قال محللون نفطيون “إن تقلبات أسعار النفط الخام مستمرة مع اتساع الضغوط الهبوطية في سوق تتأثر بشكل مباشر بالأحداث الجيوسياسية والسياسات الاقتصادية”، مؤكدين أن قطاع النفط العالمي يعد كيانا معقدا ومتعدد الأوجه، وأثبتت التطورات الأخيرة في الشرق الأوسط ذلك مرة أخرى، ما أثر بشكل كبير في صناعة النفط.
وأشاروا إلى أن تضييق السوق النفطية مستمر لتعزيز التوازن بين العرض والطلب، حيث إن أوبك ملتزمة بخفض إنتاجها النفطي بمقدار مليوني برميل يوميا حتى نهاية 2024، بينما اتفقت السعودية وروسيا على إجراء خفض إضافي قدره 1.3 مليون برميل يوميا حتى نهاية العام الجاري.
ولفت المحللون في تصريحات لـ”الاقتصادية”، إلى أن أوبك ليس لديها خطط لجدولة اجتماعات طارئة وسط هدوء نسبي حدث في المخاوف من الارتفاع السريع في أسعار النفط، ولا يزال الوضع غير مؤكد إلى حد كبير، حيث يشهد كل من الذهب والنفط ارتفاعات سريعة استجابة للصراع المتصاعد.
وفي هذا الإطار، يقول هيرويوكي كينوشيتا المحلل الياباني ومختص شؤون المصارف والطاقة “إن (أوبك +) متمسكة بخطط خفض الإنتاج على الرغم من ارتفاعات الأسعار الناجمة عن زيادة المخاطر في الشرق الأوسط، فيما تتطلع السوق إلى زيادات إنتاجية مؤثرة من جانب الولايات المتحدة بعدما مكنت الكفاءات المتزايدة في معالجات التكسير المشغلين من زيادة الإنتاج بأصول أقل، وقد ساعد ذلك في الحفاظ على التكاليف في حدودها وفي زيادة إنتاج الشركات عاما بعد عام وتسجيل تدفقات نقدية قياسية”.
ونوه بأن هناك شركات أمريكية تؤدي أداء على مستوى عال فيما يتعلق باستبدال الاحتياطيات، حيث من المحتمل أن تشهد السوق مزيدا من نشاط الاندماج والاستحواذ في مجال النفط الصخري الزيتي مع اقترابنا من عام 2024.
من جانبه، يرى أندرو موريس مدير شركة “بويري” الدولية للاستشارات أن الاستجابة السعرية للنفط الخام لتصاعد التوترات في الشرق الأوسط كانت متواضعة حتى الآن، ومع ذلك من المرجح أن تتسبب الحرب بين إسرائيل وغزة في حدوث تحول كبير في السياسة الأمريكية خاصة في ضوء أنباء عن تشديد العقوبات على إيران والعودة إلى تقييد صارم لصادراتها النفطية بسبب موقفها من الصراع.
وأوضح أن أحدث بيانات مديري صناديق التحوط تظهر انخفاض الأسعار بنحو ستة دولارات للبرميل عما كانت عليه في أواخر سبتمبر، على الرغم من عدم وجود تخفيف كبير في الأساسيات، مشيرا إلى تأكيد بنك ستاندرد تشارترد أن المخاطر الجيوسياسية في الشرق الأوسط يتم تقييمها حاليا بأقل من قيمتها بشكل كبير.
ويتفق مفيد ماندرا نائب رئيس شركة “إل إم إف” النمساوية للطاقة مع أن أساسيات السوق جيدة بمعزل عن المخاطر الجيوسياسية الراهنة، موضحا أن الطلب العالمي على النفط بالفعل فاق الطلب على النفط قبل تفشي فيروس كورونا في أغسطس 2019، بمتوسط 102.33 مليون برميل يوميا، بحسب بيانات بنوك دولية، لافتا إلى أنه ثبت عدم صحة القول إن أسعار النفط المرتفعة قد أدت بالفعل إلى تدمير الطلب.
واعتبر الصين والهند تقودان نمو الطلب العالمي على النفط هذا العام، لكن الصين اختارت السحب من مخزونات الخام المحلية في أغسطس وسبتمبر بعد ارتفاع أسعار النفط، مشيرا إلى تأكيد بنك جيه بي مورجان أن “هناك بالفعل دلائل على أن المستهلكين قد استجابوا لارتفاع الأسعار من خلال خفض استهلاك الوقود”.
بدورها، تقول ويني أكيللو المحللة الأمريكية في شركة أفريكان إنجنيرينج الدولية “إن أسعار النفط الخام تلقت دعما بعد إعلان إدارة معلومات الطاقة انخفاض المخزون بمقدار 4.5 مليون برميل في الأسبوع الماضي”، مشيرة إلى وجود رغبة أمريكية في تخفيف العقوبات على فنزويلا بعد التوافق على خريطة طريق للإصلاح السياسي هناك، وفي الوقت نفسه حاجة الولايات المتحدة إلى تعزيز المعروض النفطي العالمي لخفض الضغوط الصعودية الحادة على أسعار النفط الخام.
وأفادت بأن ملف تخفيف العقوبات سيشهد قريبا تغيرات مؤثرة، ولا سيما مع قدرة فنزويلا على زيادة إنتاجها من النفط الخام بنسبة 25 في المائة عن المستويات الحالية، لافتة إلى تأكيد شركة ريستاد إنرجي أن الرغبة في تخفيف العقوبات الأمريكية على فنزويلا زادت بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا وما ترتب على ذلك من ضغوط متزايدة على إمدادات الطاقة العالمية.
من ناحية أخرى فيما يخص الأسعار، انخفضت أسعار النفط خلال تعاملات أمس، لتمحو المكاسب المسجلة في الجلسة الماضية. وخففت أمريكا عقوبات على فنزويلا بما يسمح بتدفق مزيد من نفطها عالميا، وهي خطوة قد تخفف الضغوطات على أسعار النفط العالمية في ظل الصراع بين إسرائيل وحماس والعقوبات المفروضة على روسيا وقرارات تحالف “أوبك +” لخفض الإنتاج.
وتفاعلت الأسعار مع بيانات المخزونات الأمريكية التي أظهرت انخفاضا في مخزونات الخام 4.5 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 13 أكتوبر إلى 419.7 مليون برميل.
وعلى صعيد التداولات، تراجعت العقود الآجلة لخام برنت 0.5 في المائة، إلى 91.06 دولار للبرميل. كما انخفضت عقود الخام الأمريكي 0.26 في المائة، مسجلة 88.09 دولار للبرميل.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 94.46 دولار للبرميل الأربعاء مقابل 92.65 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول أوبك أمس “إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق أول ارتفاع عقب انخفاض سابق، وإن السلة كسبت نحو خمسة دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 89.89 دولار للبرميل”.
التقلبات النفطية مستمرة مع تصاعد الأحداث الجيوسياسية .. قطاع معقد ومتعدد الأوجه
مقالات ذات صلة
مال وأعمال
مواضيع هامة
النشرة البريدية
اشترك معنا في خدمة النشرة البريدية ليصلك اخر الاخبار المحلية والعالمية مباشرة الى بريدك الإلكتروني.
2024 © أيام جدة. جميع حقوق النشر محفوظة.