عواصم عربية- بدأ شهر رمضان المبارك وسط حالة اقتصادية لا توصف بأنها الأفضل بطبيعة حال المنطقة العربية، فثمة أزمات أمنية وتغيرات سياسية اتبعتها أزمات اقتصادية في عدد من البلدان، كما أن التضخم هو الضيف الأثقل على موائد الصائمين هذا العام.
في هذا التقرير تستعرض الجزيرة نت حال المائدة الرمضانية في المنطقة العربية، وكيف صارت كلفة موائد إفطار الصائمين في عدة بلدان عربية وفق معدلات التضخم، والأصناف الشائعة التي تقدم على المائدة.
مصر
تلقي الأزمة الاقتصادية التي تعيشها مصر خلال السنوات الأخيرة بظلالها على موائد إفطار المصريين خلال شهر رمضان، وتشهد أسواقها استمرار ارتفاع أسعار السلع مع تراجع معدلات الشراء من قبل المستهلكين.
وتباطأ التضخم السنوي (معدل ارتفاع الأسعار) في مصر قليلا إلى 23.2% في يناير/كانون الثاني الماضي مقابل 23.4% لديسمبر/كانون الأول 2024.
ورغم ما تظهره المؤشرات الرسمية من تراجع معدلات التضخم، تعلو أصوات المعاناة داخل الأسواق من كلا الطرفين، البائع والمشتري.
يقول فايز محمد، بائع لحوم حمراء، لمراسلة الجزيرة نت إن نسبة المبيعات بمتجره تراجعت بشكل كبير مقارنة بسنوات فائتة، بسبب ارتفاع أسعار اللحوم.
ويتراوح سعر كيلو غرام اللحم بين 420 و500 جنيه (8.30 دولارات إلى 9.88 دولارات) ، بزيادة أكثر من 50% مقارنة بعام 2022.
ويضيف البائع أن كثيرا من زبائنه لجؤوا إلى تقليل الكميات التي اعتادوا على شرائها استعدادا لشهر رمضان، وبالتالي تراجعت مبيعاته.
وتقول لبنى السيد، وهي زوجة وأم لثلاثة أبناء، إنها ومنذ رمضان قبل الماضي تلجأ لكثير من الحيل لتقليل الإنفاق على الطعام خلال شهر الصوم، موضحة أن مائدة إفطار أسرتها تخلت بشكل كبير عن أنواع البروتين المختلفة، واختصرت الياميش في التمر والزبيب فقط.
وتضيف السيدة لمراسلة الجزيرة نت دعاء عبد اللطيف أنها تواجه أزمة في تدبير النفقات، قائلة: “راتب زوجي الشهري لا يتجاوز 7 آلاف جنيه (138.26 دولارا)، مما يجعل بند الإنفاق على الطعام يزيد قليلا على 3 آلاف جنيه (59.25 دولارا) أي ما يعادل 7 كيلوغرامات من اللحم فقط”.
وبسؤال تجار وأرباب أسر، وبالنظر إلى ما أعلنته الجمعيات الخيرية عن تكلفة إفطار الصائم، فإن متوسط إنفاق الفرد الواحد على إفطار متكامل العناصر الغذائية من بروتين وخضار وياميش وحلوى وعصائر، يتراوح بين 90 إلى 130 جنيها (1.78 دولار إلى 2.57 دولار) يوميا، ذلك يعني أن متوسط تكلفة الإنفاق للفرد خلال شهر رمضان تتراوح بين 2700 و3900 جنيه (53.33 دولارا إلى 77.03 دولارا)، بينما تقل التكلفة إلى النصف تقريبا حال استثناء اللحوم من المائدة.

العراق
في العراق، يقول الخبير الاقتصادي مصطفى حنتوش إن ثمة تضخما معلنا وآخر غير معلن، أما المعلن فهو يصدر عن وزارة التخطيط للعامين 2023 و2024 ويتراوح بين 3.5% و4%، ويشمل السلع الأساسية مثل الخضروات والفواكه والبقوليات.
ويضيف لمراسل الجزيرة نت فارس الخيام أن التضخم غير معلن يؤثر على سلع أخرى مثل الذهب والعقارات، وقد ارتفعت أسعار العقارات 120% بين عامي 2021 و2023، بينما تجاوز التضخم في أسعار الذهب 30% إلى 40%.
ويقول تاجر المواد الغذائية، منير محمد، إن الأسعار تشهد تباينا ملحوظا بين مواسم رمضان المتعاقبة نتيجة تقلبات أسعار السلع المستوردة المرتبطة بسعر صرف الدولار، مضيفا أن قناعة التاجر تلعب دورا محوريا في تحديد الأسعار، حيث يستغل بعض التجار هذا الموسم لزيادة الأرباح.
وفي حديثه لمراسل الجزيرة نت، يؤكد محمد أن القدرة الشرائية للمستهلكين تؤثر بشكل مباشر على الأسعار، ومع ذلك، فإن الزيادة تتركز في المواد الغذائية الأساسية التي لا تستغني عنها موائد الإفطار، مثل التمور والألبان والأسماك واللحوم وبعض أنواع الحبوب والحلويات، حيث تشهد هذه المواد ارتفاعا في الأسعار.
ويشير إلى أن استهلاك المواطنين يزداد خلال شهر رمضان، مما يؤدي إلى ارتفاع معدل الإنفاق اليومي، موضحا أن متوسط الإنفاق اليومي للأسرة المتوسطة، المكونة من 5 أفراد أو أقل، يتراوح بين 10 و30 دولارا.
من جانبه، يقول التاجر محمود الطائي إن أسعار السلع ترتفع بصورة “طفيفة”، إذ يزيد سعر كيس الأرز الفاخر من 50 دولارا إلى 55 دولارا، وكيس السكر من 30 دولارا إلى 33 دولارا.
ويشير إلى أن الأسعار لم تشهد تغييرات كبيرة وهو تكرار لسيناريو العامين الماضيين، وذلك بفضل استقرار السوق.
ويؤكد المواطن جاسم أبو سما أن بعض المواد الغذائية والألبان وعصائر التمر الهندي واللومي بصرة (شاي الليمون المجفف) والتمور والعدس والأرز والحلويات تحظى بحضور دائم على موائد رمضان، بالتالي ترتفع أسعارها لكن بشكل بسيط.
ويقول إن المائدة الرمضانية تختلف من أسرة إلى أخرى حسب الوضع المادي، فثمة موائد بسيطة وأخرى فاخرة، مضيفا أن وجبة الإفطار لأسرة متوسطة الدخل مكونة من 4 أفراد، مثل أسرته، تكلف حوالي 15 إلى 25 ألف دينار عراقي (ما يعادل 10 إلى 17 دولارا).
فلسطين
في فلسطين، أقرت وزارة الاقتصاد الوطني الحد الأقصى لأسعار 15 سلعة أساسية بعملة الشيكل، منها:
- الخبز: 4.5 شواكل (1.25 دولار).
- الأرز: بين 6 و8 شواكل (1.7 إلى 2.25 دولار)
- لتر الزيت النباتي: بين 1.67 دولار و2.22 دولار.
- كيلو لحم العجل الطازج 60 شيكلا (17.7 دولارا)
- كيلو لحم الخروف الطازج: 90 شيكلا (25 دولارا).
- كيلو الدجاج المذبوح: 17 شيكلا (4.72 دولارات).
ويتكون الطبق الرئيسي لمائدة إفطار أسرة فلسطينية متوسطة الدخل غالبا من الأرز والدجاج، إضافة إلى المحاشي وورق العنب، مع المشروبات الغازية والعصائر الطبيعية كالخروب والسوس (العرق سوس) والليمون واللوز، وحلوى القطايف.
وحسب جمعية حماية المستهلك الفلسطينية تصل كلفة مائدة الإفطار لأسرة متوسطة الدخل مكونة من 4 أفراد إلى 30 دولارا، وترتفع التكلفة لتصل إلى 50 دولارا في حال استبدال الدجاج بلحم الضأن.
وإجمالا تتراوح كلفة موائد شهر رمضان كاملا بين 900 و1500 دولار لأسرة متوسطة الدخل والعدد.
ونقل مراسل الجزيرة نت عوض رجوب، عن أيمن، رب أسرة مكونة من 8 أفراد، أنه ثاني رمضان يحل عليه في الحرب، وسط ضنك شديد، لدرجة أنه ظل يعتمد في قوت عياله على الديْن من متجر قريب له، الذي قرر أخيرا التوقف عن البيع بالدين.
ويقول أيمن، الذي لا يجد عملا منذ بدء الحرب على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول بعد أن كان يعمل داخل الخط الأخضر، إن “اللحوم والدجاج سعرها مرتفع، بينما الكثير من الأصناف الأساسية مثل الزيوت والطحين والطماطم والبطاطا والزهرة (القرنبيط) والخيار، سعرها معقول أو في تراجع، لكن أمثالي ليس لديهم المال للشراء”.
من جهته، يقول حسام محمد، وهو تاجر جملة من منطقة رام الله إن بعض الأسعار تراجعت في الشهور الأخيرة كالزيت والطحين والسكر بنسبة تصل إلى 20%، لكن ذلك لم يؤثر على الحركة الشرائية نظرا لانعدام السيولة.
وتقول رئيسة جمعية حماية المستهلك شمالي الضفة فيحاء البحش للجزيرة نت إن الدجاج مثلا ارتفع إلى 17 شيكلا (4.72 دولارات) مقارنة مع 13 (3.61 دولارات) قبل نحو أسبوع، لكنه قريب من أسعار العام الماضي.
أما سعر لحوم الخراف فوصل الكيلو إلى 120 شيكلا (33.34 دولارا) مع أن وزارة الاقتصاد حددت سقفه بـ90 شيكلا (25.01 دولارا)، بينما وصل سعر كيلو لحم العجل إلى 60 شيكلا (16.7 دولارا) مقارن مع 50 شيكلا (13.9 دولارا) العام الماضي.
ووفق معطيات سلطة النقد الفلسطينية سجل التضخم في فلسطين ما نسبته 46.7% خلال 2024 مقارنة مع 5.6% خلال 2023.
وأشار موقع المؤشرات الاقتصادية إلى انخفاض معدل التضخم السنوي إلى 22.77% في يناير/كانون الثاني 2025 من 87.99% في ديسمبر/كانون الأول 2024.
وقد سجل هذا أدنى معدل تضخم منذ يناير/كانون الثاني 2024، وكانت الأسباب الرئيسية وراء ذلك هي إعلان وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
الجزائر
تتميز مائدة الإفطار الجزائرية بتنوع كبير يضم عددا من الأطباق المشهورة في البلاد على اختلاف مناطقها وتتشكل من أطباق تقليدية أساسية توجد على مائدة الإفطار طيلة الشهر الفضيل وهي شوربة الفريك أو الحريرة والبوراك (رقائق عجينة محشوة باللحوم والأجبان) وطبق اللحم الحلو (تشكيلة من الفواكه المجففة تطهى مع اللحم) والسلطات إلى جانب طبق آخر رئيسي يختلف من منطقة إلى أخرى وتتنوع مكوناته بين اللحوم والأسماك والدواجن.
ويقول المنسق الوطني لمنظمة حماية المستهلك، فادي تميم تميم لـ”الجزيرة نت” إن متوسط 70 ألف دينار (517.54 دولارا) يكفي لقضاء شهر رمضان لعائلة مكونة من 4 إلى 5 أشخاص، فإذا زاد دخل في إطار البذخ، وكلّ حسب إمكانياته.
أما عن أقل ثمن لوجبة، فمن الممكن في الجزائر أن يفطر الشخص وعائلته مجانا على مدار 30 يوما نتيجة انتشار موائد الإفطار الجماعي في كل أحياء البلاد وتوفير المتطوعين والجمعيات وجبات مجانية طيلة الشهر.
وأشار إلى أن وفرة المنتجات والتحضيرات المسبقة إلى جانب عدم تسجيل أي اختلال في السوق يجعل الوضع رمضان الحالي أفضل من الوضع في سابقه.
