يُعتبر عام 2024 محطة فارقة في صناعة موسيقى البوب الكورية أو الكيبوب (K-pop)، التي شهدت تحولات جذرية نتيجة للتحديات التي واجهتها، ما سيؤثر بلا شك على الاتجاهات الغنائية في كوريا الجنوبية خلال السنوات المقبلة. وفيما يلي، نستعرض أبرز التغيرات التي طرأت على هذا النوع الموسيقي الذي حقق انتشارا عالميا مذهلا خلال العقد الأخير.

استقلالية نجوم الفرق الغنائية

تاريخيا، تعتمد موسيقى البوب الكورية على تكوين فرق غنائية تضم عدة أعضاء، وهو ما يتماشى مع ثقافة التعاون والمشاركة الراسخة في المجتمع الكوري. لكن يبدو أن هذه الإستراتيجية تشهد إعادة نظر تدريجية. وقد تأثرت العديد من الفرق الكبرى بفترات التوقف المؤقت لأعضائها، مثل أداء الخدمة العسكرية الإلزامية، مما دفع بعض الأعضاء لإطلاق مسيرات منفردة ناجحة.

على سبيل المثال، نجح جيمين، عضو فرقة “بي تي إس” BTS، في تصدر قائمة “هوت 100” لمخطط بيلبورد الأميركي، كأول مغني كيبوب منفرد يحقق هذا الإنجاز، وذلك بفضل أغانيه الشهيرة مثل “من (Who) و”أقرب من هذا” (Closer Than This). كما شهد جونغكوك نجاحا كبيرا بألبومه المنفرد “غولدن” (Golden)، الذي طرح في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

انتقل هذا التوجه إلى الفرق النسائية أيضا، حيث بدأت نجمات مثل جيني من فرقة “بلاك بينك” بتركيز اهتمامهن على مسيرتهن الفردية، ويبدو أن هذه النجاحات ستُعيق عودة بعض النجوم إلى فرقهم بعد انتهاء زملائهم من الخدمة العسكرية، ومن أبرز الأمثلة على ذلك، الإعلان عن تأجيل عودة فرقة “بي تي إس” إلى عام 2026 بدلا من 2025.

تراجع التعاون مع المغنين العالميين

شهد هذا العام انخفاضا ملحوظا في التعاون بين نجوم الكيبوب والمغنين العالميين، على عكس السنوات السابقة التي كانت تعزز فيها هذه الشراكات شهرة البوب الكوري عالميا. لكن في 2024، تغيّرت الموازين، حيث أصبح المغنون العالميون هم من يسعون للتعاون مع نجوم كوريا لتحقيق انتشار واسع.

من أبرز التعاون الذي تم هذا العام، أغنية “إيه بي تي” (APT) التي جمعت بين روز من “بلاك بينك” والمغني العالمي برونو مارس، إلى جانب شراكة تاي يون مع المغني البريطاني سام سميث في أغنية “لست الوحيد” (I Am Not the Only One). ومع ذلك، كان التعاون بين الفرق الكاملة والمغنين العالميين محدودا، مثل أغنية “حب، مال وشهرة” (Love, Money and Fame) التي جمعت بين فرقة “سفنتين” ودي جي خالد.

بروز فرق الجيل الرابع

مع تراجع نشاط فرق الجيل الثالث عام 2024، تصدرت فرق الجيل الرابع الساحة العالمية، ومن أبرز الأمثلة، فرقة ستراي كيدز، التي تصدرت عناوين الصحف العالمية بفضل نجاحات ألبومها “عملاق” (Giant)، الذي بقي على قوائم بيلبورد لأشهر طويلة. كما لاقت الفرقة اهتماما عالميا بتعاونها مع المغني الأميركي تشارلي بوث في أغنية “أفقد أنفاسي” (Lose My Breath)، ولم يكن حضور أعضاء الفرقة لفعالية ميت غالا Met Gala في أميركا لأول مرة إلا دليلا على ازدياد شهرتهم عالميا.

العالمية على حساب الجمهور المحلي

كانت موسيقى البوب الكورية معروفة باستخدامها للغتها الأم، معبرة عن قضايا المجتمع والثقافة الكورية. لكن في 2024، اتجه المنتجون إلى التركيز على العالمية، حيث أصبحت معظم الإنتاجات تعتمد على اللغة الإنجليزية، وتعكس اهتمامات الجمهور الغربي. هذا التحول أثار انتقادات الجمهور المحلي، الذي يرى أن البوب الكوري كان وسيلة لتعريف العالم بثقافتهم.

هيمنة الرأسمالية على البوب الكوري

برزت سياسات جديدة في صناعة البوب الكوري هذا العام، حيث لاحظ الجمهور تراجع جودة الإنتاجات الموسيقية لصالح الكم الكبير من الأغاني، بهدف تحقيق انتشار واسع. كما دخل المنتجون في شراكات مع شركات ومنصات عالمية لبيع حقوق العروض الكورية، التي كانت تعرض مجانا في السابق، فعلى سبيل المثال، قامت منصة “كيه بي إس” (KBS) ببيع حقوق العرض إلى أمازون برايم، في حين تضاعفت رسوم تطبيق “وي فيرس” Weverse، الذي يُتيح التواصل بين نجوم الكيبوب ومعجبيهم.

شاركها.
Exit mobile version