القاهرة- شهد سوق الدواء في مصر شراكة هي الأولى من نوعها، حيث أطلق صندوق مصر السيادي وشركة “بي إنفستمنتس” (BINV) القابضة شركة جديدة تدعى “إي زد إنترناشيونال” (EZ International) بمشاركة سلسلة صيدليات العزبي الرائدة في تجارة الأدوية وإدارة الصيدليات، لتقديم خدمات لوجستية وإدارية للمؤسسات الصيدلية وخدمات توزيع وتجارة الأدوية.

ووصفت مصادر حقوقية وصيدلانية للجزيرة نت الشراكة الجديدة بالمفاجأة والتي تفتح الباب أمام تقنين وضع غير قانوني، لأن القانون المصري يجرم امتلاك سلاسل الصيدليات، ويحظر على الصيدلي امتلاك أو المشاركة في أكثر من صيدليتين وألا يدير إلا واحدة، كما انتقدت المصادر نفسها التركيز على الجانب التجاري وليس البحثي والتصنيعي.

يشار إلى أن وزارة الصحة المصرية شطبت في 2019 اسمين من أكبر الأسماء العاملة في مجال الصيدلة بالبلاد ومالكي سلسلتين من أكبر سلاسل الصيدليات هما الدكتور أحمد العزبي والدكتور حاتم رشدي (مالكا صيدليات العزبي ورشدي).

وكانت النقابة العامة للصيادلة قد حولت العزبي إلى هيئة التأديب عام 2011، وشطب من النقابة عام 2012 بشكل نهائي، لكن ترخيص مزاولته للمهنة الخاص بالوزارة بقي ساريا حتى تم شطبه في 2019 امتثالا للحكم القضائي الخاص بالتأديب، وتكرر الأمر ذاته مع الدكتور حاتم رشدي.

استثمارات وفرص جديدة

يهدف الصندوق و”بي إنفستمنتس” إلى زيادة رأس مال الشركة خلال العامين المقبلين، لتقديم الخدمات لأكثر من 500 صيدلية في المحافظات الرئيسية، والاستفادة من أحدث الحلول التكنولوجية لتوفير مجموعة واسعة من الخدمات الرقمية التي ستؤدي إلى تحسين كفاءة التشغيل وتحسين تجربة العملاء، حسب بيان للصندوق.

وعلى المستوى الرسمي، أشادت هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية رئيسة مجلس إدارة الصندوق بالشراكة الجديدة التي “تأتي في صلب رؤية مصر 2030 وأهداف التنمية المستدامة عبر تطوير قطاع الرعاية الصحية كأولوية لتحقيق النمو الاقتصادي المستدام، بالإضافة إلى التوسع في صناعة وتجارة الدواء المصري إقليميا”.

بدوره، اعتبر الرئيس التنفيذي للصندوق أيمن سليمان الشراكة فرصة استثمارية جيدة في قطاع ينمو بشكل كبير، وفي الوقت ذاته تقديم خدمات رعاية صحية عالية الجودة وبأسعار معقولة في متناول الجميع، مشيرا إلى أن قيمة تجارة الأدوية والمكملات الغذائية في مصر تبلغ حاليا نحو 130 مليار جنيه.

وشركة “بي إنفستمنتس” القابضة شركة عامة مدرجة في البورصة المصرية منذ يوليو/تموز 2015، وتعمل في القطاع المالي المتنوع مع التركيز على الخدمات المصرفية الاستثمارية والوساطة، ويتوزع هيكل ملكيتها بين عدد من البنوك الخاصة ووزارة الأوقاف ورجال الأعمال، من بينهم سميح ساويرس وآخرون.

وبشأن ملامح الصفقة التي لم يتم الكشف عن قيمتها حتى الآن، قال أحمد العزبي رئيس سلسلة صيدليات العزبي في تصريحات متلفزة إن صندوق مصر السيادي استحوذ على 49% من حصة السلسلة، في حين احتفظ هو بالحصة الباقية والبالغة 51%.

أين القانون؟

وخلال الأشهر الماضية تناقلت وسائل الإعلام المحلية صدور أحكام غيابية بحق العزبي، بسبب تراكم ديون عليه بمئات ملايين الجنيهات، لكنه أقر بأن حجم الديون يبلغ نحو 300 مليون جنيه (الدولار يساوي نحو 30 جنيها).