وقال لمراسلة الجزيرة نت إلهام محمد إن أسعار الخضر تعد أفضل هذا العام مقارنة بالعام الماضي رغم ارتفاعها في الأيام الماضية بـ20 إلى 40 دينارا (0.15 دولار إلى 0.30 دولار) نتيجة زيادة إقبال المواطنين عليها.
ونوه بأن الارتفاع الوحيد سجل في أسعار البطاطا والتمور، إلى جانب اللحوم الحمراء خاصة المستوردة التي سجلت أسعارها ثبات العام الماضي كون هوامش ربحها مسقفة، خاصة لحم الخروف الإسباني المستورد الذي بلغ 2200 دينار للكيلو (16.27 دولارا) بدل 1500 أو 1800 (11.09 أو 13.31 دولارا)، محملا التجار سبب هذا الارتفاع.
من جانبه، يقول محمد، رب أسرة، إنه لاحظ هذا العام وفرة وتنوعا في المنتجات والأسعار، مما جعله يشتري ما يريد في حدود ميزانيته المخصصة لهذا الشهر، مؤكدا أن المتجول في السوق خلال الأيام الماضية يستشعر من الإقبال الكبير بأن الأسعار هذا العام في المتناول.
وتراجع معدل التضخّم في أكتوبر/تشرين الأول 2024 إلى 4.9%، من 5.2% في سبتمبر/أيلول، وفق حسب أرقام الديوان الوطني للإحصائيات.
وبلغ معدل التضخم في الجزائر مع نهاية سنة 2023 حدود 9.32%، قريبا من المستوى المسجّل في 2022 والبالغ 9.27%.
المغرب
استقبل المغاربة شهر رمضان وسط موجة غلاء شملت العديد من المواد الغذائية التي تعد أساسية في المائدة الرمضانية.
واستعد محمد الميساوي، رب أسرة من 4 أفراد، لرمضان منذ أسبوع، إذ اشترى المواد الغذائية وحاجته من اللحوم والأسماك والخضر وغيرها من مواد البقالة تجنبا للازدحام الذي يميز الأسبوع الأخير من شعبان تهيئا لاستقبال رمضان.
ويقول الميساوي لمراسلة الجزيرة نت سناء القويطي إن مستلزمات رمضان هذا العام أنهكت جيبه، وهو عامل في إحدى شركات النقل ولا يتجاوز أجره 6 آلاف درهم (600 دولار) شهريا.
ولم يستطع محمد تغيير عاداته الرمضانية في الاستهلاك رغم أنه في قرارة نفسه يرى ضرورة الاستغناء عن كثير من المواد لإنقاذ جيبه من الإفلاس، لكنه كما يقول يريد أن تعيش أسرته أجواء رمضان الغذائية كما تعودوا في السنوات الماضية.
وقال رئيس الجامعة الوطنية لحماية المستهلك بوعزة الخراطي إن ما يسميه “تسونامي الأسعار” بدأ في المغرب أواخر عام 2022.
وأضاف أن رمضان هذه السنة يختلف عن سابقه بكون ارتفاع الأسعار شمل المنتجات البروتينية مثل اللحوم الحمراء والبيضاء والبيض إلى جانب الأسماك وهي مواد أساسية في المائدة الرمضانية ما سيجعل تكلفتها مرتفعة.
وتقصت الجامعة عبر فروعها في مدن الرباط والقنيطرة والدار البيضاء ومراكش وأكادير وواد زم وكلميم وآيت باها تكلفة مائدة الإفطار في رمضان هذا العام.
ووفق الخراطي، فإن هذه التكلفة تتراوح بين 150 و400 درهم (15 دولارا إلى 40 دولارا) في اليوم الواحد، وفي الشهر ما بين 4 آلاف و12 ألف درهم (أي ما بين 400 و1200 دولار).
ويرتفع استهلاك الأسر في شهر رمضان مقارنة بباقي الأشهر، وتضم مائدة الإفطار المغربية حساء الحريرة، والتمر، والفطائر، وحلوى الشباكية، والسفوف، والسمك أو اللحم أو الدجاج، والسلطات، والعصائر والحليب، والشاي، والمملحات.
