفراش، وجعل حلمه بعيد المنال، بالإضافة إلى تأثير الحرب الذي زاد من صعوبة تحقيق أمنيته، كما أفادت عائلته.
10 آلاف مريض سرطان
ووفقًا لإحصائيات صادرة عن المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، فإن هناك نحو 10 آلاف مريض سرطان في القطاع مهددون بالموت جراء تبعات نقص الدواء والغذاء بفعل الحرب الشرسة.
وداخل المستشفى، ترافق الطفل محمد جدته المسنة صبحية عطية، تتلمس رأسه وتدعو له بالشفاء، وتأمل أن يعود إلى حالته السابقة شغوفا ومبتهجا.
وقالت الجدة النازحة من منطقة الزنة -شرقي خان يونس- “بشكل مفاجئ، أثناء النزوح، تورمت عين محمد ونحن في منطقة المواصي بمدينة خان يونس. اكتشفنا أنه مصاب بمرض السرطان ويحتاج إلى علاج عاجل، لكن في قطاع غزة المعابر مغلقة ولا يوجد أي علاج متاح”.
وتابعت، “دخان الصواريخ أثر على عينه، إذ كان طفلا طبيعيا لا يعاني أي مرض، ولكن عند نزوحه وتعرضه لدخان الصواريخ، أصيب بالمرض. حالته تزداد سوءا يوما بعد يوم بسبب نقص العلاج وعدم تمكنه من السفر خارج القطاع”.
وناشدت المسنة دول العالم “العمل على إخراج الطفل للعلاج خارج غزة، لكي يعود ويعيش حياته الطبيعية كباقي أطفال العالم”.
وحذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف” الجمعة، من أن “كثيرا من الأطفال في قطاع غزة باتوا غير قادرين على النوم وعيش طفولتهم بهدوء لهول ما رأوه جراء الحرب الإسرائيلية”، معربة عن خشيتها على مستقبلهم في حال استمرار الحرب.
وطالب مسؤول الإعلام بمنظمة اليونيسيف لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سليم عويس، المجتمع الدولي بالتدخل لوقف الحرب والاهتمام بمستقبل أطفال غزة.
وقال عويس إن “الأطفال في غزة لا يعيشون طفولتهم. الأمراض الجلدية والتهابات الجهاز التنفسي والإسهال باتت شائعة بين أطفال غزة”.
ولفت إلى أنه “من الصعب جدا على الأطفال العيش في خيام خلال صيف لاهب تصل حرارته إلى 35 درجة، وتزيد داخل الخيام بين 5 و10 درجات مئوية”.
وتابع أن “النوم يجافي عيون كثير من أطفال غزة لأنهم يفكرون دائما في هول ما رأوه، ويشعرون بالخوف جراء استمرار الحرب”، مؤكدا أن “هناك أمورا كثيرة يجب على المجتمع الدولي القيام بها من أجل أطفال غزة”.
وتشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حربا على غزة خلّفت نحو 133 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود.