خفض الاحتياطي الفدرالي (المركزي الأميركي) معدلات الفائدة بواقع 50 نقطة أساس إلى ما بين 4.75 و5% لينهي دورة تشديد نقدي بدأت في مارس/آذار 2022، وتوقع المركزي خفضا آخر بـ50 نقطة أساس (0.5%) هذا العام. ويعد هذا الخفض الأول من نوعه منذ 2020.

وأشار بنك الاحتياطي الفدرالي في بيان له إلى أن المؤشرات الأخيرة أظهرت أن النشاط الاقتصادي استمر في التوسع بوتيرة ثابتة، وتباطأت مكاسب الوظائف، وارتفع معدل البطالة لكنه لا يزال منخفضا، كما أحرز التضخم مزيدا من التقدم نحو هدف اللجنة البالغ 2% ولكنه لا يزال مرتفعا إلى حد ما.

وأوضحت لجنة السوق المفتوحة للبنك أنها اكتسبت ثقة أكبر في أن التضخم يتحرك بشكل مستدام نحو 2%، وترى أن المخاطر التي تهدد تحقيق أهداف التشغيل والتضخم متوازنة تقريبا.

التضخم

وتراجعت معدلات التضخم في أغسطس/آب الماضي إلى 2.5% على أساس سنوي من 2.9% مسجلة في يوليو/تموز الماضي، لكن مؤشر أسعار المستهلكين لا يزال أعلى من المستهدف طويل الأجل للاحتياطي الفدرالي البالغ 2%.

وبلغ معدل التضخم الأساسي الذي يستثني المؤشرات الفرعية الأكثر تقلبا مثل الغذاء والطاقة 3.2%، وهو مطابق للتوقعات وللنسبة المسجلة في يوليو/تموز الماضي.

ويتتبع مؤشر أسعار المستهلكين -وهو أكثر مقاييس التضخم شيوعا- تغييرات الأسعار ضمن سلة محددة من السلع والخدمات التي قد يشتريها المستهلك الأميركي العادي خلال فترة معينة.

وبدأت معدلات التضخم في التراجع بعد أن رفع الاحتياطي الفدرالي أسعار الفائدة من مستوياتها القريبة من الصفر التي كانت سائدة من مارس/آذار 2020 حتى مارس/آذار 2022 إلى نطاق تراوح بين 5.25 و5.5% والذي استقر عنده منذ يوليو/تموز الماضي.

وارتفعت مبيعات التجزئة 2.1% على أساس سنوي في أغسطس/آب الماضي، وانتعشت مبيعات المتاجر عبر الإنترنت بنسبة 1.4% الشهر الماضي بعد انخفاضها بنسبة 0.4% في يوليو/تموز السابق له.

ونما الناتج المحلي الأميركي 3% في الربع الثاني على أساس سنوي، وهو معدل أعلى من 2.8% الذي أُعلن عنه الشهر الماضي في التقديرات الأولية، كما نما الاقتصاد بمعدل 1.4% في الربع الأول.

ضغوط

وزادت المطالبات بخفض الفائدة إثر ضغوط من الأسواق بعد بيانات من سوق العمل صدرت الشهر الماضي أدت إلى توقعات بركود اقتصادي، مما تسبب في موجة تراجعات عالمية في أسواق الأسهم بقيادة وول ستريت.

وقالت وزارة العمل الأميركية مطلع أغسطس/آب الماضي إن الوظائف غير الزراعية زادت 114 ألف وظيفة في يوليو/تموز الماضي، وهو رقم أقل بكثير من متوسط التوقعات البالغ 175 ألف وظيفة وفق استطلاع أجرته رويترز لآراء خبراء الاقتصاد، كما أنه أقل بكثير عن رقم 200 ألف وظيفة اعتقد خبراء الاقتصاد أنها ضرورية لمواكبة النمو السكاني.

وقفز معدل البطالة إلى 4.3% في يوليو/تموز الماضي، وهو ما يقرب من أعلى مستوى خلال 3 سنوات.

وفي أغسطس/آب الماضي أضاف أصحاب الأعمال في الولايات المتحدة 142 ألف وظيفة في القطاعات غير الزراعية.

ومع ذلك، جاءت هذه الزيادة أقل من تقديرات الخبراء الاقتصاديين الذين توقعوا أن يصل عدد الوظائف في القطاعات غير الزراعية إلى 160 ألف وظيفة في أغسطس/آب، وفق بيانات “فاكت سيت”.

وكشفت الحكومة الأميركية الشهر الماضي عن أن التقارير السابقة بالغت بشكل كبير في تقدير التعافي الأخير في سوق العمل، وهو ما قد يشكل تطورا مقلقا، نظرا لأن تباطؤ نمو الوظائف يقوض بالفعل الثقة في الاقتصاد.

 

الإنفاق الشخصي

وقالت وزارة التجارة بنهاية الشهر الماضي إن إنفاق المستهلكين الذي يمثل أكثر من ثلثي النشاط الاقتصادي الأميركي زاد 0.5% في يوليو/تموز الماضي بعد صعوده 0.3% في يونيو/حزيران السابق له.

ويعني ذلك أن إنفاق المستهلكين حافظ على معظم الزخم من الربع الثاني عندما ساعد في تعزيز نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى معدل سنوي بلغ 3%.

وارتفع مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي 0.2% في يوليو/تموز الماضي بعد أن كان قد صعد بمستوى غير معدل بلغ 0.1% في يونيو/حزيران.

كما زاد مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي 2.5% خلال 12 شهرا السابقة ليوليو/تموز الماضي، وذلك بعد أن ارتفع بالمعدل ذاته في يونيو/حزيران.

استعداد

وأبدى رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول الشهر الماضي تأييدا صريحا لتيسير السياسة النقدية، قائلا إنه لا يرغب في استمرار الشح في سوق العمل، وعبّر عن ثقته في اقتراب التضخم من الوصول إلى هدف البنك المركزي.

وأضاف باول أمام المؤتمر الاقتصادي السنوي لمجلس الاحتياطي الاتحادي في جاكسون هول بولاية وايومنخ “لقد تضاءلت مخاطر الصعود المتعلقة بالتضخم، وزادت مخاطر الهبوط المتعلقة بالتوظيف”.

وتابع “لقد حان الوقت لتعديل السياسة، لا نريد مزيدا من الشح في أوضاع سوق العمل ولا نرحب به”.

شاركها.
Exit mobile version