تلقت أسعار النفط الخام دعما إيجابيا من إعلان السعودية مواصلة خفض الإنتاج الطوعي الإضافي بمقدار مليون برميل يوميا في ديسمبر، الذي بدأ منذ يوليو الماضي، حيث ستضخ نحو تسعة ملايين برميل يوميا الشهر المقبل.
وتابعت السوق باهتمام تأكيد وزارة الطاقة السعودية أن قرار الخفض الطوعي ستتم مراجعته الشهر المقبل للنظر في تمديد الخفض أو تعميق الخفض أو زيادة الإنتاج.
ويقول لـ”الاقتصادية”، محللون نفطيون “إن المخاوف من توسيع الصراع في الشرق الأوسط كانت سببا في زيادة أسعار النفط”، محذرين من أن امتداد الحرب قد يقلص الإمدادات النفطية.
وأوضحوا أنه مع عدم وجود نقص في المحفزات الهبوطية في أسواق النفط، يواصل الاقتصاد الصيني إرسال إشارات متضاربة حيث طغت التقارير الأخيرة عن أزمة الديون المتكشفة على التقارير عن الطلب القوي على السلع الأساسية بما في ذلك النفط.
وذكر المحللون أن إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة ارتفع إلى أعلى مستوى له على الإطلاق عند 13.2 مليون برميل يوميا.
وفي هذا الإطار، قال روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، “إن أسعار النفط الخام منذ منتصف شهر أكتوبر الماضي تحت تأثير الأحداث في الشرق الأوسط، ما أدى إلى صرف انتباه السوق عن انخفاض المخزونات وسياسات المنتجين التي تهدف إلى الحفاظ على مستويات أسعار أعلى لتعزيز الاستثمارات”.
ولفت إلى أن قرارات بنك الاحتياطي الفيدرالي أصبحت حاليا في مركز الاهتمام الرئيس في السوق، كما عاد التركيز على أساسيات العرض والطلب والمخزونات، لكن بطبيعة الحال إن أي تغيير كبير في المعنويات جراء تطورات جديدة بشأن الشرق الأوسط خاصة احتمالية نشوب صراع إقليمي أوسع نطاقا يمكن أن يعمل مرة أخرى كقوة تشتيت للانتباه عن أساسيات السوق النفطية.
من جانبه، قال ردولف هوبر الباحث في شؤون الطاقة ومدير أحد المواقع المتخصصة، “إن منتجي الشرق الأوسط يحافظون على تدفق شحنات النفط، وفصل أمن الإمدادات عن الوضع الجيوسياسي”.
وذكر أن قادة أكبر منتجي “أوبك” يعملون على استقرار وتوازن السوق ويستعدون لاجتماع وزاري موسع نهاية الشهر الجاري وسط توقعات قوية بالحفاظ على تخفيضات الإنتاج الحالية دون تغيير، مشيرا إلى مخاوف التباطؤ الحاد في الاقتصاد العالمي على الطلب النفطي.
من ناحيته، ذكر ماثيو جونسون المحلل في شركة “أوكسيرا” الدولية للاستشارات، أن أسعار النفط الخام أصبحت تحت ضغوط حادة ومتضادة بين ارتفاع المخاطر المرتبطة بالصراع في الشرق الأوسط على جانب العرض مقابل مخاوف اتساع تباطؤ الاقتصاد العالمي، وهو الأمر الذي سيزيد من الضغوط الهبوطية على الطلب العالمي على النفط الخام.
وأشار إلى أن السيناريو الأساسي للحرب بين إسرائيل وحماس يرى أن القتال سيظل محصورا إلى حد كبير في قطاع غزة، حيث لا توجد هناك بنية تحتية لإنتاج النفط، ومع ذلك قد يحدث انقطاع في إمدادات النفط في حالة تدخل الولايات المتحدة بزيادة العقوبات الاقتصادية على الصادرات من النفط الخام الإيراني.
بدورها، قالت مواهي كواسي العضو المنتدب لشركة أجركرافت الدولية، “إن تطورات الصراع في الشرق الأوسط يصعب التنبؤ بها”، مشيرة إلى أن علاوة المخاطرة ستظل قائمة في السعر، ما يعزز السوق ويساعد جزئيا على تعويض مزيد من الديناميكيات الهبوطية على الجانب الكلي.
وأوضحت أن خام برنت قدم أداء سعريا قويا للغاية خلال الربع الثالث مرتفعا بأكثر من 27 في المائة ليغلق فوق 95 دولارا للبرميل في 29 سبتمبر الماضي، مبينة أن الزيادة كانت مدعومة بعدة عوامل أبرزها القيود المتزايدة على الإمدادات، التي كانت مقترنة باستهلاك أقوى موسميا، ما دفع سوق النفط العالمية إلى عجز كبير.
وفيما يخص الأسعار، ارتفع النفط أمس بعد أن أكدت السعودية وروسيا، أكبر بلدين مصدرين للنفط في العالم، مواصلة الخفض الطوعي للإمدادات حتى نهاية العام.
وخلال التعاملات أمس، ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 1.03 دولار، بما يعادل 1.21 في المائة، إلى 85.92 دولار للبرميل، في حين بلغ خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 81.58 دولار للبرميل، مرتفعا 1.07 دولار، أو 1.33 في المائة.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام “أوبك” وسجل سعرها 89.80 دولار للبرميل يوم الجمعة مقابل 89.10 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وذكر التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” أمس أن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق ثاني ارتفاع له على التوالي، وأن السلة خسرت نحو دولارين مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 91.60 دولار للبرميل.

شاركها.
Exit mobile version