أصدرت نقابة المهن التمثيلية في مصر قرارا بفرض غرامة قدرها مليون جنيه مصري في حال الاستعانة بالمؤثرين على منصات التواصل الاجتماعي في الأعمال الفنية بدون الحصول على موافقة النقابة، وقال نقيب المهن التمثيلية الفنان أشرف زكي إنه سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية وتوقيع غرامة بقيمة مليون جنيه. وذلك على خلفية الأزمات التي أثيرت بعد مشاركة بعض مؤثري منصات التواصل الاجتماعي في أعمال فنية، وغضب عدد من الممثلين وخريجي المعهد العالي للفنون المسرحية لعدم حصولهم على أي فرصة للتمثيل.
ويثير القرار تساؤلات حول إن كان الهدف هو تقنين عمل مؤثري منصات التواصل لدعم أعضاء النقابة وإتاحة فرص لهم في الأعمال الفنية، أم هو قيد تفرضه النقابة على المخرج أو الصانع في اختياره لفريق العمل؟ وهو ما طرحته الجزيرة نت على عدد من صنّاع الأفلام والنقاد السينمائيين.
تقنين وتنظيم
رغم أنه ضد منع أي شخص من مزاولة مهنة الفن، إلا أن المخرج أمير رمسيس يرى أن هناك أزمة حقيقية في انتشار مؤثري التواصل الاجتماعي بشكل “سخيف” -على حد وصفه- بضغوط من شركات الإنتاج التي تعتقد أن وجودهم في العمل يزيد من نسب المشاهدة.
وأضاف رمسيس للجزيرة نت: “لا أظن أن هناك مخرجا سيرشح ممثلا سيئا ليقف أمام الشاشة بأي حال، ولكن شركات الإنتاج ترى ضرورة في وجودهم، إلا أنه لتحقيق المعادلة لا بد أن يكون هناك نوع من التنظيم وليس المنع”.
وتابع: “ظهور المؤثرين على الشاشة ليس انتصارا للمخرج، فهي وجهة نظر أثبتت فشلها في العالم، لأنه ليس شرطا أن يتمتع هذا الشخص بالقبول أمام الشاشة في السينما أو التلفزيون، أيضا لا يمكن أن ننكر أن هناك ممثلين لديهم الموهبة غير نقابيين”.
وأشار المخرج المصري إلى أنه في تجربة سابقة كان داعما للمخرج أحمد فوزي صالح في اختيار مؤثري التواصل الاجتماعي ضمن فريق مسلسل “بطن الحوت”، لأن هناك نقطة فاصلة في الاختيار بعيدا عن البحث عن مجد وهمي عبر منصات التواصل الاجتماعي.
وأنهى حديثه أنه ليس مع المنع، واقترح منح التصريحات اللازمة طالما أن المخرج يرى الشخص مناسبا للدور بدون أن يكون مفروضا عليه من منظومة أخرى.
ويتفق الناقد السينمائي طارق الشناوي في أن الأمر بحاجة إلى تنظيم، فهو ضد إغلاق الباب بحجة حماية النقابيين وخريجي المعاهد والدارسين لأن الحماية تأتي من خلال الموهبة.
وأكد الشناوي للجزيرة نت على ضرورة أن يقوم النقيب بالتنظيم بدون إغلاق الفرص أمام المواهب غير النقابية، وتابع أن النقيب في بعض الأحيان يتعرض للضغوط من قبل الجمعية العمومية مما يضطره لأخذ قرارات سريعة غير مدروسة.
وشدد الشناوي أنه من حق أي مخرج أو منتج الاستعانة بممثل غير نقابي ما دام يسدد الرسوم الخاصة به، وهي رسوم أكبر من رسوم عضو النقابة وفق القانون، وعلى شركات الإنتاج الالتزام بذلك.
واقترح الشناوي أن تسعى النقابة لتطوير أدوات أعضائها من خلال ورش عمل لتحديث فن الأداء، ومن خلال مخاطبة شركات الإنتاج للتذكير بالفنانين.
تقييد ومنع النجاح
في المقابل، اعترض المخرج مجدي أحمد علي على فرض رسوم ضخمة على شخص لمجرد نجاحه في مجال آخر، وقال إن هناك بالفعل قانونا يطبق من أجل الحصول على تصاريح مؤقتة، وفي حال عدم حصوله على هذه التصاريح لا بد من التعامل مع الأمر بشكل قانوني.
وتابع: “رغم تقديري الشديد لما يقوم به النقيب أشرف زكي تجاه أعضاء النقابة بالمعنى المهني، لكن لست مع فرض رسوم ضخمة على أشخاص لمجرد أنهم مؤثرين على السوشيال ميديا (منصات التواصل الاجتماعي)، فعلاقتي بالممثل تبدأ من بداية عمله بالفيلم وليس ما حققه سابقا، ولا يعنيني إن كان مؤثرا على السوشيال ميديا أو ممثلَ مسرح في الشارع أو أيا ما كان يقوم به”.
ويعتبر المخرج المصري تحصيل رسوم إضافية على الممثل لمجرد أنه ناجح في مجال آخر بمثابة عقاب من النقابة، وأكد للجزيرة نت أن هناك أساليب أخرى لتوسعة المجال أمام العاملين في النشاط التلفزيوني والسينمائي منها كسر الاحتكار وتطوير الأدوات.
ويصف الناقد الفني محمد نبيل القرار بالتقييد، لأن النقابة تمنح التصاريح للممثلين غير المحترفين مقابل رسوم كبيرة جدا، وبالتالي من حق أي مخرج أن يختار الفريق طبقا لرؤيته للدور، وأن يسدد الرسوم التي تحددها النقابة.
واستشهد الناقد المصري بفيلم “ريش” للمخرج عمر الزهيري الذي استعان بممثلين غير محترفين في أدوار كبيرة، وحصلت بطلة الفيلم دميانة نصار على جائزة أحسن ممثلة في مهرجان قرطاج رغم أنها ممثلة غير محترفة، وهو الأمر نفسه الذي تكرر في مسلسل “بطن الحوت” عندما استعان المخرج أحمد فوزي صالح بـ”البلوغر” كروان، وهو بحسب رؤيته كان الأنسب للدور.
وتابع قائلا: “فكرة التقييد التي تمارسها النقابة من أجل أعضائها هي فكرة خاطئة لأن الموهبة تفرض نفسها، حتى وإن كان من حق النقابة الدفاع عن أعضائها وهي وظيفة أي نقابة أن تحفظ حقوق أعضائها، لكن بدون تضييق على اختيارات المبدعين، لأن المهنة يحكمها الإبداع وليس العمل بنظام “الكوتة”.
أزمة المؤثرين
شهد الموسم الدرامي في رمضان الماضي مشاركة عدد من مؤثري منصات التواصل الاجتماعي، مما أثار غضب عدد من أعضاء النقابة. وقد كتب الممثل مدحت تيخة مؤخرًا على حسابه في فيسبوك تدوينة أشار فيها إلى أنه التقى صدفة بفنان زميل له -لم يذكر اسمه- يتسول في الشارع لشراء طعام لابنه الصغير.
وفي منشور آخر، انتقد تيخة استضافة النقابة لأحد المؤثرين، لكنه قام بحذف المنشورين بعد تصريحات نقيب المهن التمثيلية.