وأوضح العزبي حينها أن قطاع الدواء في مصر مر بأوقات صعبة خلال السنوات الماضية، مما أدى إلى تعثر الكثير من الشركات والصيدليات وزيادة المديونيات، لافتا إلى أنه تمت تسوية وتصفية جميع تلك المشاكل.

وأدين العزبي في قضية احتكار تتعلق بمجموعة صيدليات العزبي، لكنه أكد أنه تم التصالح فيها ولا تتضمن عقوبة بالسجن.

وفي تعليقه على الشراكة الجديدة، قال المدير التنفيذي للمركز المصري للحق في الدواء محمود فؤاد إن هناك إشكالية حقيقية في تجارة وتوزيع الأدوية خلال السنوات الماضية، وأصبح المعروض أقل من الطلب بسبب أزمة نقص الدولار وانخفاض قيمة الجنيه، علما بأن نسبة مدخلات الإنتاج في صناعة الأدوية المستوردة من الخارج أكثر من 90%.

وأضاف أنه منذ تعويم الجنيه في نهاية 2016 بدأت هذه الأزمة، وارتفعت أسعار الدواء مرارا واختفت بعض الأصناف، مشيرا إلى أنه خلال العام الماضي زادت أسعار أكثر من ألفي صنف دواء.

وأعرب فؤاد في تصريحاته للجزيرة نت عن تحفظه على دخول الصندوق السيادي المملوك للدولة في شراكة مع كيانات غير قانونية، لأنها تمتلك أكثر من صيدليتين، وهذا يخالف قانون مزاولة مهنة الصيدلة رقم 127 لسنة 1955، واعتبر تأسيس سلاسل صيدليات تحايلا على القانون بدأ بمجموعة صيدليات العزبي وغيرها.

وتساءل “تحت أي بند أو قانون تمت هذه الشراكة؟ وماذا عن باقي الكيانات غير القانونية الأخرى؟ الأمر الآخر أن مثل هذه الشراكة قد تنتج عنها ممارسات احتكارية تضر بسوق الدواء، خاصة أصحاب الصيدليات العادية -وهم الأغلبية العظمى- الذين ليست لديهم قدرات مالية للوقوف أمام كيانات كبيرة وضخمة تقدم حوافز وخصومات للزبائن”.

واعتبر أن ذلك قد يفيد المواطنين من جهة، لكنه يضر بمهنة الصيدلة من جهة أخرى.

صيدلية - مصر

توطين الدواء

بدوره، يقول أمين صندوق نقابة صيادلة مصر الأسبق الدكتور أحمد رامي الحوفي للجزيرة نت “كان من الأفضل أن تكون الشراكة في مجال توطين صناعة الدواء التي تراجعت كثيرا وليست تجارة وتوزيع الأدوية، والمتضرر الأكبر هو الصيدلي، والمنافسة هنا لن تكون عادلة وستنتج عنها بلا شك ممارسات احتكارية، إلى جانب شركات توزيع الأدوية المنافسة في السوق التي تتنافس لتقديم أفضل خدمات وأسعار مالية للصيدليات”.

والمثير في الموضوع -حسب الحوفي- أن الشراكة الجديدة بهذا الحجم الضخم جاءت بعد أشهر قليلة من تداول أخبار بالقبض على أحمد العزبي والحديث عن صدور أحكام ضده وهروبه من مديونيات بمئات الملايين، وقبلها شطب اسمه من النقابة وغيرها من الأزمات.

الأعلى استيرادا

جاءت واردات مصر من المواد الصيدلية ضمن قائمة أعلى 10 سلع استوردتها خلال عام 2022، وبلغت 3.8 مليارات دولار من بين 94.5 مليار دولار إجمالي واردات البلاد، حسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

وفي مارس/آذار 2021 أطلقت مصر خطة تطمح إلى توطين صناعة الدواء وترسيخ التصنيع المحلي للأدوية، وذلك عبر التوسع في إنشاء وتطوير المراكز البحثية الطبية، وتحفيز إنشاء الصناعات الدوائية، وزيادة المكون المحلي وتصنيع الخامات الدوائية.

شاركها.
Exit mobile version