يبحث المجلس الوزاري المصغر بإسرائيل اليوم الخميس خطة لإعادة احتلال قطاع غزة بالكامل، على وقع خلافات بين القيادتين السياسية والعسكرية، ووسط تحذيرات من خسائر فادحة ستلحق بالأسرى والجنود.
ويصرّ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على احتلال القطاع، وعرض مؤخرا موقفه بشأن الطريقة الدقيقة التي يرغب في تنفيذها.
ونقلت صحيفة معاريف أن نتنياهو يطالب باحتلال قطاع غزة كاملا تحت ضغط من التيار اليميني المتطرف في حكومته، وعلى رأسه وزراء المالية بتسلئيل سموتريتش، والاستيطان أوريت ستروك، والأمن القومي إيتمار بن غفير.
وأضافت -نقلا عن مصادر- أن الجيش سيعرض اليوم الخميس على القيادة السياسية الثمن الذي ستدفعه إسرائيل إذا قررت احتلال قطاع غزة.
وأضافت الصحيفة وفق مصادرها أن التقديرات تشير إلى ان أغلب الأسرى في غزة سيلقون حتفهم على يد آسريهم أو بسبب الغارات إذا وسع جيش الاحتلال عملياته.
ووفق هذه المصادر، فإن عددا كبيرا من الجنود قد يقتلون في قطاع غزة إذا وُسّعت العملية العسكرية.
وقدرت مصادر عسكرية لصحيفة معاريف أن السعي لاحتلال قطاع غزة قد يستغرق نحو 3 أشهر على الأقل ويشمل تدمير الأنفاق.
كما أضافت الصحيفة -وفق تقديرات المصادر ذاتها- أنه بعد إكمال احتلال قطاع غزة سيكون الجيش مضطرا إلى إقامة حكم عسكري والاهتمام بنحو 2.5 مليون فلسطيني.
مناطق مفخخة
وحذّرت معاريف من أن الحديث يدور عن منطقة مأهولة ومزدحمة بالسكان، وبحسب تقدير الاستخبارات الإسرائيلية فهي بمعظمها مزروعة بالألغام ومفخخة.
وذكرت أنه رغم أن خطة نتنياهو هي تنفيذ عملية خاطفة لاحتلال القطاع وحسم المعركة مع حماس، فإنه لا يعرض حاليا المرحلة التي ستلي الحسم وليس واضحا ما مصير المناطق التي ستُحتل.
وقالت “إذا كانت الخطة مدفوعة من قبل وزراء اليمين المتطرف، فإن احتلال قطاع غزة يهدف إلى إخراج السكان الغزيين من المنطقة وإقامة استيطان إسرائيلي على الأراضي التي سيتم إخلاؤها، وهي خطة لا تعد جزءا من أهداف الحرب الأصلية”.
ووفق تسريبات، يعارض رئيس الأركان إيال زامير خطة احتلال غزة ويصفها بالفخ الإستراتيجي، مؤكدا أنها ستنهك الجيش لسنوات وتعرّض حياة الأسرى للخطر.
ويطرح رئيس الأركان خطة تطويق تشمل محاور عدة في غزة، بهدف ممارسة ضغط عسكري على حركة حماس لإجبارها على إطلاق الأسرى.
وتابعت الصحيفة أن عملية احتلال قطاع غزة ستفرض على المجتمع الإسرائيلي ثمنا ليس هيّنا.
وأردفت أن العبء على المجتمع الإسرائيلي، بحسب الجيش، سيتجسد في تعبئة فورية وواسعة لعشرات الآلاف من جنود الاحتياط، واستدعاء جميع الفرق النظامية للعودة إلى القتال في قطاع غزة في الأيام القادمة.
وسبق أن احتلت إسرائيل قطاع غزة لمدة 38 عاما بين 1967 و2005.
ما وراء التصريحات؟
وإزاء هذه التسريبات، قال الكاتب والخبير في الشؤون الإسرائيلية سليمان بشارات إن تصريح رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي الأخير لا يمكن قراءته خارج 3 أطر متشابكة.
أولها، أن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تدرك أن استمرار الحرب قد يعرض حياة الأسرى الإسرائيليين للخطر، لذا جاء هذا التحذير كنوع من تحميل المسؤولية للمستوى السياسي، ولحماية الجيش من أي مساءلة مستقبلية إن تعرض الأسرى للأذى.
وأوضح أن هذا التحذير يعفي هيئة الأركان من المساءلة المباشرة لدى حدوث ضرر للأسرى، ويشكّل حماية مستقبلية من أي لجان تحقيق قد تُفتح لاحقا.
وفي الإطار الثاني، أشار بشارات في تصريح للجزرة نت إلى أن هذا الموقف “يستخدم أداة لتهيئة الشارع الإسرائيلي لتقبل الثمن المحتمل”، في ظل إدراك لدى القيادة السياسية والعسكرية أن حياة الأسرى قد تُصبح جزءا من الكلفة السياسية والعسكرية القادمة.
وأضاف أن هذا التحذير ليس رفضا للحرب، بل تأكيدٌ ضمني للاستعداد لتنفيذ أي قرار سياسي، كما أشار زامير نفسه الذي قال إنه سينفذ القرار السياسي في نهاية المطاف، وذلك يعني قبولا ضمنيا من المؤسسة العسكرية بخطة الحكومة.
أما عن أهداف الحرب المقبلة، فرأى بشارات أن خطة احتلال مدينة غزة ومخيمات الوسط التي يناقشها “الكابينت” تهدف لتحريك الكتلة السكانية نحو الجنوب، تمهيدا لمرحلة تهجير أوسع نحو سيناء.
كما أشار إلى أن هذا الضغط السكاني والإنساني يهدف إلى دفع المقاومة إلى الإذعان لشروط إسرائيل، وعلى رأسها تسليم السلاح وإبعاد القيادات وتسليم الأسرى.
ولفت إلى أن هذه المرحلة من الحرب تجري تحت “مظلة أميركية واضحة”، مشيرا إلى تصريحات وزير الخارجية الأميركي روبيو، وتصريحات السفير الأميركي في تل أبيب بشأن مضاعفة مراكز توزيع المساعدات، والتي تهدف -وفق بشارات- إلى “سحب ذريعة المجاعة وتحميل المقاومة مسؤولية تعطل المساعدات، في تكرار للسيناريو الذي سبق اجتياح رفح في مايو/أيار 2024.