حقق طه دسوقي خلال 4 سنوات فقط في التمثيل ما لم يحققه كثير من المخضرمين؛ فقد تخطى الأدوار الصغيرة والأعمال الأولى إلى أدوار البطولة، من المسلسلات إلى السينما. ومن المنتظر عرض فيلمه “سيكو سيكو” في موسم عيد الفطر. فمن هو طه دسوقي؟ وكيف صنع هذه المسيرة المميزة في مدة قصيرة كهذه؟

طه دسوقي ممثل مصري، بدأ مسيرته من العروض الكوميدية أو “ستاند أب كوميدي” قبل أن ينطلق في أدوار صغيرة بالسينما والتلفزيون، ليحقق نجاحا جماهيريا واسعا، ويحصل على جائزة أفضل نجم صاعد عام 2023.

من القانون إلى ستاند أب كوميدي

درس طه دسوقي القانون لسبب سينمائي للغاية، وذلك بعدما تأثر بالممثل أحمد عز في فيلم “ملاكي إسكندرية”، فقرر أن يصبح محاميًا مثل أدهم في الفيلم، دون أن يدري أنه سيسلك طريقًا آخر بعد سنوات سيقوده لأن يصبح ممثلًا مثل أحمد عز نفسه.

اكتشف طه خلال دراسته الجامعية أنه لا يحب القانون، بل يحب الأداء نفسه، وأن ذلك ما جذبه إلى فيلم “ملاكي إسكندرية”. لذلك، ما إن أنهى دراسته الجامعية، اتجه إلى الكوميديا، أو على وجه التحديد إلى العروض الكوميدية “ستاند أب كوميدي”، وهي عروض يقف فيها المؤدي على المسرح ليقدم الطرائف التي كتبها بنفسه، وتتناول مواضيع مختلفة مثل العلاقات أو النقد الذاتي أو المجتمعي حسب الأسلوب الذي يتبعه كل مؤدٍّ.

بدأ طه دسوقي هذه التجربة بالمصادفة، عندما اشترك في حفل وحصل على 5 دقائق فقط من الوقت، ليكتشف سعادته بالعرض الذي قدّمه. ومن هنا، عرف أن هذا هو المسار الذي يرغب في اتخاذه.

عروض “ستاند أب كوميدي” لم تكن ذات شعبية كبيرة في ذلك الوقت، فبعد الجيل الأول من الكوميديين عام 2009 بدأ الاهتمام بهذا الفن بالتراجع. وطه هو ابن الجيل الثاني الذي دخل المجال، في وقت كانت هناك حالة من عدم الاهتمام به.

مر طه الشاب في هذه الفترة بكل الشكوك التي تخطر في بال شاب يطارد حلما مستحيلا؛ شكوك في ذاته وموهبته، وفي إمكانية حصوله على فرص حقيقية، وقدرته على استغلال هذه الفرص إن أتت.

بدأ طه دسوقي في “ستاند أب كوميدي” عام 2013، ثم شارك في ورش التمثيل المختلفة، وعمل في المسرح، والكتابة، وسعى حتى وجد الفرصة التي يحلم بها، وذلك على هيئة إعلان تلفزيوني لإحدى شركات الاتصالات، شارك فيه مع النجم الراحل سمير غانم وابنته إيمي سمير غانم، وحقق نجاحًا واسعًا على وسائل التواصل الاجتماعي، وانطلقت بعدها مسيرته المهنية في التمثيل.

2021 عام الحظ والبدايات الجديدة

يمكن اعتبار عام 2021 عام الحظ الحسن لطه دسوقي، فبالإضافة إلى الإعلان التلفزيوني الذي عَرّف الملايين على وجهه، قدّمه المخرج والمؤلف شريف نجيب لأول مرة لجمهور السينما في فيلم “فرق خبرة”. وعلى الرغم من كونه أول أدواره السينمائية، فإنه حصل على مساحة كافية في عدد من المشاهد الكوميدية اللافتة، فتجاوز بأدائه الشكل التقليدي لنمط “صديق البطل”.

