وجد باحثون بذورا متحجرة في معدة “مصلهب الجناح” وهو أحد أقدم الطيور التي عاشت قبل 120 مليون سنة شمال شرق الصين. ويظهر هذا الاكتشاف أن هذه الطيور كانت تأكل الفاكهة، على الرغم من فرضية قديمة مفادها أن هذا النوع من الطيور كان يتغذى على الأسماك (وفرضيات أحدث مفادها أنه كان يأكل الحشرات) بأسنانه القوية بشكل لا يصدق.
وفي دراسة جديدة نشرت يوم 10 سبتمبر/أيلول في مجلة “كارنت بيولوجي” قال المؤلفون إن اكتشاف حفريات هذا الطائر وتسميته لأول مرة تعود إلى عام 2000. حينها رجح علماء الحفريات أنه من المحتمل أن يكون صيد الأسماك هو النشاط الغذائي الأساسي لهذا الطائر بسبب جمجمته الطويلة. ويعد مصلهب الجناح عضوا بمجموعة أكبر من طيور ما قبل التاريخ تسمى “الطيور النقيضة” والتي كانت بحجم العصفور.
سر المنقار العجيب
أوضح المؤلف المشارك بالدراسة أليكساندر كلارك -وطالب دكتوراة في متحف فيلد وجامعة شيكاغو بالولايات المتحدة، في تصريحات للجزيرة نت- أن “مصلهب الجناح” أحد الطيور الأحفورية المفضلة المهمة نظرا لغرابته الشديدة وطول جمجمته، ووجود أسنان فقط عند طرف منقاره.
وقال كلارك إن مينا الأسنان هي المادة الأكثر صلابة بالجسم، وأظهر الفحص أن سمك مينا أسنان مصلهب الجناح يبلغ 50 ميكرونا (جزء من مليون من المتر). ووفق الباحث، فإن هذا هو نفس سمك مينا الأسنان لدى الديناصورات المفترسة الضخمة مثل “ألوصور” التي تزن 1814 كيلوغراما، لكن مصلهب الجناح كان بحجم طائر القيق الأزرق.
وأوضح كلارك أن هناك طيورا أحفورية أخرى، مثل “يانورنيس” كانت تأكل الأسماك “ونحن نعلم ذلك لأن العينات التي تم العثور عليها لها محتويات معدة محفوظة، وتميل الأسماك إلى الحفظ بشكل جيد. بالإضافة إلى ذلك، كانت هذه الطيور آكلة الأسماك تمتلك الكثير من الأسنان، على طول مناقيرها، على عكس مصلهب الجناح الذي يمتلك أسنانا فقط عند طرف منقاره”.
جولة في المتحف
خلال زيارة لمتحف شاندونغ تيانيو للطبيعة في الصين، لاحظ المؤلفون عينتين من مصلهب الجناح يبدو أنهما تحتويان على شيء في معدتيهما. وبعد دراسة هذه المحتويات، تمكن الباحثون من تحديد أن هذه الهياكل الصغيرة والمستديرة في معدة الطيور كانت بذورا من ثمار شجرة قديمة، وكانت بذورا مغطاة باللحم أو “ثمارا حقيقية” لا توجد إلا بالنباتات المزهرة. وبدأت هذه الأنواع الخصبة من النباتات في الازدهار منذ حوالي 120 مليون سنة عندما سار مصلهب الجناح على الأرض.
وعاش مصلهب الجناح في مناخ معتدل، لذا فمن المحتمل أنه لم يكن يتغذى على الفاكهة طوال العام. ومن ثم، يعتقد الفريق البحثي أنه كان من المحتمل أن يكون لديه نظام غذائي مختلط وكان يأكل الحشرات عندما لم تكن الفاكهة متاحة. وكان هذا الطائر يتغذى على عاريات البذور، وأقارب الجنكة والصنوبريات الموجودة اليوم، وفقا للبيان الصحفي الذي نشره متحف فيلد للتاريخ الطبيعي المشارك بالدراسة على منصة “يوريك ألرت”.
ووفقا لكلارك فإن نتائج هذه الدراسة تشير بوضوح إلى أن الخصائص الفيزيائية للحفرية لا تخبر دائما بالقصة الكاملة عن نوع الحيوان الذي يأكله أو كيف يعيش. ففي حالة مصلهب الجناح على سبيل المثال، قد يكون المنقار خادعا ويدفعنا للاعتقاد بأن غذاءه الأساسي هو الأسماك، وهو ما أثبتت الدراسة الجديدة عكسه.
ويضيف “المينا السميكة قوية للغاية، ويبدو أنها كانت تستخدم كسلاح. والمنقار أحد أكثر أجزاء الهيكل العظمي شيوعا التي تستخدمها الطيور للمواقف العدوانية. إن وجود منقار مسلح أمر منطقي، لأنه يحرك السلاح بعيدا عن بقية الجسم، لمنع الإصابة”.