تستمر آثار تغير المناخ القاسية في التأثير على العالم، مما يجعل “العمارة الخضراء” ضرورة ملحة للمساهمة في تقليل الانبعاثات وهدر الطاقة من جهة، وتخفيف تأثيرات التغيرات المناخية العنيفة من جهة أخرى. فضلا عما تمنحه تلك النوعية من البناء من طاقة إيجابية، بالمقارنة مع طرق البناء القديمة، التي تم ربطها لاحقا بمجموعة من الأمراض التي تعرف بـ”متلازمة العمارة المريضة”.
هناك مجموعة من الإجراءات من شأنها المساهمة في تحويل المنازل المريضة إلى منازل خضراء، ما يساهم في جودة حياة أفضل، لكن ما تلك الحيل؟
متلازمة العمارة المريضة
هل تشعر بالمرض حين تصل إلى بيتك؟ بحسب المؤرخة والمعمارية بياتريس كولومينا فإنه يمكن للهندسة المعمارية، أن تكون سببا بقصد، أو من دون قصد في تفاقم الأمراض، بل إن مرض السل، كان سببا في تغير كثير من التصميمات في العصر الحديث لتصبح أكثر اهتماما بوصول ضوء الشمس والهواء النقي، والاتصال الواضح بين الداخل والخارج، لكن مزيد من الأمراض باتت مرتبطة بالعمارة في عصرنا الحديث مثل الاكتئاب وتشتت الانتباه ومتلازمة الإرهاق، والحساسية، وغيرها من المشكلات الصحية المرتبطة بأنماط العمارة الحديثة.
ربما هذا ما دفع البعض لمحاولة الوصول إلى حيل من شأنها إيجاد حل ولو بسيط للمشكلة.
انثر الأخضر حولك
تعد الخطوة الأولى في تحويل المنزل المريض إلى آخر أخضر، هي زراعة النباتات المنزلية، والتي تعمل على تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى أكسجين، ويرشح المتخصصون، كل من نبات التين أو الدراسينا للمبتدئين من أجل إضفاء لون أخضر، وإيجاد تكييف طبيعي في الوقت ذاته، مع الحرص على ضمان تدفق الهواء في جميع أنحاء المبنى وخارجه، وتنظيف قنوات التهوية دوريا لتجنب انتشار البكتيريا والفيروسات.
ويقترح الخبراء أيضا زراعة الأعشاب في المنزل، ونباتات مثل البقدونس والكزبرة الخضراء والشبت التي تضفي مشهدا جميلا لطاولة المطبخ، ويقترحون أيضا استخدام المياه الناتجة عن غسيل الخضروات في ري الزرع من حولك، مؤكدين أنه سيكون من المفيد لو تعلمت كيفية عمل السماد منزليا، الأمر الذي يساهم في تقليص القمامة إلى حد بعيد.
استحضر عادات الجدات
يمكن لعدد من عادات الجدات أن تمنح البيت سلاما وطاقة إيجابية كتلك التي اعتدت الشعور بها في الماضي، عبر مجموعة من الحيل التي اعتدن تطبيقها مثل:
- إسدال الستائر للحماية من الحرارة الزائدة، أو الهواء البارد، القادم من الخارج، حيث تساهم الستائر في تدفئة المنزل شتاء بالحماية من التيارات الباردة، وتبريده صيفا بالحماية من أشعة الشمس الساخنة.
- توزيع الملابس والأغراض القديمة، التي لا تقوم باستعمالها بنسبة 95% على مدار العام، مما يخفض المساحات المستهلكة في منزلك ومن ثم يسمح بتدفق أفضل للهواء فضلا عن صنع حيز أوسع لعينيك ومساحة أفضل للحركة.
- استخدام الماء البارد لغسيل الملابس وليس الساخن، هذا لن يوفر الكهرباء فقط، ولكنه سيساهم في تنظيف الملابس بشكل أفضل، حيث تساهم الحرارة المرتفعة في تثبيت البقع وليس إزالتها كما يتصور البعض.
- تجنب استخدام مجفف الغسالات، وتعريض الملابس المبللة للهواء وحرارة الشمس، فهذا لن يخفض استهلاكك للطاقة فقط، ولكنه أيضا سينقذ الملابس من التجعد.
