من يهتم بالتداول والاستثمار في الأسواق المالية لابد وأنه قد سمع بمصطلح صناع السوق أو هوامير الأسهم أو حيتان البورصة، فكلها مصطلحات ترتبط بكل ما له علاقة بالتداول والاستثمار في البورصات، فالأسواق المالية تنقسم إلى عدة فئات من المستثمرين، منهم المبتدئين وصغار التجار وصولا إلى كبار المستثمرين أو الهوامير، وهم الذين يلعبون دورًا أساسيًا في تحركات السوق واتجاهاته.
من هم صناع السوق
صناع السوق هو مصطلح يطلق على كل من لديه تأثير ضخم على تحركات الأسواق المالية واتجاهاتها وتحركات أسعار أسهم أو أوراق مالية معينة، وتشمل التالي:
- البنوك المركزية.
- كبرى البنوك الاستثمارية الخاصة.
- كبار المستثمرين الذين يملكون رؤوس أموال ضخمة ومحافظ استثمارية كبيرة، ويمتلكون حصص كبيرة في الأسواق المالية، سواء كانوا أفرادا أو مؤسسات.
قد يتعرض السوق المال سواء سوق تداول الفوركس أو سوق الأسهم إلى تغيرات وتحركات مفاجئة وضخمة جدا، سواء نحو الصعود أو الهبوط لأسهم أو عملات معينة، وذلك يكون نتيجة لعمليات تداول كبيرة جدا تحدث بين هوامير البورصة المفتوحة، سواء كانت عمليات شراء أو بيع مكثف لأحد الأصول بهدف التأثير على قيمته السعرية سواء بالانخفاض أو الارتفاع، وعادة ما يحدث ذلك بهدف تحقيق مصالح شخصية للهوامير.
لذلك لابد لكل مستثمر أن يكون على استعداد دائم لمواجهة تلك التحركات المفاجئة في البورصة والتي تنتج عن قرارات وتنفيذ تداولات ضخمة من صناع السوق تؤدي إلى تحريك الأسعار نحو الاتجاه الذي يخدم مصالحهم الشخصية.
ماذا يفعل صناع السوق
كما يشير الاسم تماما، فصناع السوق هم من يقومون بالتأثير في اتجاهات الأسواق المالية وتحريك أسعار الشراء والبيع لأصول مالية معينة، ويهدفون بذلك إلى تحقيق مصالح معينة خاصة بهم، وبالتالي فهم يؤثرون في الأسواق المالية على النحو التالي:
- تحديد أسعار البيع والشراء أو العرض والطلب لأسهم معينة أو زوج عملات محدد.
- الالتزام بتنفيذ الصفقات وفقا لتلك الأسعار التي وفقا لقيود معينة.
- أخذ ما ينتج عن ذلك إلى السجلات الخاصة بهم للاستفادة منها فيما بعد.
كيف يتلاعب صناع السوق بالبورصة؟
يطلق على هؤلاء المستثمرين اسم صناع السوق نظرا لامتلاكهم حصصًا ضخمة في رؤوس أموال الشركات التي يستثمرون بها، وبالتالي فهم يملكون القدرة على اتخاذ كافة القرارات مع امتلاكهم لكافة الأدوات والوسائل التي تساعدهم في توجيه السوق نحو تنفيذ قرارات معينة للاستفادة منها في صالحهم.
ومن أهم الأدوات التي يملكونها هي وسائل الإعلام والمواقع الخاصة بالتداول ومنتديات تداول الأسهم وصفحات التواصل الاجتماعي المختصة بالتداول، فهي المساحات التي تستخدم لتوجيه المستثمرين والمتداولين نحو تنفيذ قرار معين ومن ثم استغلال ذلك لصالحهم.
من أسوأ الممارسات غير القانونية التي يستخدمها صناع السوق هي عرض شريط أسعار الأسهم في تلك المواقع والتلاعب في الأسعار من خلالها، حيث يتم عرض أسعار للأسهم تكون أقل من الأسعار الفعلية للسوق، مما يدفع المستثمرين إلى الشراء بينما تكون الأسعار في الواقع مرتفعة عن تلك المعروضة.
كما يعتمد هؤلاء على استخدام المعلومات المغلوطة والأخبار المزيفة والشائعات بغرض توجيه صغار المستثمرين للوقوع في فخ معين، مثل شراء سهم معين خاص بشركةٍ ما تتعرض لبعض الضغوط نتيجة لتراجع أسهمها، فيدفعون صغار المستثمرين إلى شراء أسهم تلك الشركة واستغلال ذلك في بيع أسهمهم والخروج بأقل خسائر ممكنة أو ربما الخروج بأرباح قليلة.
الأخبار المزيفة والشائعات والتوقعات العشوائية تعتبر من أكثر المشكلات الشائعة في البورصات العربية والخليجية بشكلٍ خاص، وهي السبب الرئيسي في خسارة العديد من المستثمرين لأموالهم، مما يؤدي إلى تشكيل الرهاب من التداول ومن الأسواق المالية عامةً.