في العام نفسه، ظهر دسوقي في مسلسلات عدة بمساحات أدوار مختلفة، هي “الوضع مستقر” و”بيمبو” و”في بيتنا روبوت”. غير أن نقطة انطلاقه الحقيقية في ذلك العام تمثلت في مسلسل “موضوع عائلي”، وهو العمل الذي يمكن اعتباره أنه صنع اسمه بالمعنى الحقيقي. فقد حقق نجاحًا واسعًا سواء من حيث عدد المشاهدات بما يؤهله للتجديد لموسم ثانٍ ثم ثالث، أو على وسائل التواصل الاجتماعي.

"أتربيت بالتنمر".. نديم عنده وجهه نظر مختلفة جداً عن مواجهة التنمر

أعطى “موضوع عائلي” طه دسوقي الفرصة لتقديم دور يشبه حياته الحقيقية من أوجه مختلفة، أهمها أن حسن، أو الشخصية التي يقدمها، هي لشاب يهوى ستاند أب كوميدي، ويحلم بالعمل ممثلا. وتطور الخط الدرامي الخاص به نتيجة لنجاح الشخصية، فتحول من ابن أخت البطل إلى شخصية رئيسية، لها خط درامي منفصل، يتمثل في عمله ممثلا يتم تنميطه في دور واحد بشكل يهدد مسيرته المهنية بالكامل.

استمر دسوقي في تقديم أدوار مختلفة، فعاد في عام 2022 إلى الجزء الثاني من “موضوع عائلي” و”في بيتنا روبوت”، وشارك في أفلام سينمائية متعددة، بعضها بأدوار صغيرة مع نجوم، وأخرى من بطولات شبابية مشتركة تعطيه مساحة أكبر مثل “بنك الحظ”، حتى وصلت مسيرته إلى نقطة مفصلية أخرى، أو علامة فارقة حولته من ممثل كوميدي إلى آخر يستطيع تقديم كل أنواع الأدوار.

أبرز مسلسل “حالة خاصة” قدرات طه دسوقي المتعددة، فهو لم يعد حبيسًا للأدوار الكوميدية، وتجاوزها بفضل شخصية “نديم” إلى آفاق أوسع. ويدور المسلسل حول محام شاب يعاني من أحد أطياف التوحد، يتقدم للعمل في مكتب شهير للمحاماة، وهناك يكتشفون أنه ليس مجرد محام يعمل بدافع الشفقة، بل صاحب قدرات تحليلية خاصة تجعله من أهم العاملين في المكتب.

مفتاح الذي سكن قلوب المتفرجين

عُرض لطه دسوقي خلال شهر رمضان 2025 مسلسل “ولاد الشمس”، والذي يقدم فيه دورا مختلفا عن دوري البطولة الأشهر له في “موضوع عائلي” و”حالة خاصة”، هنا هو مفتاح الشاب اليتيم الذي تربى في ملجأ للأيتام، وذاق طعم الأسرة المترابطة والمحبة لثلاث سنوات من عمره فقط، عندما كفلته أسرة عادية، ثم أرجعته إلى الملجأ بعدما أنجب الوالدين طفلا من صلبهما، فعاش حياته يحمل في داخله غصة ومرارة تجاههما.

يقدم طه دسوقي في هذا المسلسل ثنائيا ممتازا مع أحمد مالك، ثنائيا سيتذكره كثير من المتفرجين في السنوات القادمة، فكلاهما يكرس وقته لإنقاذ باقي أطفال الملجأ من مستقبل مشوه مثل مستقبله، لكنهما شابان على الرغم من شجاعتهما المفرطة لا يخشيان إظهار الهشاشة والألم من ماضيهما، والحب الشديد لبعضها بعضا.

بالإضافة إلى مسلسل “ولاد الشمس”، يُعرض لطه دسوقي في فيلم عيد الفطر “سيكو سيكو” بالمشاركة مع عصام عمر، ليؤكد طه أنه أحد النجوم الصاعدين بقوة، والذين يشكلون جيلًا سينمائيا جديدًا لا يهتم بعضلات نجومه المفتولة، بل بمواهب متنوعة قادرة على الإضحاك والبكاء في الوقت ذاته.

شاركها.
Exit mobile version