القاهرة – تصاعدت المخاوف بشأن حدوث فقاعة عقارية في مصر، خاصة مع ارتفاع أسعار العقارات بشكل كبير في الآونة الأخيرة، مما قد يتسبب في انخفاض حاد في أسعار العقارات بشكل مفاجئ بعد مرحلة من الارتفاع السريع والاستقرار النسبي.

وخلقت الأزمة الاقتصادية التي شهدتها البلاد منذ 2022 طلبا متزايدا على العقارات بوصفها أحد الملاذات الآمنة من انهيار العملة المحلية.

حتى الانفراجة الاقتصادية في فبراير/شباط الماضي انعكست في شكل استثمار عقاري ضخم من خلال صفقة منطقة “رأس الحكمة” في محافظة مرسى مطروح بين مصر والإمارات بقيمة 35 مليار دولار بالتزامن مع تعويم الجنيه المصري مجددا، مما غذى تلك المخاوف.

ويسهم قطاع التشييد والبناء -أحد أكبر القطاعات الإنتاجية في مصر- بنحو 18% من الناتج المحلي مدعوما بالنمو السكاني البالغ نحو مليوني نسمة سنويا.

وتشير بعض تقارير شركات الأبحاث إلى أن حجم سوق العقارات المصري يبلغ نحو 50 مليار دولار (الدولار يعادل نحو 48.5 جنيها) وسط توقعات بأن ينمو 8.3% بمعدل سنوي مركب، وأن يبلغ حوالي 76 مليار دولار خلال الفترة المتوقعة 2024-2029.

واشتكى بعض المستثمرين الأفراد من عدم قدرتهم على إعادة بيع وحداتهم التي اشتروها في ذروة الأزمة الاقتصادية من أجل تحقيق مكاسب أو حفظ مدخراتهم بعد سلسلة طويلة من انهيار الجنيه طوال العامين الماضيين.

ارتفاع كبير للأسعار مقابل تراجع القدرة الشرائية للمصريين

ويعتقد الخبير الاقتصادي وأستاذ التمويل مدحت نافع أن الجدل بشأن الفقاعة العقارية من عدمه في مصر سببه الاختلاف على تعريف الفقاعة، وقال “الفقاعة العقارية في مصر مرتبطة بمشاهدات معينة وهي ارتفاع كبير في الأسعار بمعدلات كبيرة لا تبررها الأساسيات مثل الأجور الحقيقية للناس التي لا تزيد بمعدل زيادة أسعار العقارات نفسه”.

وأضاف للجزيرة نت أن هناك نوعا من أنواع الركود في السوق بسبب وجود عدد كبير من الوحدات السكنية المغلقة التي تستغل في غير غرضها الأساسي وهو السكن، بل الغرض منها هو “تخزين القيمة”.

واعتبر أن المبرر الأكبر لزيادة الأسعار هو انهيار قيمة الجنيه أمام الدولار.

وإزاء ارتفاع الأسعار، أكد نافع أن القدرة الشرائية للمصريين تضعف، مما يتسبب في زيادة المعروض ( مقابل تراجع الطلب) “لذا لا بد أن أتوقع أن هناك فقاعة”.

لكن نافع يتساءل “هل هناك حتمية حدوث انفجار أم يمكن أن يحدث تفريغ آمن لها؟”، وأجاب “الفقاعة غير مرشحة للانفجار في وقت قريب لأنه ما زال يُنفخ فيها”.

ولتجنب انفجار الفقاعة العقارية، يرى الخبير الاقتصادي أنه يجب أن يكون هناك طلب مستدام على العقارات قادر على امتصاص الكم الكبير منها المتوفر في السوق.

ودعا إلى تحويل جزء من الأموال المستثمرة في العقارات إلى قطاعات إنتاجية أخرى لخفض الضغط على سوق العقارات وتصدير العقار وتقليل مخاطر تشكل فقاعة.

فقاعة أم مضاربة؟

ولا يرى فتح الله فوزي نائب رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين ورئيس لجنة التشييد والبناء بالجمعية، أي مؤشرات لحدوث فقاعة عقارية مستقبلا، وقال “السوق العقاري نشط والطلب متزايد وباع خلال النصف الأول من العام الحالي 3 أضعاف ما باعه خلال النصف الأول من العام الماضي”.

وأضاف في حديث للجزيرة نت “هذا مؤشر على وجود إقبال وليس ركود، ولا توجد ثقافة التمويل (الرهن) العقاري”.

قطاع التشييد والبناء يساهم بنحو 18% من الناتج المحلي (الجزيرة)

وأرجع فتح الله فوزي سبب إثارة مسألة الفقاعة إلى حدوث مضاربة عقارية، أي شراء الوحدة السكنية بهدف بيعها بعد 6 شهور أو سنة واستغلال ارتفاع الأسعار وتراجع الجنيه.

وتابع أنه عندما عاد الاستقرار للسوق واستقرت الأسعار انكشف المضاربون العقاريون وباتوا غير قادرين على إعادة بيعها في ظل وجود مشروعات جديدة وعروض من دون دفعة مقدم.

وعدًدَ فوزي أسباب ارتفاع أسعار العقارات في:

  • الطلب المتزايد المتمثل في النمو السكاني وزيادة الحاجة إلى المساكن.
  • تحوّل المصريين إلى الاستثمار في العقارات كإحدى أهم وسائل الادخار.
  • ارتفاع تكاليف البناء ومعدلات التضخم بسبب زيادة أسعار المواد الخام والعمالة.
  • انخفاض قيمة الجنيه المصري مما يجعل العقارات أكثر جاذبية لحفظ المدخرات.
  • توقعات بارتفاع أسعار العقارات في المستقبل.

موقف الحكومة

من جانبها، استبعدت الحكومة المصرية احتمال حدوث فقاعة عقارية، مشيرة إلى أن الطلب على العقارات لا يزال قويًا، خاصة في ظل الزيادة السكانية المستمرة والاحتياج لمزيد من الوحدات السكنية.

وردا على تلك المخاوف، قال وزير الإسكان المصري شريف الشربيني، خلال مؤتمر صحفي في وقت سابق، إن هدوء الطلب في بعض الفترات لا يعني بالضرورة وجود فقاعة، مشيرا إلى أن العقار يعد من أهم وسائل الاستثمار في مصر.

وأوضح الشربيني أن النمو السكاني السريع بمعدل مليوني نسمة سنويا يتطلب تضافر جهود القطاعين العام والخاص لتوفير ما يزيد عن 200 ألف وحدة سكنية سنويًا لتلبية احتياجات المواطنين.

وباع المطورون العقاريون ما قيمته 800 مليار جنيه (16.5 مليار دولار) في 2023، مقارنة بـ476 مليار جنيه في 2022 بارتفاع 68%، بحسب تقرير “ذا بورد كونسالتنغ” للاستشارات العقارية. وتسيطر 10 شركات على حصة كبيرة من السوق.

كما كشف التقرير عن تجاوز مبيعات تلك الشركات 649 مليار جنيه (13.4 مليار دولار) في النصف الأول من عام 2024، بزيادة 319% عن النصف الأول من العام الماضي.

شاركها.
Exit mobile version