لا يستخدم صناع السوق تلك الأساليب الملتوية وغير القانونية والقانونية أيضا أو التي يصعب البت فيها من أجل رفع أسعار الأسهم فقط، بل يستخدمونها أيضا بشكل ملتوي لتقليل أسعار أسهم معينة بهدف شرائها بأسعار متدنية وتحقيق الربح منها فيما بعد.
أساليب تلاعب صناع السوق بالبورصة
يعتمد صناع السوق في تلاعبهم بالأسواق المالية على العديد من الأساليب المختلفة، قد يتم بعضها بصورة قانونية والبعض الآخر غالبا ما يتم بشكل ملتوي، ومن أهم الأساليب المستخدمة ما يلي:
-
أسلوب الصدمات السعرية
وهو يشبه ما تطرقنا إلى شرحه سابقا، ولكنه يعتمد على مجموعة من الأفراد يتفقون فيما بينهم بشكل سري بهدف تحطيم الأسعار، وهو ما يؤدي إلى إرباك بقية المتداولين الذين يتصرفون بصورة مشابهة.
فإذا كان الهدف هو انخفاض سعر سهم محدد، فتعمل تلك المجموعة على بيع ما يملكون من أسهم في فترة زمنية متقاربة، مما يؤدي إلى وجود إشارات سلبية لبقية المستثمرين حول ذلك السهم. وفي ظل غياب التبريرات لتلك التغيرات المفاجئة في الأسعار وغياب المعلومات حولها، تجد الأخبار المزيفة والشائعات طريقها لبقية المستثمرين ويتحرك السوق في الاتجاه الذي حدده صناع السوق بالفعل.
-
المضاربات الوهمية
وتعتبر من أقدم الممارسات التي تتم في الأسواق المالية ومازالت موجودة حتى الآن، حيث تعتمد على بيع الأصول بشكل صوري، وهي وسيلة فعالة في ظل توفر الإنترنت ومنصات التداول والمنتديات والانتقال اللحظي للمعلومات والأخبار. فبعض المضاربات تعتمد فقط على المراهنات بصرف النظر عن حقيقة وجود مراكز مالية أو وجود أصول حقيقية يمكن تحويلها إلى سيولة مالية.
-
التلاعب عن طريق شركات السمسرة
فهؤلاء الأشخاص يملكون سيولة ضخمة جدا ويملكون الكثير من الأصول المالية والأسهم، ويعتمدون على تبادل المعلومات فيما بينهم والتحرك لمصالحهم ومصالح المستثمرين المشاركين لهم، وفي ظل الضعف في الرقابة على الأسواق المالية يمكن أن يتعاون صناع السوق مع الصناديق الاستثمارية للشركات المدرجة في البورصة بهدف رفع أسعار الأسهم بشكل كبير، ومن ثم تحقيق أرباح ضخمة من تلك العملية، وتقسيم تلك الأرباح بين الأطراف المشتركة في ذلك التلاعب.
بعد الشركات التي تعمل في التداول الإلكتروني تذهب لما هو أبعد من ذلك، حيث تقوم ببيع وشراء الأسهم الخاصة بالعملاء بدون علمهم وبدون الحصول على موافقة مباشرة من العملاء، وذلك بهدف تحقيق أرباح ومكاسب خاصة بالشركة بعيدة عن أموال العملاء، أو للهرب من خسارة واقعة فيها، وبعض تلك الشركات تكون وهمية، وبعد أن تتمكن من الاستيلاء على أموال العملاء وتحقيق مكاسب جيدة قد تختفي تماما من الساحة.
أهمية صناع السوق في الأسواق المالية
بالرغم مما قد يسببه صناع السوق في أضرار وخسائر جسيمة لصغار المستثمرين، إلا أن تواجدهم يحقق فوائد وأهمية كبيرة للبورصات، على النحو التالي:
- فذا غاب صناع السوق فقد يؤدي ذلك إلى انخفاض عدد المعاملات المالية التي تتم بشكل يومي.
- غيابهم يؤدي إلى انخفاض حجم السيولة المالية في الأسواق وارتفاع المصاريف الإدارية وتكاليف التداول.
- عدم تواجدهم سيؤدي البطء الشديد في تحركات البورصات العربية والخليجية بل والعالمية أيضا.
- يساعد صناع السوق في تحديد أسعار السوق بشكل يتناسب مع حجم العرض والطلب على أصول مالية معينة.
- يعمل صناع السوق على مقاربة الأسعار في الأسواق المحلية مع مثيلها في الأسواق العالمية، وذلك نظرا لاطلاعهم الدائم على أسعار الأوراق المالية في الأسواق العالمية.
- وجود صناع السوق يمنح المستثمرين مزيد من الثقة في تجربة التداول نظرا لما يقومون به من تداولات كبيرة بشكل يومي.
