توقع البنك الدولي انتعاش نمو الاقتصاد السعودي خلال 2024 إلى 4.1 في المائة (بفارق 0.8 في المائة عن توقعاته التي أصدرها في يونيو 2023)، بسبب زيادة إنتاج النفط وصادراته، على الرغم من تمديد الخفض الطوعي في إنتاج النفط إلى هذا العام.
كما رجح أن يرتفع معدل النمو في دول مجلس التعاون الخليجي ليبلغ 3.6 في المائة في 2024 و3.8 في المائة في 2025.
وتم تعديل التنبؤات بالزيادة، مقارنة بما كان متوقعا في يونيو، ما يعكس معدلات نمو أقوى من المتوقع في البلدان المصدرة للنفط، ويدعم ذلك انتعاش النشاط النفطي.
ووفقا لأحدث تقرير للبنك، فإن الصراع في الشرق الأوسط أدى إلى زيادة حالة عدم اليقين بشأن توقعات النمو في المنطقة.
وبافتراض عدم تصاعد الصراع، فمن المتوقع أن يزيد معدل النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى 3.5 في المائة في عامي 2024 و2025.
وفي مصر، تشير التقديرات إلى تباطؤ النمو في العام المالي 2022/ 2023 (من يوليو 2022 إلى يونيو 2023) بسبب القيود المفروضة على الواردات، وتراجع القوة الشرائية للأسر المعيشية، وتباطؤ نشاط الشركات وأنشطة الأعمال. في المقابل، تشير التقديرات إلى أن النمو قد انتعش في المغرب، على الرغم من الزلزال الذي وقع في سبتمبر، مع تعافي القطاع الفلاحي.
وعلى مستوى البلدان الأخرى المصدرة للنفط، مثل الجزائر والعراق، من المتوقع أن تسهم زيادة الإنتاج في أوائل 2024 في تسريع وتيرة النمو.
ولا تزال الآفاق الاقتصادية للضفة الغربية وقطاع غزة يكتنفها قدر كبير من عدم اليقين، حيث من المتوقع أن ينكمش النمو 6 في المائة في عام 2024، بعد انكماشه 3.7 في المائة في عام 2023. وسيؤدي الدمار الهائل للأصول الثابتة في غزة إلى انكماش كبير للنشاط الاقتصادي، كما سيؤدي الصراع الدائر إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية المتردية بالفعل في الضفة الغربية. وإذا هدأت حدة الصراع، فمن المتوقع أن تسهم جهود إعادة الإعمار في انتعاش النمو ليصل إلى 5.4 في المائة في 2025.
الاقتصاد العالمي
توقع البنك الدولي، أن يسجل الاقتصاد العالمي معدلات تدعو للأسف في نمو إجمالي الناتج المحلي بنهاية 2024، هي الأدنى والأبطأ في فترة خمسة أعوام على مدى 30 عاما.
وأشار البنك إلى أن الاقتصاد العالمي في وضع أفضل مما كان عليه قبل عام، إذ تراجعت مخاطر حدوث ركود عالمي، ويرجع ذلك بقدر كبير إلى قوة الاقتصاد الأمريكي، لكن التوترات الجيوسياسية المتصاعدة يمكن أن توجد أخطارا جديدة تواجه الاقتصاد العالمي على المدى القريب. وأوضح البنك في تقريره، أن الآفاق متوسطة الأجل أصبحت قاتمة بالنسبة لعديد من الاقتصادات النامية وسط تباطؤ معدلات النمو في معظم الاقتصادات الكبرى، فضلا عن تباطؤ التجارة العالمية، وأكثر الأوضاع المالية تشديدا منذ عقود.
وتوقع ألا يتجاوز نمو التجارة العالمية في عام 2024 نصف المتوسط في الأعوام العشرة، التي سبقت جائحة كورونا.
