المناطق_متابعات
في حين فاز الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، تتجه الأنظار إلى مستقبل العلاقات الاقتصادية بين السعودية والولايات المتحدة، وخاصةً في ظل التحولات الكبرى التي تشهدها البلاد ضمن “رؤية 2030”.
يجمع مختصون على أن عودة الرئيس الأميركي الـ47 قد تفتح آفاقًا جديدة للتعاون، إذ يُنظر إلى ترمب بصفته رجل أعمال يؤمن ببناء التحالفات ودعم الابتكار. كما أن السعودية تمثل سوقاً جاذباً للشركات الأمريكية الناشئة، خصوصاً مع سعيها نحو تقليل الاعتماد على النفط، ما يجعلها وجهة مهمة في مجالات التكنولوجيا، الذكاء الاصطناعي، والصناعات المتقدمة، وفق “العربية”.
العلاقات السعودية الأمريكية من النفط إلى التكنولوجيا
وقال الدكتور علي الحازمي، الباحث الاقتصادي، إن العلاقة السعودية الأمريكية كانت تقتصر على النفط والدفاع، لكن خلال فترة ترمب السابقة أصبح هناك تعاون أوسع يشمل مجالات التكنولوجيا. ويضيف الحازمي أن التعاون التقني بين البلدين شهد ازدهاراً ملحوظاً في عهده، خاصةً في نقل التكنولوجيا وتطوير الذكاء الاصطناعي.
ومع ذلك، شهد هذا التعاون بعض التراجع خلال فترة الرئيس السابق جو بايدن إلا بعد عودة ترامب، يتوقع الحازمي أن تعود هذه الشراكات التقنية إلى الواجهة من جديد، ما قد يدفع الشركات الأمريكية لتعزيز شراكاتها مع القطاع الخاص السعودي في هذا الجانب.
تعاون اقتصادي أعمق مع عودة ترمب
يشير الحازمي إلى أن “رؤية 2030” جعلت السعودية شريكاً استراتيجياً مهماً، ومع عودة ترمب الذي يُعرف بتوجهه كرجل أعمال، تزداد احتمالات تعزيز العلاقات بشكل أكبر، ما سيتيح فرصاً أوسع للقطاع الخاص السعودي في السوق الأمريكية، ويشجع الشركات الأمريكية على توسيع نشاطها داخل السعودية.
تجارة بالمليارات
وفي سياق العلاقات التجارية بين البلدين، يقول عزام الحارثي، المختص في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية، إن “السعودية تمثل مركزاً للتنسيق المشترك مع الدول العربية والإسلامية، مما يعزز دبلوماسية الولايات المتحدة في المنطقة”. ويرى الحارثي أن فوز ترمب قد يعزز عمق العلاقات بين السعودية وأمريكا، خاصة في المجالات الاقتصادية والأمنية والصناعية، ويدعم استقرار المنطقة.
وأضاف الحارثي: بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 34 مليار دولار في عام 2023، مما يضع الولايات المتحدة في المرتبة الرابعة بين الشركاء التجاريين للمملكة من حيث إجمالي حجم التجارة، والثانية من حيث قيمة الواردات، والسادسة من حيث قيمة الصادرات. وعلى الجانب الأمريكي، تحتل السعودية المرتبة 28 بين شركاء الولايات المتحدة في الصادرات، والمرتبة 31 في الواردات.
ووفقًا لبيانات مجلس الأعمال السعودي الأمريكي، بلغت الصادرات السعودية غير النفطية إلى الولايات المتحدة 8.5 مليار ريال لعام 2023. وتصدرت الأسمدة قائمة الصادرات بقيمة 3 مليارات ريال، بنسبة 35%، تليها المواد الكيمياوية العضوية بقيمة 2.6 مليار ريال، بنسبة 31%. كما شهدت المواد الكيمياوية غير العضوية والمعادن الثمينة قفزة بنسبة 7,686%، لتصل قيمتها إلى 44 مليون ريال.
فرص واعدة في رؤية 2030
وأشار الحارثي إلى أن “رؤية 2030” تفتح مجالات استثمارية واسعة للشركات الأمريكية، خاصة في القطاعات التي تركز عليها الرؤية، مثل التعدين، البتروكيماويات، الطاقة المتجددة، الصناعات العسكرية، والذكاء الاصطناعي. وتستهدف المملكة رفع نسبة التوطين لتصل إلى أكثر من 50% من الإنفاق الحكومي على المعدات والخدمات العسكرية، مما يعزز استثمارات الشركات الأمريكية ويخلق فرص عمل في البلدين. ويعد هذا المجال محوراً أساسياً في سياسات ترامب الاقتصادية، خاصةً مع وجود الانتخابات النصفية خلال السنتين الأوليين من رئاسته.
انطلاقة عالمية من السعودية
من جهة أخرى، يرى رائد الأعمال المصري تامر عبد اللطيف أن “الأسس مهيأة لتحقيق تآزر فعال بين الأسواق السعودية والأمريكية، ويشجع المزيد من الشركات الأمريكية على استكشاف الفرص في السعودية كخطوة أولى قبل التوسع العالمي”. ويشير عبد اللطيف إلى أن “السوق السعودية يمتلك إمكانيات هائلة للنمو، خاصة مع التوجه الذي تتبناه المملكة لتحقيق أهداف رؤية 2030 الرامية إلى تنويع الاقتصاد”.
وأوضح عبد اللطيف، الذي يقيم في ولاية كارولينا الشمالية، أن “التركيز الكبير الذي توليه السعودية للتكنولوجيا وصناعة السيارات الكهربائية يضعها في مقدمة الدول الساعية إلى الريادة في عصر ما بعد النفط”.
وعلى الرغم من جذوره العائلية في الأعمال التجارية في الولايات المتحدة، اختار تامر عبد اللطيف الانطلاقة من السعودية نظرًا للفرص الهائلة المتاحة، إذ يقول إن التركيز السعودي على الابتكار وتطوير البنية التحتية بسرعة يجعلها البيئة المثالية لتقديم حلول في مجال تحليلات السيارات والتقنيات المالية للتأمين. وأضاف “ونحن لسنا وحدنا في هذه الرؤية؛ العديد من المستثمرين والشركات الناشئة يتبعون نفس المسار”، حيث يختارون السعودية كقاعدة انطلاقة أولى مع خطط للتوسع عالميًا، بما في ذلك إلى الولايات المتحدة”.
شراكة دولية في السوق السعودية
من جانبه، قال سات رامفال، الرئيس التنفيذي لشركة “مايا” للذكاء الاصطناعي في فلوريدا، إن “السوق السعودية جاهزة للاستثمار ويوفر فرصاً هائلة للنمو”. وأشار إلى أن لديه زملاء “ازدهروا في السوق السعودية رغم أنهم لم يكونوا من السعودية”، ما يعزز قناعته بوجود إمكانيات هائلة للنمو في المملكة. ويؤكد رامفال أن “عودة ترمب ستدفع عجلة النمو، إذ سيعمل على بناء التحالفات والشراكات مع دول أخرى”، مما يفتح آفاقاً جديدة للتعاون الدولي والاستثمار، خاصة مع السعودية.