- إزالة القابس الكهربائي في حالة عدم استخدام الجهاز، لإيقاف استهلاك الكهرباء وترك الانبعاثات الساخنة.
- تخصص حقيبة من القماش، كما كانت الجدات يفعلن، وتخصيصها للتسوق، بدلا من استخدام الأكياس البلاستيكية في كل مرة، فذلك يعد شكلا من أشكال إعادة التدوير أيضا.
استخدام أجهزة صديقة للبيئة
تعد الأجهزة الكهربائية هي المستهلك الأول للطاقة في منزلك، لذا سوف يكون من المفيد اختيار أجهزة منخفضة الاستهلاك الكهربائي، فضلا عن تعمد اختيار الأجهزة التي تحمل علامة “أجهزة صديقة للبيئة”، وهو ما يعني أنها مصنعة من مواد معاد تدويرها كالزجاج أو النحاس أو الفولاذ، وتستخدم الطاقة بكفاءة أكبر؛ ما يقلل من بصمتها الكربونية، حيث تساهم في خفض استهلاك الطاقة بنسبة تتراوح بين 10% إلى 50% مقارنة بنظيرتها التقليدية.
يتضمن ذلك التحول من استخدام المصابيح المتوهجة العادية إلى مصابيح الـ”ليد”، التي يقدر عمرها الافتراضي بـ13 عام، فضلا عن استهلاكها قدرا أقل من الطاقة.
الاستثمار في العزل وتحسين نوعية الطاقة
لا يمكن تغيير البناء، لكن يمكن تغيير سماته، عبر عملية العزل الحراري، التي تحسن من أداء المباني القديمة، وتحولها إلى مبان مستدامة خضراء، مع توفير الطاقة داخلها، خاصة إذا تم استخدام مواد طبيعية للعزل أهمها:
- الألياف الزجاجية.
- الصوف المعدني.
- السليلوز.
وغيرها من المواد الطبيعية، التي تقلل من فواتير الكهرباء، وتمنحك منزلا مريحا، دافئا شتاء، وباردا صيفا، ومعزولا عن الضوضاء الخارجية، عبر عملية تعديل ربما تتم لمرة واحدة لكن أثرها يمتد مدى الحياة.
كما تشير التقارير إلى تواصل نمو استخدام الطاقة الشمسية، والتي تعد بديلا نظيفا ورخيصا لكل من الوقود الأحفوري، والطاقة الكهربائية، لوح من الطاقة الشمسية أو أكثر قد يساعدك على تقليل استهلاكك للطاقة الكهربائية، ويقلل أيضا من الفواتير لسنوات طويلة لاحقة.
تحسين كفاءة الأجهزة
وينصح الخبراء بمجموعة من الخطوات لتحسين الأداء الكهربائي للأجهزة الموجودة بالفعل، من بينها:
- تنظيف تلافيف وفتحات التهوية بالثلاجة، بواسطة فرشاة ناعمة، والمقصود هنا هي الفتحات الصغيرة التي تسهّل دفع الهواء داخل الثلاجة، وعادة ما تكون موجودة في الجدار الخلفي منها وتتعرض للانسداد بفعل بقايا الأطعمة، أو الغبار، ويُنصح غمر الأجزاء القابلة للإزالة من فتحات التهوية في ماء دافئ فيه بعض من سائل تنظيف الأطباق، ومسح الفتحات عقب تفريشها باستخدام قطعة قماش ناعمة مبللة بخليط من الماء الدافئ، ما يساعد على تحسين مجرى الهواء داخل فتحات التهوية ومن ثم تبريد أفضل.
- تنظيف فلتر غسالة الملابس، والمجفف، حيث تزخر تلك القطعة بكميات ضخمة من الوبر الذي يقلل بدوره من كفاءة الغسالة.
- تجنب أوقات الذروة، يمكن استخدام الأجهزة التي تستهلك الطاقة بشكل كبير، في غير أوقات الذروة والطلب المرتفع على الطاقة، كما هو الحال عند منتصف الليل، هكذا يمكنك ضبط غسالة الملابس، أو تحضير الأطباق داخل غسالة الأطباق بحيث تقوم بتشغيلها في أوقات بعيدة عن أوقات الضغط على الكهرباء في منطقتك.