سيطر الاقتصاد على الزيارة التي قام بها أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى ألمانيا وإيطاليا والتي جاءت بعد أيام من انعقاد أول قمة بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي برئاسة قطر في بروكسل لبحث تفعيل عدد من الاتفاقيات الإستراتيجية بين الجانبين لاسيما اتفاق التجارة الحرة.

الزيارة، التي اختتمت مساء أمس الثلاثاء، ناقشت العديد من الملفات المطروحة على الساحة سواء ملف الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان أو العلاقات الثنائية بين قطر وألمانيا وإيطاليا، فضلا عن ملفات الاستثمار والتجارة والحوار الإستراتيجي السنوي.

وفي بيان قطري إيطالي مشترك في ختام الزيارة، أكد الجانبان أهمية الحوار الإستراتيجي الثنائي بينهما والتطلع لعقد دورته المقبلة في العاصمة القطرية الدوحة، فضلا عن الالتزام بتعزيز علاقات أقوى وأوثق بين الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي، وتشجيع المزيد من التعاون الأكثر تنظيما أيضا على مستوى المنطقتين.

كما اتفق الجانبان على تعزيز الشراكات في مجال الهجرة مع دول المنشأ والعبور من خلال إيجاد حلول مبتكرة، والإقرار بالحاجة إلى تعزيز التعاون الدولي للحد من الجريمة المنظمة، ومنع ومكافحة الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين، وإزالة الأسباب الجذرية للهجرة، وتعزيز وتنوع القنوات النظامية.

https://x.com/TamimBinHamad/status/1848466810561237427?t=KFDBOIa6UyjCdIcVBY4EkQ&s=08

تفضيل الاستثمارات

وأعرب الجانبان عن التزامهما بتفضيل الاستثمارات المباشرة في كلا البلدين مع التركيز على القطاعات الإستراتيجية مثل الطاقة والدفاع وتكنولوجيا الاتصالات والرقمنة والزراعة وإمدادات الغذاء، مشددين على ضرورة الالتزام بإعطاء الأولوية لفرص الاستثمارات المواتية في كلا السوقين.

وأكدت الدوحة وروما على الالتزام بتعميق وتوسيع العلاقات الثنائية الاقتصادية والمالية، وتشجيع التبادل التجاري بين الشركات والجهات الفاعلة الاقتصادية ذات الصلة، لتسهيل تبادل أفضل الممارسات الاقتصادية.

وشدد البيان على أن الجانبين سيعملان على توسيع نطاق التعاون في مجال أمن ونقل الطاقة بما في ذلك في الإطار الأوسع لمشاريع حقل الغاز في قطر، والتركيز أيضا على التعاون الصناعي، والبحث والتطوير، وتنويع المصادر والتحول البيئي، والتعاون في مجالات إدارة المياه وتحويل النفايات إلى طاقة.

 

 

إستراتيجية وطيدة

وعلى المنهج نفسه، كانت زيارة أمير دولة قطر إلى ألمانيا حيث نجحت الدوحة خلال الفترة الأخيرة في بناء شراكة إستراتيجية وطيدة معها، وباتت شريكا إستراتيجيا نشطا لها في منطقتي الخليج والشرق الأوسط، وذلك من خلال جهود مكثفة وفعاليات متواصلة، في إطار مسيرة مزدهرة من العلاقات بين البلدين.

وبحث أمير دولة قطر خلال زيارته برلين مع الرئيس الألماني فرانك شتاينماير والمستشار أولاف شولتز، وعدد من كبار المسؤولين الألمان، العلاقات الثنائية بين البلدين، خصوصا التجارية والاقتصادية والاستثمارية، بالإضافة إلى استعراض القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

وشكلت زيارة أمير قطر لألمانيا فرصة جديدة لدفع وتعزيز العلاقات الثنائية بين الدوحة وبرلين وتطويرها بما يخدم أهدافهما المشتركة للبناء على العديد من الزيارات السابقة، التي شهدت توقيع اتفاقية لإقامة “شراكة في قطاع الطاقة” تهدف لتزويد ألمانيا بالغاز المسال ابتداء من العام 2026.

إمدادات الطاقة

ومن المتوقع أن تعمل هذه الشراكة على تعزيز التنوع في إمدادات ألمانيا من الطاقة من خلال واردات الغاز الطبيعي المسال من قطر، وفي الوقت نفسه تعمل على تيسير التعاون الثنائي في طاقة الهيدروجين ومصادر الطاقة المتجددة.

وفي هذا السياق، أكد نزار معروف المدير الإقليمي للرابطة الألمانية الاتحادية للشركات الصغيرة والمتوسطة “بي في إم دبليو” (BVMW) بقطر، أن زيارة أمير قطر إلى جمهورية ألمانيا تشكل فرصة فريدة لتعزيز تنويع الأسواق أمام القطاع الخاص القطري.