وفي الوقت نفسه، من المرجح أن تظل تكاليف الاقتراض بالنسبة للاقتصادات النامية -خاصة تلك التي تعاني ضعف التصنيف الائتماني- مرتفعة مع بقاء أسعار الفائدة العالمية عند أعلى مستوياتها على مدى 40 عاما بعد استبعاد أثر التضخم.
ورجح البنك أن يتباطأ النمو العالمي للعام الثالث على التوالي من 2.6 في المائة في العام الماضي إلى 2.4 في المائة في عام 2024، أي أقل بنحو ثلاثة أرباع نقطة مئوية عن المتوسط السائد في العقد الثاني من القرن الـ21.
كما توقع أن تنمو الاقتصادات النامية 3.9 في المائة فقط، وهو معدل أقل من المتوسط الذي تحقق في العقد السابق بأكثر قليلا من نقطة مئوية واحدة.
وبعد أداء مخيب للآمال في العام الماضي، من المتوقع أن تحقق البلدان منخفضة الدخل معدلات 5.5 في المائة، وهي معدلات أقل من المتوقع في السابق. وبنهاية 2024، سيظل الناس في بلد واحد من كل أربعة بلدان نامية ونحو 40 في المائة من البلدان منخفضة الدخل أكثر فقرا مما كانوا عليه قبل تفشي جائحة كورونا في عام 2019.
أما في الاقتصادات المتقدمة، فمن المتوقع أن يتباطأ معدل النمو إلى 1.2 في المائة هذا العام انخفاضا من 1.5 في المائة في 2023. من جانبه، قال إندرميت جيل، رئيس الخبراء الاقتصاديين بمجموعة البنك الدولي والنائب الأول للرئيس “ما لم يحدث تصحيح رئيس للمسار، ستكون الأعوام العشرة من 2020 إلى 2030 عقدا من الفرص الضائعة، وسيظل النمو ضعيفا على المدى القريب، وسيؤدي ذلك إلى حدوث ارتباك في عديد من البلدان النامية، ولا سيما الأشد فقرا منها، وستؤدي معدلات الديون العالية إلى نقص قدرات هذه البلدان، بل سيكون من الصعب للغاية توفير الغذاء لواحد من كل ثلاثة أشخاص تقريبا”.
وأضاف “سيعرقل ذلك إحراز تقدم في سبيل الوفاء بعديد من الأولويات العالمية. لكن لا تزال هناك فرص لتغيير الوضع. ويعرض هذا التقرير طريقا واضحا للمضي قدما، فهو يحدد التحول الذي يمكن تحقيقه إذا تحركت الحكومات الآن لتسريع وتيرة الاستثمارات وتعزيز أطر سياسات المالية العامة”.
وبحسب التقرير، فإنه للتصدي لتغير المناخ وتحقيق الأهداف الإنمائية العالمية الرئيسة الأخرى بحلول 2030، على البلدان النامية تحقيق زيادة هائلة في الاستثمارات بنحو 2.4 تريليون دولار سنويا، ودون حزمة شاملة من السياسات، لن تكون الآفاق واعدة لتحقيق هذه الزيادة.
ومن المتوقع أن يبلغ متوسط نصيب الفرد من نمو الاستثمارات في الاقتصادات النامية بين عامي 2023 و2024 نحو 3.7 في المائة فقط، وهو ما يزيد قليلا على نصف المعدل السائد في العقدين السابقين.
ويقدم التقرير أول تحليل عالمي لما يتطلبه تحقيق طفرة استثمارية مستدامة، بناء على تجارب 35 اقتصادا متقدما و69 اقتصادا ناميا على مدى الـ70 عاما الماضية.
ويخلص التقرير إلى أن الاقتصادات النامية غالبا ما تجني مكاسب اقتصادية غير متوقعة عندما تعمل على تسريع وتيرة نمو نصيب الفرد من الاستثمارات إلى 4 في المائة على الأقل وتحافظ على هذا المعدل لمدة ستة أعوام أو أكثر، وهنا تتسارع وتيرة التقارب مع مستويات الدخل في الاقتصادات المتقدمة، ويتراجع معدل الفقر بسرعة أكبر، ويتضاعف نمو الإنتاجية بواقع أربعة أمثال.