وكانت المندوبية السامية للتخطيط (جهاز حكومي مكلف بالإحصاء) أصدرت في مارس/آذار من العام الماضي تقريرا حول ميزانية الأسر في رمضان أظهر أن متوسط نفقات الأسر في رمضان يتزايد بنسبة 18.2% مقارنة بالشهور الأخرى من السنة، وأن الميزانية المخصصة للتغذية ترتفع بنسبة 17.8%.
وأما المنتجات الغذائية التي تعرف زيادة في نفقات استهلاكها في رمضان فهي الأسماك بنسبة 57.7% (تستهلك في رمضان 6.8 كيلوغرامات مقابل 5.2 في باقي الأشهر) والفواكه بنسبة 43.3% (54.3 كيلوغراما مقابل 22.9 كيلوغراما) والبيض بنسبة 35.7% (52.2 وحدة مقابل 39.4 وحدة) والمنتجات الحليبية بنسبة 34.8% (35.8 لترا مقابل 23.7 لترا) واللحوم بنسبة 26% (15.1 كيلوغراما مقابل 11.3 كيلوغراما).
وكانت المندوبية قد أعلنت أن التضخم السنوي مقاسا بمؤشر أسعار المستهلكين قد بلغ 2.4% في 2024 مقابل 6.1% عام 2023.
الأردن
ارتفع معدل التضخم السنوي في الأردن خلال يناير/كانون الثاني إلى 2.29%، بعد أن زاد 1.67% في عام 2024 مقارنة بعام 2023.
وذكرت جمعية حماية المستهلك الأردنية، في اتصال مع مراسل الجزيرة نت حبيب أبو محفوظ، أن كلفة الحد الأدنى لإفطار الأسرة الأردنية برمضان يوميا بلغت 35 دولارا والحد الأعلى 653 دولارا، بالتالي تبلغ كلفة الحد الأدنى شهريا ألف دولار والحد الأعلى 1950 دولارا.
وتتكون مائدة الإفطار الأردنية غالبا من طبق الأرز مع الدجاج الذي يعتبر وجبة رئيسية، واللحوم الحمراء فالأسماك بدرجات متفاوتة، بالنظر لارتفاع أسعارها بالإضافة إلى سلطة الخضروات بصورة دائمة (البندورة والخيار والخس)، والخبز والحساء الساخن.
وعادة يبدأ الأردنيون استعداداتهم لشهر رمضان قبل أسبوع من حلوله، ليبدأ التزاحم على الأسواق، لشراء ما يعرف بـ”مونة رمضان”، التي غالبا ما تقتصر على المواد الغذائية، وتقول هند بني هذيل، ربة منزل عائلتها تتكون من 5 أفراد، إن أسعار المواد الاستهلاكية والغذائية بدأت تشهد ارتفاعا حادا قبل حلول شهر رمضان المبارك.
وشكت بني هذيل في حديثها لمراسل الجزيرة نت حبيب أبو محفوظ من ارتفاع أسعار الدجاج -كمادة أساسية على موائد الأردنيين- وكذلك الخضار والمواد التموينية التي يحتاجها المواطن الأردني في شهر رمضان والتي دائما ما تشهد ارتفاعات حادة وغير مفهومة في مثل هذا الوقت من كل عام.
ودعت بني هذيل الجهات المعنية لتشديد الرقابة على الأسواق لضمان توفر السلع بأسعار مناسبة “حتى لا نبقى تحت رحمة التجار الذين يستغل بعضهم الظروف الاقتصادية الحالية”، مضيفة نجد أن ثمة وفرة في المواد التموينية، لكن التهافت على الشراء يدفع التجار لرفع أسعارها.
وتابعت: “تبقى مشكلتنا ومخاوفنا متكررة كل عام مع بداية شهر رمضان من ارتفاع أسعار المواد التموينية والغذائية، خصوصا السلع التي تحتاجها كل أسرة أردنية، كالسلع الطازجة كالدجاج واللحوم، والأرز والزيوت، وأصناف من الخضار المختلفة.
