رغم الخوف والكوابيس، أحيانا، يقبل الجمهور على مشاهدة أفلام القتلة المتسلسلين بشكل كبير جدا، ويعد التصوير السينمائي المميز واحدا من أسباب هذا الإقبال، لكن المؤكد أن هناك أسبابا تتعلق بالدراما التي تحيط بالعمل نفسه.

ويبقى أن أسوأ أنواع القتلة هم هؤلاء الذين يتسللون في الظلام أو يأتون على غير توقع، خارجين على قواعد الصراعات، ومتجاوزين قاع الانحطاط الأخلاقي إلى ما هو أدني، وبين أجواء الغموض ومحاولات استكشاف النفس الإنسانية، يستيقظ وحش الفضول لدى المشاهد.

فيما يلي بعض من أشهر الأفلام التي تدور حول القتلة المتسلسلين والتي نالت ثناء النقاد:

تبدأ أحداث فيلم “سبعة” (Se7en) (1995)) الذي أخرجه ديفيد فينشر، حين يتصدى محقق الشرطة المتقاعد ويليام سومرست (مورغان فريمان) لقضية أخيرة بمساعدة ديفيد ميلز (براد بيت)، الذي تم نقله حديثًا، ويكتشفان عددا من جرائم القتل المتقنة والمروعة. ويدركان أنهما يتعاملان مع قاتل متسلسل (الممثل كيفن سبيسي) يستهدف الأشخاص الذين يعتقد أنهم يرتكبون إحدى الخطايا السبع المميتة. يصادق سومرست أيضًا زوجة ميلز، تريسي (الممثلة غوينيث بالترو)، وهي حامل وتخشى تربية طفلها في المدينة التي تعج بالجريمة.

يسود الفيلمَ جو كئيب وقمعي، يتميز بالمطر والظلام الدائم، مما يخلق شعورًا باليأس والرهبة، ويزيد التصوير السينمائي للفيلم والأجواء المحيطة به من التوتر مع تعمق المحققين في عقل القاتل.

  • “زودياك” 2007 (Zodiac)

الفيلم الثاني في القائمة، أيضا، من إخراج ديفيد فينشر الذي تميز دائما بقدرته على تصوير الأجواء الغريبة والمخيفة، ويستند فيلم “زودياك” إلى قصة قاتل حقيقي أرهب سكان مدينة سان فرانسيسكو في أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات. الفيلم من بطولة جيك جيلنهال وروبرت داوني جونيور ومارك روفالو، ويركز على الصحفيين والمحققين الذين يحاولون حل القضية.

بوستر zodiac

استطاع فينشر بتركيزه على التفاصيل الدقيقة أن يدفع بالمشاهد إلى حالة من الاستغراق التام مصحوبة بقلق عميق، ويجسد الفيلم حالة الارتياب والخوف التي سيطرت على سان فرانسيسكو خلال جرائم القتل التي ارتكبها زودياك.

استخدم فينشر إيقاعا بطيئا تسرب من خلاله التوتر من الشاشة إلى المشاهد، كما صور أجواء سبعينيات القرن الماضي بشكل جعل التفاصيل العادية للمدينة أدوات في سرد قصة مخيفة.

  • “الأميركي المجنون” 2000 (American Psycho)

الفيلم من إخراج ماري هارون، وهو مأخوذ عن رواية بريت إيستون إليس، ويمزج العمل بين الرعب والكوميديا، وتدور أحداثه حول “باتريك بيتمان” الذي يجسد دوره الممثل كريستيان بيل، وهو مصرفي استثماري ثري في مدينة نيويورك يعيش حياة مزدوجة كقاتل متسلسل.

يسخر الفيلم من تجاوزات ثقافة المترفين في الثمانينيات، ويقدم تصويرا مذهلا وأنيقا لأثرياء الثمانينيات، ويمزج بين الفكاهة السوداء والعنف المقلق.

 

قدم التباين بين صور الفيلم المشرقة والمصقولة بشكل واضح وبين الأفعال المزعجة لبطله، حالة من السخرية اللاذعة جسدت الزيف الذي يطبع المجتمع الذي يبدو براقا من الخارج فقط.

  • “الوحش” 2003 (Monster)

من إخراج باتي جينكينز، هذا الفيلم الدرامي الذي يتناول السيرة الذاتية للقاتلة آيلين وورنوس، والتي جسدت دورها الممثلة تشارليز ثيرون، وهي شخصية حقيقية، أُعدمت لقتلها عدة رجال، بعد أن استدرجتهم للرذيلة. فاز أداء تشارليز ثيرون في هذا الفيلم بجائزة الأوسكار لأفضل ممثلة.

يقدم العمل تفاصيل حياة آيلين وورنوس بما تحتويه من قسوة ومرارة دفعت بها إلى ذلك المصير القاسي، كما تثير نبرة الفيلم الكئيبة وأداء تشارليز ثيرون التعاطف والرعب، معا، تجاه البطلة.

  • “الفتاة ذات وشم التنين” 2011 (The Girl with the Dragon Tattoo)

الفيلم الثالث للمخرج ديفيد فينشر في القائمة وهو مقتبس عن رواية للروائي والصحفي السويدي ستيغ لارسون، والفيلم المثير روني مارا في دور إليزابيث سالاندر، وهي مخترقة تساعد الصحفي ميكائيل بلومكفست (دانيال كريغ) في التحقيق في اختفاء فتاة تنتمي إلى عائلة ثرية منذ عقود، ويكشف البحث عن سلسلة من جرائم القتل.