وتظهر منافع أخرى أيضا خلال هذه الفترات، على سبيل المثال، تتراجع معدلات التضخم، ويتحسن المركزان المالي والخارجي، وتتوافر خدمات الإنترنت للناس بوتيرة سريعة.
بدوره، قال أيهان كوسي، نائب رئيس الخبراء الاقتصاديين ومدير مجموعة آفاق التنمية بالبنك الدولي “يمكن أن تحقق طفرات الاستثمار تحولا في الاقتصادات النامية وتساعد على تسريع وتيرة التحول في استخدام الطاقة، فضلا عن تحقيق مجموعة متنوعة وواسعة من الأهداف الإنمائية”.
وأضاف “لتحقيق هذه الطفرات، على الاقتصادات النامية تنفيذ حزم شاملة من السياسات لتحسين أطر سياسات المالية العامة والسياسات النقدية، وزيادة معدلات التجارة والتدفقات المالية العابرة للحدود، وتحسين مناخ الاستثمار، وتدعيم جودة المؤسسات”.
وأشار إلى أن “هذا عمل شاق، لكن عديدا من الاقتصادات النامية تمكنت من القيام به من قبل. وسيساعد القيام بذلك مرة أخرى على التخفيف من التباطؤ المتوقع في النمو المحتمل في المدة المتبقية من هذا العقد من الزمان”.
ويحدد أحدث إصدار من تقرير الآفاق الاقتصادية العالمية أيضا ما يمكن أن يفعله ثلثا البلدان النامية – وخاصة البلدان المصدرة للسلع الأولية – لتجنب دورات الانتعاش والكساد. ويخلص التقرير إلى أن الحكومات في هذه البلدان غالبا ما تعتمد سياسات مالية عامة تزيد من حدة نوبات الانتعاش والكساد. فعندما تؤدي الزيادة في أسعار السلع الأولية إلى زيادة معدلات النمو بمقدار نقطة مئوية واحدة.
على سبيل المثال، تقوم الحكومات بزيادة الإنفاق بطرق تعزز معدلات النمو بمقدار 0.2 نقطة مئوية إضافية.
وبوجه عام، في أوقات اليسر، تتجه سياسة المالية العامة إلى زيادة النشاط الاقتصادي بأكثر من اللازم. وفي أوقات الشدة، تعمل على زيادة حالة الركود.
وهذه “المسايرة لاتجاهات الدورات الاقتصادية” أشدة قوة بنسبة 30 في المائة في الاقتصادات النامية المصدرة للسلع الأولية، مقارنة بالاقتصادات النامية الأخرى.
وجرت العادة أن تكون سياسات المالية العامة أكثر تقلبا في هذه الاقتصادات بنسبة 40 في المائة، مقارنة بالاقتصادات النامية الأخرى. وبحسب البنك الدولي، يؤدي عدم الاستقرار المرتبط بزيادة معدل المسايرة لاتجاهات الدورات الاقتصادية وتقلبات سياسات المالية العامة إلى معوقات مزمنة في آفاق النمو في الاقتصادات النامية المصدرة للسلع الأولية.
ومن الممكن الحد من هذه المعوقات بتطبيق إطار مالية عامة يساعد على ضبط الإنفاق الحكومي، واعتماد أنظمة مرنة لسعر الصرف، وتجنب القيود على حركة رأس المال الدولي.
وفي المتوسط، يمكن لهذه التدابير على صعيد السياسات أن تساعد البلدان النامية المصدرة للسلع الأولية على زيادة نمو نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي بما يصل إلى نقطة مئوية واحدة كل أربعة أو خمسة أعوام. ويمكن أن تستفيد البلدان من إنشاء صناديق الثروات السيادية وغيرها من احتياطيات الأيام العصيبة التي يمكن تعميمها بوتيرة سريعة في حالات الطوارئ.

شاركها.
Exit mobile version