تلقت أسعار النفط دعما صعوديا، بعدما هبطت إلى أقل مستوى في ستة أشهر، وسط ارتفاع الإنتاج الأمريكي ومخزونات البنزين، ما يوضح استمرار توترات السوق وتقلبات الأسعار، فيما لم تكن عمليات البيع الأخيرة في أسواق الطاقة مدفوعة بحافز واحد، بل بتقارب عوامل متعددة، في مقدمتها تخفيضات إمدادات “أوبك +” المعلنة أواخر نوفمبر، حيث إنها ستكون طوعية وليست إلزامية.
وقال محللون نفطيون في تصريحات لـ”الاقتصادية”، “إن الأسواق تأثرت بتسجيل نمو مخيب للآمال في الصين إلى جانب نمو قياسي في إمدادات النفط من الولايات المتحدة”، مشيرين إلى أن نمو إنتاج النفط الخام من خارج “أوبك +” جاء في وقت يتباطأ فيه النشاط الاقتصادي، ما أثر سلبا في الأسعار.
وذكروا أن مخزونات الوقود في الولايات المتحدة التي تجاوزت المعدل الموسمي في الأسابيع الأخيرة أدت إلى الاعتقاد بمعاناة وتباطؤ الطلب، ما أثر بشكل أكبر في المعنويات في السوق النفطية، عادين نشاط المضاربة سببا في تعزيز ضعف الأسعار وزيادة التقلبات وتفاقم التحركات الاتجاهية السائدة، مع تزايد هيمنة اتفاقيات الشراء التقليدية التي يستمر تأثيرها في الأسواق، ويفسح المجال أمام مزيد من حلقات التقلبات السريعة والكبيرة في الأسعار.
وفي هذا الإطار، يرى هيرويوكي كينوشيتا المحلل الياباني ومختص شؤون المصارف والطاقة أن من المرجح أن يعتمد مسار النفط على صحة بيانات اقتصاد الولايات المتحدة، لافتا إلى تقارير دولية ترى أن الركود قد يظهر قريبا، ولذا قد تظل الأسعار منخفضة مع عدم استبعاد حدوث تحول صعودي. وأشار إلى بيانات حديثة تؤكد انخفاض واردات الصين من النفط الخام بنسبة 9.2 في المائة، على أساس سنوي في نوفمبر وهو ما يمثل أول انخفاض سنوي في واردات النفط الخام منذ أبريل وربما يشير إلى ضعف الطلب.
أما أندرو موريس مدير شركة بويري الدولية للاستشارات فيقول “إن بيانات المخزونات تؤثر على نحو متزايد في حركة الأسعار مع إعلان معهد البترول الأمريكي أن تقديراته الخاصة أظهرت زيادة في مخزون النفط الخام والوقود خلال الأسبوع المنتهي في الأول من ديسمبر، ما أدى إلى انخفاض أسعار النفط”.
وأوضح أن أسعار النفط الخام في حالة تقلب بين المضاربين على الارتفاع والمضاربين على الانخفاض، حيث تمتص السوق آثار تخفيضات الإنتاج الأخيرة من “أوبك +” وتفكر في آفاق نمو الطلب الصيني على الطاقة، مشيرا إلى تأكيد بنك دي.بي.إس أن الأخبار الإيجابية الوحيدة هي تأكيد السعودية وروسيا أن تخفيضات “أوبك +” يمكن تمديدها أو تعميقها اعتمادا على أوضاع السوق السائدة.
من جانبه، ذكر مفيد ماندرا نائب رئيس شركة “إل إم إف” النمساوية للطاقة أن “أوبك +” ستكثف جهود ضبط المعروض النفطي في الشهور المقبلة في ضوء الزيادات المتوقعة سواء من الدول المعفاة أو الدول خارج “أوبك +” خاصة الولايات المتحدة وجيانا والبرازيل، والأخيرة تم دمجها أخيرا في تحالف “أوبك +” من العام المقبل، مع إمكانية المشاركة في التخفيضات الإنتاجية في المستقبل.
ونوه بانخفاض إنتاج منظمة أوبك من النفط الخام في نوفمبر الماضي مسجلا أول انخفاض شهري منذ يوليو الماضي حيث أنتجت أوبك 27.81 مليون برميل يوميا من الخام الشهر الماضي، بانخفاض قدره 90 ألف برميل يوميا مقارنة بشهر أكتوبر، بحسب تقارير وبيانات دولية، كما زادت إيران المعفاة من تخفيضات “أوبك +” إنتاجها إلى أعلى مستوى في خمسة أعوام.
وتتفق ويني إكيللو المحللة الأمريكية في شركة أفريكان إنجنيرينج الدولية مع أن نشاط التصنيع الأمريكي انخفض للشهر الـ13 على التوالي، “بينما نجد أن الطلب على الديزل لم يتبع مسارا مشابها لقطاع التصنيع”، مشيرة إلى توقع الخبراء أن تراجع قطاع التصنيع قد يقترب من نهايته، ما قد يدعم أسواق الطاقة مجددا.
وأكدت استمرارية الطاقة التقليدية في السيطرة على مزيج الطاقة خاصة في الدول النامية وتحديدا الدول الآسيوية وهي الأسرع في النمو، لافتة إلى أن الوقود التقليدي بما في ذلك الفحم يسهم في أكثر من 60 في المائة، من إنتاج الطاقة في العالم.
من ناحية أخرى، فيما يخص الأسعار، ارتفعت أسعار النفط خلال تعاملات أمس، بعدما هبطت إلى أقل مستوى في ستة أشهر، وسط ارتفاع الإنتاج الأمريكي ومخزونات البنزين. وكانت بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية كشفت الأربعاء عن ارتفاع مخزونات البنزين بمقدار 5.4 مليون برميل في الأسبوع الماضي، وهو مستوى أعلى من توقعات ارتفاعه بنحو مليون برميل.
وبحلول الساعة 04:09 بتوقيت جرينتش، صعدت العقود الآجلة لخام برنت 38 سنتا بما يعادل 0.5 في المائة إلى 74.68 دولار للبرميل، كما ارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 42 سنتا، أو 0.6 في المائة إلى 69.80 دولار للبرميل.
وقال محللون لدى ANZ “إن السوق صدمت بالبيانات التي أظهرت ارتفاع مخزونات الوقود”، وأشارت المذكرة إلى أن الاتجاه الهبوطي كان نتيجة لمخزونات الوقود المرتفعة.
وفي السياق ذاته، أظهر مسح تراجع إنتاج أوبك من النفط 90 ألف برميل يوميا في نوفمبر على أساس شهري، إذ ضخت المنظمة 27.81 مليون برميل يوميا، بانخفاض 90 ألف برميل يوميا عن أكتوبر، وارتفع الإنتاج في الأشهر الثلاثة حتى أكتوبر.
من جانب آخر، تراجعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 78.31 دولار للبرميل الأربعاء مقابل 80.01 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول أوبك أمس “إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق أول انخفاض عقب ارتفاع سابق، وإن السلة خسرت نحو سبعة دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 85 دولارا للبرميل”.

شاركها.
Exit mobile version