وقال معروف لوكالة الأنباء القطرية إن هذه الزيارة ستسهم في فتح آفاق جديدة لرجال الأعمال القطريين وتوسيع التعاون مع نظرائهم الألمان، مما سيسهم في تعزيز النمو الاقتصادي والتبادل التجاري بين البلدين، موضحا أن هذه الزيارات الرسمية تخلق مناخا إيجابيا لعقد صفقات جديدة، واستكشاف أسواق جديدة في قطاعات مختلفة.

استثمارات متنوعة

وأوضح أنه يوجد حاليا أكثر من 300 شركة ألمانية صغيرة ومتوسطة الحجم في السوق القطري، وهي تعمل في قطاعات متنوعة مثل التكنولوجيا والهندسة والبنية التحتية، كما تسهم هذه الشركات في تعزيز الاقتصاد القطري من خلال استثمارات كبيرة وشراكات إستراتيجية، ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد بعد أن تم العام الماضي افتتاح مكتب الرابطة في قطر، مما سيتيح فرصا استثمارية جديدة، ويعزز وجود الشركات الألمانية بالمنطقة.

وقد شهدت العلاقات الاقتصادية القطرية الألمانية نموا مطردا خلال العقود الستة الماضية، وتعد قطر ثالث أكبر شريك تجاري لألمانيا في منطقة الخليج، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال العام الماضي 7.1 مليارات ريال مقابل 6.8 مليارات ريال عام 2022، وبزيادة بلغت نسبتها 4.4%.

وتحتل ألمانيا المرتبة الثالثة بين أكثر الدول الأوروبية استقطابا للاستثمارات القطرية بعد كل من بريطانيا وفرنسا، وتعد دولة قطر من أكبر المستثمرين هناك بمبلغ يبلغ نحو 25 مليار يورو، تشمل قطاعات صناعة السيارات والاتصالات والضيافة والخدمات المصرفية وغيرها من القطاعات المهمة.

وتمتلك قطر حصصا في أهم المجموعات التجارية والمصرفية الألمانية، وتعد أكبر مساهم في مجموعة “فولكس فاغن” العملاقة لصناعة السيارات بحصة تبلغ قيمتها 9 مليارات دولار أميركي، كما تستثمر في شركة “هاباج لويد”، إحدى كبريات شركات الشحن في العالم، إلى جانب امتلاكها حصة في شركة “هوكتيف”، التي تعد شركة الإنشاءات الكبرى في ألمانيا.

التبادل التجاري

وفي هذا الصدد، أكد رئيس تحرير صحيفة “الراية” القطرية عبد الله طالب المري أن زيارة أمير قطر إلى ألمانيا تعكس قوة وتميز العلاقات بين الدوحة وبرلين، والحرص على تعزيزها في شتى المجالات، ودفعها نحو آفاق أرحب، مشيرا إلى أن الزيارة ستسهم في تعميق الشراكة الاستثمارية وزيادة حجم التبادل التجاري والاقتصادي بين البلدين.

ولفت المري إلى أن العلاقات الثنائية بين البلدين شهدت خلال العقود الماضية نموا وازدهارا ملحوظين على كافة الصعد، حتى غدت دولة قطر من أهم الشركاء الدوليين بالنسبة لألمانيا في منطقة الشرق الأوسط.

وأشار إلى أن البلدين يرتبطان بشكل وثيق بعدد من الاتفاقيات الاقتصادية ومذكرات التفاهم، من أهمها الاتفاقيات المبرمة في مجال الطاقة، وأخرى في المجالات الصناعية والتجارية والصحية والثقافية والرياضية، والطاقة الشمسية والطيران والنقل الجوي، إلى جانب اتفاقية إنشاء لجنة مشتركة للتعاون التجاري والاقتصادي.

واعتبر أن ألمانيا واحدة من أهم الوجهات الاستثمارية بالنسبة لقطر، حيث تشتمل الاستثمارات القطرية في ألمانيا على أهم القطاعات الصناعية الرائدة في الاقتصاد الألماني، وتركز بشكل أساسي على قطاع صناعة السيارات والخدمات المصرفية والتكنولوجيا الدقيقة والشحن وصناعة الأدوية وغيرها من القطاعات المهمة الأخرى.

https://x.com/QatarNewsAgency/status/1848746850414649820?t=zUmaKfhwev01AxaQ4qHp8A&s=08

من جانبه، قال رئيس تحرير جريدة “الوطن” القطرية محمد حجي “إن زيارة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى ألمانيا تمثل إضافة نوعية للعلاقات الثنائية بين البلدين، وتعزز التعاون بينهما في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتعليمية وغيرها”.

وأشار حجي إلى أن الاتفاقيات التي تم توقيعها خلال الزيارة ستسهم في تعزيز العلاقات بين قطر وألمانيا، والتي شهدت تطورا ملموسا في عدة قطاعات حيوية، مؤكدا أهمية الدور القطري الألماني في حل الأزمات الإقليمية نظرا لما تتمتع به دولة قطر من خبرة في الوساطة وحل النزاعات، إلى جانب العلاقات التي تربط ألمانيا بمختلف الأطراف الدولية.

المصدر : الجزيرة + وكالة الأنباء القطرية (قنا)

شاركها.
Exit mobile version