رغم أن مسلسل “دليل جرائم القتل من فتاة صالحة” (A Good Girl’s Guide to Murder) -الذي عُرض في أغسطس/آب الجاري- بالأساس موُجّه للمراهقين والشباب مُحبي دراما الإثارة والغموض، فإنه نجح باستقطاب فئات عمرية متنوعة نظرا لجاذبية محتواه.

مما جعله يتصدر قائمة المسلسلات الأعلى مشاهدة عبر منصة نتفليكس في عدة دول، قبل أن يمنحه الجمهور تقييما بلغ 6.8 نقاط حسب موقع “آي إم دي بي” (IMDb) الفني.

دليل جرائم القتل

تدور أحداث المسلسل بعد 5 سنوات من وقوع جريمة مروعة في بلدة إنجليزية صغيرة، تروح ضحيتها الشابة “آندي بيل” (إنديا ليلي ديفيز) دون أن يتم العثور على جثتها، وخلال التحقيقات يعترف حبيبها بقتلها ثم يُقدم على الانتحار وتُغلق القضية.

بيد أن هذه الحقائق لا تلقى مجالا للتصديق لدى إحدى طالبات المدرسة الثانوية، التي لا تلبث أن تتخلى عن كتابة مقال عن النسوية في الرواية القوطية كمشروع للتخرّج، وتستبدله بفكرة التحقيق الموسّع حول تلك الجريمة والبحث عن الجاني الحقيقي.

وعلى مدى 6 حلقات، تلجأ “بيب” (إيما مايرز) إلى النبش في ماضي الجميع لمعرفة أسرارهم، ومع كل اكتشاف يُخيّل إليها أنها اقتربت من مسعاها، قبل أن تتسع دائرة الشك وتطول الكثيرين بالتزامن مع تعرّضها للتهديدات، وبحلول النهاية تُفاجأ بأن أسوأ كوابيسها لم يكن ليشبه يوما ما كشف عنه الواقع.

جمهور الرواية يشعر بالغضب

يُذكر أن مسلسل “دليل جرائم القتل من فتاة صالحة” الذي اقتبسه بوبي كوجان وأخرجته دوللي ويلز، مأخوذ بالأساس عن رواية بالعنوان نفسه تأليف الكاتبة البريطانية هولي جاكسون. وهي الجزء الأول من ثلاثية شهيرة صدرت على مدار 2019 و2020 و2021، ونجحت بأن تكون بمقدمة الكتب الأكثر مبيعا، إذ بيع منها ملايين النسخ، وفقا لصحيفة نيويورك تايمز.

وهو ما سمح بوجود مقارنات حتمية بين الكتاب وما ظهر على الشاشة، ونتج عنه بدوره ردود فعل متفاوتة وصل بعضها حد التناقض. ففي حين أُعجب جمهور التليفزيون بالمسلسل كونه اتسم بالسرد التصاعدي المتسارع دون شبهة ملل مع قدر جيد من التشويق والمفاجآت غير المتوقعة، لم يكن ذلك رأي مَن سبق لهم قراءة الرواية الأصلية.

وحسب رأي القراء وما تداولوه، فإن الرواية تفوقت -فارقة بأشواط- على المسلسل الذي لم يمنح شخصيات أبطاله أي عمق يُذكر على عكس الكتاب، حتى الشخصية الرئيسية التي من المُفترض اتسامها بالذكاء بدت كما لو أنها تصل للنتائج بالصدفة البحتة، أما أكثر ما كان غير مبرر أو مفهوم فهو إقرار المُشتبه بهم لها بما ارتكبوه كلما حكيت معهم دون مجهود منها أو سبب منطقي يدفعهم إلى هذا.

كذلك قلَّص المسلسل وبشكل مُخِلّ بعض الأدوار أهمها دور “رافي” الذي لعبه زين إقبال، وجرى اختصار كثير من المشاهد المحورية بالرواية.

