بعد إلغاء وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو البارحة مشاركته في محادثات السلام الرفيعة التي كانت مقررة في لندن، عُقد لقاء على مستوى دبلوماسي أصغر ضم ممثلين عن الولايات المتحدة وأوكرانيا، إلى جانب فرنسا وألمانيا وبريطانيا.
وبعد انتهاء اللقاء، شكر الرئيس الأوكراني المشاركين في منشور على منصة “إكس”، قائلاً: “إن مثل هذا العمل المشترك هو بالضبط ما سيؤدي إلى سلام دائم”.
وأكد فولوديمير زيلينسكي أن بلاده تتصرف “دائمًا بناءً على دستورها”، مشيرًا إلى أن شركاءه، لاسيما واشنطن، سيتصرفون بما يتماشى مع قرارات أوكرانيا القوية.
ولفت الرئيس الأوكراني في منشوره إلى بيان صحفي كان وزير الخارجية الأمريكي الأسبق مايك بومبيو قد عبر فيه، أثناء ولاية ترامب الأولى، عن رفضه الاعتراف بشبه جزيرة القرم كأرض روسية. وكتب زيلينسكي محذرًا موسكو: “لا يمكن لأي دولة أن تغير حدود دولة أخرى بالقوة”.
وجاء في بيان بومبيو حينها: “كما فعلنا في إعلان ويلز في عام 1940، تؤكد الولايات المتحدة مجددا سياستها التي ترفض الاعتراف بمزاعم الكرملين بالسيادة على الأراضي التي تم الاستيلاء عليها بالقوة في انتهاك للقانون الدولي”
من جهته، انتقد سيد البيت الأبيض مواقف نظيره الأوكراني، واتهمه بإطالة ‘أمد الحرب’.
وكتب ترامب في منشور على موقع ‘تروث سوشيال’: “هذا التصريح ضار جدًا بمفاوضات السلام مع روسيا من حيث أن شبه جزيرة القرم ضاعت منذ سنوات تحت رعاية الرئيس باراك حسين أوباما، وهي ليست حتى محل نقاش”.
وأضاف: ‘لا أحد يطلب من زيلينسكي الاعتراف بشبه جزيرة القرم كإقليم روسي، ولكن، إذا كان يريد القرم، فلماذا لم يقاتلوا من أجلها قبل أحد عشر عامًا عندما تم تسليمها لروسيا دون إطلاق رصاصة واحدة؟’
وتابع الزعيم الجمهوري: “التصريحات التحريضية مثل تصريحات زيلينسكي تجعل من الصعب جدًا خلق تسوية لهذه الحرب”.
وأردف: ‘ليس لديه ما يتباهى به!… إن الوضع بالنسبة لأوكرانيا سيء للغاية – إما أن ينعم بالسلام أو أن يحارب لثلاث سنوات أخرى قبل أن يخسر البلد بأكمله.
وأكد ترامب أن تلك التصريحات تضر باتفاق وقف إطلاق النار، الذي ‘اقتربوا من تحقيقه’، قائلًا في إشارة إلى الرئيس الأوكراني: “على الرجل الذي لا يملك أوراقًا للعب أن ينجزها الآن وأخيرًا”.
وكان زيلينسكي قبيل عقد محادثات لندن قد استبعد أن يوافق على التنازل عن شبه الجزيرة التي تبلغ مساحتها 27 ألف كيلومتر مربع. وصرّح قائلا: “لا يوجد شيء يمكن الحديث عنه، إنها أرضنا، أرض الشعب الأوكراني”.
مقترح واشنطن وموقف أوروبا
وخلال محادثات باريس الأسبوع الماضي، قدم المسؤولون الأمريكيون اقتراحًا يتضمن وقف القتال، ويسمح لروسيا بالاحتفاظ بالأراضي الأوكرانية التي سيطرت عليها حتى الآن ، وفقًا لمسؤول أوروبي مطلع على المسألة.
ووضعت واشنطن الجانب الأوروبي تحت الضغط حيث لوحت بالانسحاب ما لم يتم الموافقة على مقترحها الذي حذرت بأنه ‘أخير’، إذ قال نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس للصحفيين: “لقد أصدرنا اقتراحًا واضحًا جدًا لكل من الروس والأوكرانيين، وقد حان الوقت بالنسبة لهم إما أن يقولوا “نعم” أو أن تنسحب الولايات المتحدة من هذه العملية”.
ووصف دي فانس الاقتراح بأنه “عادل للغاية، فمن شأنه تجميد الحدود الإقليمية عند مستوى قريب مما هي عليه اليوم”، مع اضطرار الطرفين إلى التخلي عن بعض الأراضي التي يسيطران عليها حاليًا.
ولم يقدم فانس المزيد من التفاصيل حول الاقتراح.
في المقابل، استبعد مسؤول أوروبي رفيع اطلع على المحادثات الجارية أن يكون الاقتراح الأمريكي “هو الأخير” كما حاولت واشنطن تصويره، مشيرًا إلى أنه “مجرد أفكار يمكن تغييرها”.
غير أن تلك الأفكار فاجأت الجانب الأوكراني غداة ظهورها في التقارير الإعلامية، وفقًا للمسؤول ذاته.
وقال زيلينسكي، الأربعاء، إن أوكرانيا مستعدة لأي شكل من أشكال المفاوضات التي قد تؤدي إلى وقف إطلاق النار وتفتح الباب أمام اتفاق سلام كامل، وذلك بعدما قتل تسعة مدنيين على الأقل إثر هجوم روسي بطائرة مسيرة في وقت سابق من الأربعاء.
وكتب زيلينسكي على صفحته على تطبيق تيليغرام: “نحن نصر على وقف فوري وكامل وغير مشروط لإطلاق النار”، وذلك وفقًا لاقتراح قال إن الولايات المتحدة قدمته قبل ستة أسابيع.
وقد اتهمت أوكرانيا وبعض الحكومات الأوروبية الغربية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالمماطلة في هذا الاقتراح بينما تحاول قواته الاستيلاء على المزيد من الأراضي الأوكرانية.
ووفقًا لبعض المحللين، فإن موسكو ليست في عجلة من أمرها لإتمام محادثات السلام، نظرا للثقل الذي تتمتع به في ساحة المعركة.