من جانبه، يؤكد مؤيد غنيم، مدير إحدى الأسواق التجارية في الأردن لـ”الجزيرة نت” أن ثمة وفرة في السلع والمواد التموينية قبيل حلول شهر رمضان، مبينا وجود فروقات في الأسعار ما بين رمضان العام الماضي، والعام الحالي.
وأرجع غنيم الأسباب لارتفاع الأسعار إلى الاضطرابات الأمنية والتوترات الجيوسياسية التي تأثر بها الشحن في البحر الأحمر نتيجة الحرب على قطاع غزة.
لبنان
يواجه لبنان تحديات اقتصادية جسيمة تؤثر بشكل مباشر على تكاليف المعيشة، خاصة في أعقاب العدوان الإسرائيلي الأخير، وتتفاقم هذه الأعباء خلال شهر رمضان المبارك إذ تزداد الضغوط المالية على الأسر اللبنانية وسط الارتفاع المستمر في الأسعار.
ووفقا لإدارة الإحصاء المركزي في لبنان، بلغ معدل التضخم السنوي لعام 2024 نحو 45.24% مقارنة بـ221.3% في عام 2023، مما يعكس تراجعا ملحوظا في وتيرة ارتفاع الأسعار، وإن كانت الضغوط التضخمية لا تزال قائمة.
أما على صعيد التضخم الشهري، فقد سجل مؤشر أسعار المستهلك ارتفاعا بنسبة 1.10% في يناير/كانون الثاني 2025 مقارنة بالشهر السابق، وهو أدنى مستوى خلال 4 أشهر، بعد أن بلغ معدل الزيادة 2.39% في ديسمبر/كانون الأول 2024، وفقا لبيانات إدارة الإحصاء المركزي في لبنان.
وبالرغم من التحديات الاقتصادية الخانقة، لا تزال مائدة الإفطار الرمضاني في لبنان تحافظ على مكوناتها التقليدية التي تتنوع بين التمر، والشوربة، والفتوش، والأطباق الرئيسية، بيد أن تأمينها أصبح أكثر صعوبة مع الارتفاع المستمر في الأسعار، مما يضع الأسر اللبنانية أمام اختبار لقدرتها على التكيف مع الظروف المعيشية المتدهورة، وهكذا يغدو الشهر الفضيل مناسبة تمتزج فيها روحانية الصيام بتحديات الواقع الاقتصادي.
ويقول وليد النميري، صاحب مؤسسة للمواد الغذائية لمراسلة الجزيرة نت نجية دهيشة، إن أسعار المواد الغذائية في رمضان الحالي لم تشهد تغيرا كبيرا مقارنة برمضان السابق، باستثناء بعض السلع التي يرتفع سعرها خلال الشهر الكريم، مثل الأرز والسكر.
ويشير إلى أن الإقبال على الشراء لا يزال متواضعا، مرجعا ذلك إلى التوزيعات والتقديمات التي تقدمها الجمعيات الأممية والأهلية والتي تسهم في تغطية جزء من الاحتياجات الغذائية.
أما أكثر المنتجات طلبا، فتشمل السكر، الأرز، التمر، الجلاب، الشوربات، والمعكرونة، وفيما يلي أبرز أسعار المواد في رمضان:
- سعر كيلوغرام الأرز 1.5 دولار.
- ليتر الزيت 1.5 دولار.
- سعر كيس الشوربة 50 سنتا.
- التمر فيصل سعر 3 كيلوغرامات منه إلى 8 دولارات.
- بينما يتراوح سعر الجلاب بين 5 و5.5 دولارات حسب النوعية.
- أسعار المعكرونة في متناول الجميع حيث تباع 3 عبوات بدولار واحد.
يقول زياد الأحمد، مواطن لبناني لـ”الجزيرة نت” “بصراحة، راتبي لا يكفي لتغطية احتياجاتنا الأساسية بسبب الأوضاع الصعبة في البلد، كنا ننتظر شهر رمضان لنعيش أجواء الخير لكن اليوم أصبح تأمين الطعام اليومي تحديا كبيرا، كل شيء أصبح غاليا، من الخضار واللحوم إلى الأرز والزيت، إذ ارتفعت أسعارها بشكل ملحوظ، كرب أسرة مكونة من 5 أفراد يجبرنا على تقليل الكميات أو الاستغناء عن بعض الأصناف تماما”.
