شهدت العاصمة الليبية طرابلس، مساء الاثنين، توترا أمنيا كبيرا تخللته اشتباكات عنيفة اندلعت في وسط المدينة وغربها، سمع خلالها دوي إطلاق نار كثيف، وفق ما أفادت به مصادر محلية. وأسفرت المواجهات عن مقتل عبد الغني بلقاسم الككلي، قائد جهاز دعم الاستقرار، المعروف بلقب “غنيوة”.
وفي أعقاب التصعيد، أعلنت حكومة الوحدة الوطنية، ومقرها طرابلس، حالة الطوارئ، بحسب ما نقلته وسائل إعلام محلية.
وجاءت الاشتباكات عقب اغتيال الككلي، حيث اندلع قتال عنيف بين جهاز دعم الاستقرار واللواء 444، وسط اتهامات للأخير بالوقوف وراء عملية الاغتيال.
وتفاقم التوتر نتيجة خلاف حاد تطور إلى نزاع مسلح بين وزارة الدفاع التابعة لحكومة عبد الحميد الدبيبة وجهاز دعم الاستقرار، الذي يتبع رسميا للمجلس الرئاسي، الهيئة التنفيذية لحكومة الوحدة الوطنية التي تشكلت عام 2021 في إطار اتفاق رعته الأمم المتحدة.
ويعد مقتل الككلي تطورا مفصليا في مشهد الصراع على النفوذ داخل طرابلس، حيث ينظر إليه على أنه أحد أبرز الفاعلين الأمنيين في العاصمة، و”رقم صعب” في معادلات التوازن بين الفصائل المسلحة التي تتقاسم السيطرة في ظل الانقسام السياسي والأمني المتواصل.
ويثير هذا التصعيد مخاوف من انزلاق الأوضاع مجددا نحو موجة جديدة من العنف، في وقت لا تزال فيه ليبيا غارقة في حالة من الجمود السياسي والصراع بين حكومتين متنافستين ومجموعات مسلحة متناحرة.
وعلى وقع إطلاق النار دعت وزارة الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية المواطنين للبقاء في منازلهم “من أجل سلامتهم”. لتعود وتعلن السيطرة الكاملة على حي أبو سليم.
في ذات الوقت، أغلقت جامعة طرابلس أبوابها وعلقت الدراسة والامتحانات وكافة الأعمال الإدارية حتى إشعار آخر، فيما دعت الأمم المتحدة جميع الأطراف المتنازعة إلى وقف القتال الفوري، وأشارت إلى أن “الهجمات على المدنيين قد ترقى إلى جرائم حرب”.
لم تشهد ليبيا استقرارًا أمنيًا منذ عام 2011 عقب اندلاع ثورة ضد نظام معمر القذافي، وقد انقسمت البلاد سنة 2014 بين جماعات شرقية وغربية. ورغم الإعلان عن وقف إطلاق النار بينها عام 2020، إلا أن الجهود فشلت في احتواء النزاع.
ومنذ ذلك الحين، تتصارع الأطراف على الموارد الاقتصادية الكبرى في البلد الذي يسكنه 6,8 ملايين نسمة. وتسيطر حكومة الوحدة الوطنية، المعترف بها دوليًا، على العاصمة طرابلس وشمال غرب البلاد، فيما تسيطر حكومة ثانية، يترأسها أسامة حماد، وتحظى بدعم البرلمان والجنرال خليفة حفتر على الجانب الشرقي منها ومقرها بنغازي.