استمرت تقلبات أسعار النفط الخام بسبب مخاوف الركود، لكن في المقابل تعززت المعنويات الإيجابية في السوق النفطية، مع تأكيد شركات التكرير الأمريكية أنها متفائلة بسبب علامات الطلب القوي على الوقود.
وزادت التوقعات الإيجابية للخام مع بقاء مخزونات البنزين والديزل في الولايات المتحدة دون متوسط الأعوام الخمسة لهذا الوقت من العام، ما يزيد من دعم أسعار النفط.
ويقول لـ”الاقتصادية” محللون نفطيون، إنه مع اقتراب موسم القيادة من المقرر أن يظل الطلب على الوقود قويا، لكن المخاوف الاقتصادية وانتعاش الصين البطيء يبقيان أسعار النفط منخفضة، لافتين إلى حالة من مرونة الطلب على الوقود قد تدعم أسعار النفط وهوامش التكرير الأمريكية.
وأفادوا بأنه على الرغم من أن هوامش التكرير العالمية تراجعت إلى النصف منذ شباط (فبراير) الماضي، مع استمرار ارتفاع إمدادات النفط الروسية وعلى الرغم من الحظر، فإن المصافي الأمريكية متفائلة ولا يرى معظمها بوادر على انخفاض الطلب على الوقود.
ولفت المختصون إلى أن تحالف منتجي “أوبك +” يتأهب لاجتماع وزاري جديد مطلع الشهر المقبل لمراجعة أحدث البيانات ومستجدات السوق وتقييم مدى فاعلية مستويات الإنتاج الحالية، مؤكدين أن تحالف “أوبك +” لن يتردد في كبح الإنتاج مجددا عند الحاجة، لمنع تضرر الإنتاج والاستثمار.
وفي هذا الإطار، قال هيرويوكي كينوشيتا المحلل الياباني ومختص شؤون المصارف والطاقة، إن آفاق الطلب العالمي على النفط قوية، ما يعزز التوازن في السوق خاصة مع اقتراب موسم القيادة والذروة السنوية للطلب على البنزين، عادا أن أسواق البنزين والديزل الضيقة هي عوامل صعودية لأسعار النفط.
وأضاف أن العوامل الهبوطية ما زالت مؤثرة وباقية في السوق النفطية، حيث يركز المستثمرون والمضاربون على المخاوف بشأن النمو الاقتصادي والانزلاق المحتمل في الطلب على الوقود، في حالة حدوث ركود كامل في وقت لاحق من هذا العام.
ويتفق مفيد ماندرا نائب رئيس شركة “إل إم إف” النمساوية للطاقة مع أن العنوان الرئيس لعام 2023 هو انتعاش الطلب على وقود الطائرات والبنزين، مدعوما بموسم قيادة صيفي أقوى من التقديرات السابقة.
ونقل عن مسؤولين تنفيذيين في بعض أكبر شركات التكرير الأمريكية، حينما تم إعلان أرباح الربع الأول في وقت سابق من هذا الشهر، أن هوامش التكرير تراجعت منذ الربع الأخير من 2022، لكنها لا تزال أعلى من المعايير التاريخية.
أما أندرو موريس مدير شركة “بويري” الدولية للاستشارات فيشير إلى أن السوق النفطية تستمر في اجتياز فترة من التقلبات المتلاحقة وتتسم ببعض الضبابية وعلى الرغم من وجهات النظر المتفائلة بشأن الطلب على الوقود في الصيف تراجعت أسعار النفط بمقدار عشرة دولارات للبرميل منذ منتصف نيسان (أبريل) الماضي، ما أدى إلى محو المكاسب التي حققها النفط بعد إعلان “أوبك +” تخفيضات إضافية حتى نهاية العام الجاري.
وأبرز تأكيد وكالة الطاقة الدولية، أن المخاوف بشأن الاقتصاد وأسعار الفائدة المرتفعة تطغى من وقت إلى آخر على الإشارات التي تشير إلى أن ضيق العرض وتشديد السوق أصبحا محتملين بشكل كبير في وقت لاحق من هذا العام.
بدورها، قالت ويني أكيللو المحللة الأمريكية في شركة “أفريكان إنجنيرينج” الدولية إن السوق النفطية كانت تراهن بشكل واسع على انتعاش الصين اقتصاديا ومع ذلك فإن البيانات الاقتصادية الصادرة من الصين تلقي بثقلها على المعنويات، كما أفادت تقارير نفطية دولية، أن الانتعاش الاقتصادي الصيني بعد إعادة الافتتاح جاء مخيبا للآمال.
وأضافت أن الأداء الضعيف في الصين جاء متزامنا أيضا مع عوامل أخرى، منها حالة عدم اليقين بشأن الاقتصاد الأمريكي والنظام المصرفي العالمي، وسط ترقب كبير لتأثير أسعار الفائدة المرتفعة في الطلب، إضافة إلى ترقب الجديد في سعى الولايات المتحدة لإعادة ملء احتياطي البترول الاستراتيجي.
من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار، تراجعت أسعار النفط أمس، وسط مخاوف بشأن وفرة المعروض، وذلك بعد ارتفاعها بنحو 3 في المائة، خلال الجلسة السابقة. وهبطت العقود الآجلة لخام برنت 24 سنتا إلى 76.72 دولار للبرميل، كما انخفض خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 21 سنتا إلى 72.62 دولار للبرميل.
وارتفع كلا الخامين القياسيين بنحو 3 في المائة، أمس الأول، وسط تفاؤل إزاء الطلب على النفط ومفاوضات سقف الدين في الولايات المتحدة. وتتعرض أسعار النفط لضغوط من بينها القفزة غير المتوقعة التي شهدتها مخزونات النفط الأمريكية الأسبوع الماضي بسبب سحب جديد من الاحتياطي البترولي الاستراتيجي.
وزادت المخزونات خمسة ملايين برميل في الأسبوع المنتهي في 12 أيار (مايو) إلى 467.6 مليون برميل مقابل توقعات بتراجع بواقع 900 ألف برميل في استطلاع لـ”رويترز”. كما يراقب المستثمرون عن كثب التطورات المتعلقة بمفاوضات سقف الدين في الولايات المتحدة.
في غضون ذلك، أكد الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس مجلس النواب الجمهوري كيفن مكارثي عزمهما التوصل إلى اتفاق قريبا لرفع سقف دين الحكومة الاتحادية البالغ 31.4 تريليون دولار وتجنب تخلف الحكومة عن سداد التزاماتها لما سيكون لهذا من تداعيات كارثية.
من جانب آخر، حجبت منظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” أسعار سلتها أمس بسبب العطلة العامة في النمسا وأوروبا.

شاركها.
Exit mobile version