فيما حظي الكتاب بكثير من الإيجابيات، حيث يتميز بوجود جوانب مظلمة ومثيرة متنوعة، منحت المؤلفة القراء مجالا لاكتشافها بأنفسهم وببطء ليصبح العمل تفاعليا، مما جعلهم يشعرون أنهم جنبا إلى جنب مع البطلة ويُشاركونها اتخاذ القرارات خلال محاولتها العثور على الإجابات، فباتت رحلة “بيب” أكثر متعة وحميمية.

تلك الاختلافات الجوهرية والمؤثرة تسببت بأن يزعم بعض القراء بأن صانعي المسلسل لم يقرؤوا الرواية على الإطلاق وإنما تم حكيها لهم على عجل ومحورة الحبكة حول الفكرة الأساسية لا غير وإلا ما كانوا ليستقطعوا كل تلك التفاصيل المنسية.

دراما للمراهقين

ربما لم تُثمر كَفّة مسلسل “دليل جرائم القتل من فتاة صالحة” مقابل الرواية الأصلية، إلا أنها بمقارنتها بالفئة نفسها من الدراما المراهقات والتحقيقات مثل “نانسي درو” (Nancy Drew)، و”فيرونيكا مارس” (Veronica Mars)، و”الكاذبات الصغيرات الجميلات” (Pretty Little Liars)، و”دافني وفيلما” (Daphne & Velma)، ستبدو على قدر جيد ومُرضي جماهيريا خاصة أن العمل اتسم بالخفة والتلقائية وجاءت حلقاته قصيرة ومكثفة.

ومن جهته، أحسن المُخرج اختيار أماكن التصوير الجذابة مُستغلا ما في البلدة من مساحات طبيعية شاسعة، أما التمثيل فيمكن وصف مستواه بالمتواضع أو المناسب وإن كان خلو الشخصيات من الأبعاد جعل المشاهد لا يتعاطف معها أو يتعلّق بها.

لكن يُحسب لبطلته إيما مايرز التي حملت على عاتقها بطولة كاملة -بعد مشاركتها بمسلسل “وينزداي” (Wednesday) وجذبها انتباه الجمهور- أنها استطاعت أن تبدو مثل أبطال تلك الحكايات البوليسية حيث يُقحم المراهقون المتطفلون أنفسهم بمواقف غير محمودة العواقب دون وضع أي احتمالات للمخاطر التي قد تواجههم.

وقد أجاد المسؤولون عن الأزياء اختيار ملابسها وجعلها شبابية تليق بالعصر والحدث، إذ انتمت في معظمها إلى فئة الملابس الرياضية البسيطة والجينز والملابس الفضفاضة (الأوفر سايز). أما العنصر الأكثر معاصرة بالعمل، فكان الاعتماد شبه الكامل على منصة “إنستغرام” والهاتف المحمول للوصول إلى إجابات واختصار الوقت والمسافات، مما يعكس مدى توغل منصات التواصل بحياتنا الاجتماعية وتأثيرها علينا.

الدليل لمواسم جديدة

“دليل جرائم القتل من فتاة صالحة” مسلسل بريطاني من 6 حلقات استعرض قضايا مهمة مثل التحرش الجنسي والعنف والابتزاز دون مبالغة أو تجاوزات، عُرض موسمه الأول مؤخرا، ويبدو أن صانعيه ينوون تقديم مواسم أخرى لاحقة باعتباره حلقة أولى من سلسلة ثلاثية، مما يُحتم عليهم تجاوز الأخطاء التي وقعوا فيها وذكرناها مُسبقا إذا أرادوا استعادة ولاء القراء وتوسيع دائرة شعبية العمل.

العمل تأليف بوبي كوجان وإخراج دوللي ويلز، وبطولة كل من إيما مايرز، زين إقبال، آنا ماكسويل مارتن، ماثيو بانتون، إنديا ليلي ديفيز، راؤول باتني، هنري أشتون، ياسمين الخضيري، رايكو جوهارا، آشا بانكس، ويالي توبول مارجاليث.

شاركها.
Exit mobile version