السودان
يستقبل السودانيون شهر رمضان للعام الثاني وسط ظروف اقتصادية صعبة بعدما فقد قطاعا واسعا منهم مصادر رزقهم ووظائفهم، ونهبت ممتلكاتهم، إضافة إلى تباطؤ الاقتصاد وارتفاع أسعار السلع الغذائية، وتآكل القيمة الشرائية للعملة الوطنية.
وحسب الجهاز المركزي للإحصاء، فإن معدل التضخم تراجع في يناير/كانون الثاني الماضي إلى 145.14% مقارنة مع 187.83% سُجلت في ديسمبر/كانون الأول 2024، بعدما كان 198.2% و211.4% في الشهرين السابقين لهما.
وتوقف جهاز الإحصاء عن إعلان معدلات التضخم بعد اندلاع الحرب في منتصف أبريل/نيسان 2023، وقال الجهاز في أول تقرير بعد الحرب إن معدل التضخم في البلاد قفز إلى 136.6% في النصف الأول من عام 2024.
ويقول الناشط في منظمة حماية المستهلك، عصام عبد الرحيم، إن السلع الغذائية متوفرة لكن غالبيتها يصعب على قطاع عريض من المواطنين شراؤها لارتفاع أسعارها بسبب فقد الطبقة الوسطى مصادر رزقها وتوقف الأنشطة الاقتصادية لأصحاب الحرف وتآكل القيمة الشرائية للجنيه السوداني.
ويقدر الناشط في حديث لمراسل الجزيرة نت النور أحمد أن قيمة إفطار رمضان للشخص الواحد في اليوم تتراوح بين 10 آلاف جنيه حوالي (4 دولارات) إلى 20 ألف جنيه (8 دولارات)، وتنقص قليلا في حال كان للمجموعة.
ويفيد بأن قطاعا من المواطنين لا يستطيعون توفير ما يفطرون به -وخصوصا النازحين- ويعتمدون على المطابخ الطوعية “التكايا” في دور الإيواء المؤقتة التي تنشط فيها جمعيات ومنظمات خيرية ومتطوعون يدعمهم رجال أعمال ومؤسسات اقتصادية.
ويضيف الناشط أن غالبية المواطنين يعتمدون على سلع محلية في الإفطار، فيعتمد مواطنو شمال البلاد وشرقها ووسطها على (القراصة) التي تصنع من طحين القمح وفي غرب البلاد على (العصيدة) التي تصنع من الذرة الرفيعة أو الدخن، بجانب البليلة من الحمص أو الدخن المحمص أو العدسية.
ويفضل السواد الأعظم من المواطنين عصائر من الكركدي والتبلدي والبرتقال أو “الحلو مر” من الذرة “النابتة” أو المخمرة.
من جانبه، يقول التاجر سليمان دفع الله لـ”الجزيرة نت” إن ثمة استقرارا نسبيا في أسعار السلع الغذائية، ورغم ذلك يوجد ضعف في القوة الشرائية بسبب أوضاع المواطنين الاقتصادية.
ويوضح أن سعر كيلو السكر نحو 3 آلاف جنيه (1.2 دولار)، وكيلو طحين القمح 2500 جنيه (دولار)، ورطل زيت السمسم نحو 3 آلاف جنيه (1.2 دولار)، ورطل زيت الفول 2500 جنيه (دولار)، وربع الذرة الأبيض 12 ألف جنيه (4.8 دولارات) وربع الدخن 16 ألف جنيه (6.4 دولارات).
بدوره، توقع الناشط الاجتماعي حسن الأمير أن اللحوم ستكون الغائب الأبرز عن المائدة الرمضانية لعدم استطاعة قطاع كبير من المواطنين شراءها لتصاعد أسعارها، حيث يبلغ متوسط سعر كيلو اللحم البقري 16 ألف جنيه (6.5 دولارات) والضأن 20 ألف جنيه (8 دولارات) واللحوم البيضاء 12 ألف جنيه لكيلو الفراخ (4.5 دولارات).