تسيطر على العمل أجواء إسكندنافية صارخة تعكس التحقيق الكئيب والمثير للقلق، ويعبر التصوير السينمائي بإتقان وإبداع عن التقلبات المزاجية للأبطال وتلعب الألوان دورا حيويا في الإحساس بالتوتر والغموض.

  • “لا بلد للعجائز” 2007 (No Country for Old Men)

أخرجه جويل وإيثان كوين، وهو مأخوذ عن رواية للأميركي كورماك مكارثي ومن بطولة خافيير بارديم في دور أنطون شيغور، القاتل المحترف الذي لا يرحم. على الرغم من أنه ليس قاتلًا متسلسلًا بالمعنى التقليدي، إلا أن طبيعته العنيفة جعلت منه قاتلا.

ويجسد العمل الطبيعة القاسية في ولاية تكساس الأميركية والخوف الدائم الذي يعيش فيه الأبطال من كل ما يحيط بهم، وتعزّز موسيقى الفيلم البسيطة والصمت المتوتر الحضور المخيف لشخصية البطل.

  • “رجل الثلج” 2017 (The Snowman)

يقدم المخرج السويدي توماس ألفريدسون في هذا الفيلم حبكة مركبة، ذلك أن المحقق هاري هول يرى أن موت امرأة شابة أثناء أول تساقط للثلوج في الشتاء لا يبدو وكأنه جريمة قتل روتينية. يقوده تحقيقه إلى “القاتل رجل الثلج”، وهو شخص مختل عقليًا يسخر من المجتمع و من الشرطة بألعاب تشبه لعبة القط والفأر. ومع استمرار جرائم القتل الوحشية، يتعاون هاري مع مجند لامع لمحاولة إغراء القاتل المجنون للخروج من الظل قبل أن يتمكن من الهجوم مرة أخرى.

العمل مقتبس عن رواية للكاتب النرويجي جو نيسبو الذي يتميز بأجوائه المرعبة.

يسود اللون الأبيض الجليدي في أغلب مشاهد العمل ويقدم أجواء مرعبة للوحدة وانعدام الأمان وتوقع الأسوأ، وتساهم المناظر الطبيعية الشتوية والصور المخيفة في إضفاء أجواء مقلقة على الفيلم.

  • “سجناء” 2013 (Prisoners)

ويقدم المخرج الكندي دينيس فيلنوف في هذا العمل فيلما يحتوي من الخوف والتوتر بقدر ما يشمل جدلا أخلاقيا، حيث يواجه كيلر دوفر (هيو جاكمان) أسوأ كابوس يمكن أن يعيشه أي والد عندما تختفي ابنته آنا (6 سنوات) وصديقتها. والخيط الوحيد الذي يمكن أن يوصله إلى هذا هو عربة سكنية قديمة كانت متوقفة في الشارع الذي يقطن فيه. ويلقي مسئول التحقيق، المحقق لوكي (جيك جيلينهال)، القبض على السائق (بول دانو)، لكن بسبب نقص الأدلة، يضطر لوكي إلى إطلاق سراح المشتبه به الوحيد. ويدرك دوفر أن حياة ابنته على المحك، فيقرر أنه ليس لديه خيار سوى أن يتولى الأمر بنفسه.

فيلم مخيف بشكل مكثف وغامض من الناحية الأخلاقية، يعكس اليأس والمعضلات الأخلاقية التي تواجهها الشخصيات، وتزيد صور الفيلم المظلمة الغارقة في المطر وإيقاعه المتوتر من حدة المشاعر في الفيلم.

  • “الزاحف الليلي” 2014 (Nightcrawler)

ويحاول المخرج دان جيلروي في فيلمه “الزاحف الليلي” استعادة ملامح من مسيرة والده الصحفي الفائز بجائزة بوليتزر”فرانك جيلروي”، حيث يصبح البطل لو بلوم (جيك جيلينهال) صحفيَّ جرائم مستقلا في لوس أنجلوس، لكن الخط الفاصل بين المراقب والمشارك في أحداث العنف يصبح غير واضح حين يعثر على الصورة والقصة الصحفية التي ستجلب معها الثراء.

ويثير العمل الكثير من الأسئلة حول أخلاقيات مهنة الصحافة، وبقدر ما يظهر في الفيلم من جمال فقد جاء مثيرا بالتقاطه لخبايا لوس أنجلوس الليلية من خلال عدسة صحافة الجريمة المثيرة.

وقدمت مناظر المدينة المضاءة بالنيون في الفيلم مع أداء جيلينهال المخيف شعورًا بالانحلال الأخلاقي والطمع الذي لا يوقفه شيء.

“الداليا السوداء” 2006 (The Black Dahlia)

ويحاول المخرج الكبير برايان دي بالما من خلال “الداليا السوداء” المستوحى من رواية الأميركي جيمس إلروي، الكشف عن الوجه الآخر لهوليود في الأربعينيات، وذلك من خلال رواية خيالية عن جريمة قتل “إليزابيث شورت”، المرأة سيئة السمعة، والتي لم تُحل في عام 1947، والمعروفة باسم الداليا السوداء.

وينتمي العمل إلى تلك الأفلام التي يستخدم الظلام فيها داخل الكادر باعتباره واحدا من عناصر إضفاء الغموض والحزن والتوتر على المشهد، لكنه أيضا، يستحضر بريق هوليود في أربعينيات القرن الماضي ويكشف حقيقة جريمة قتل وحشية.

شاركها.
Exit mobile version