استمرت حالة الضبابية والتقلبات السعرية في السيطرة على سوق النفط الخام، التي ترزح تحت وطأة تداعيات الحرب في الشرق الأوسط، وسط توقعات من البنك الدولي بأن تدفع الحرب الأسعار إلى 150 دولارا للبرميل إذا انتشرت في جميع أنحاء المنطقة.
ولجأ التجار القلقون بشأن السياسات المالية العالمية إلى عمليات بيع واسعة النطاق في الأسبوع الماضي، ما أدى إلى توسيع سلسلة البيع إلى أربعة من الأسابيع الخمسة الماضية.
ويقول لـ «الاقتصادية» محللون نفطيون “إن أسعار النفط تتأرجح بشدة، حيث تخوض أسعار الفائدة مقابل تداعيات الحرب في الشرق الأوسط معركة مستمرة دون رؤية واضحة لأي منهما قد تكون له اليد العليا في التأثير الأكبر في مسار أسعار النفط الخام، وذكروا أن السيناريو الأساسي لأسعار النفط في العام المقبل يبقى هو السيناريو الذي تنخفض فيه الأسعار بالفعل بسبب تباطؤ الاقتصاد العالمي حيث يبلغ المتوسط في غياب انقطاع الإمدادات في الشرق الأوسط 81 دولارا للبرميل، بحسب تقارير دولية.
ولفت المحللون، إلى أن أسعار الفائدة ستظل هي السلاح المفضل لدى البنوك المركزية في مواجهة التضخم، لكن حتى هذه البنوك تدرك أن استخدام هذا السلاح لا بد أن يكون مقتصدا خشية أن يحقق عكس الهدف، مرجحين أن يكون لقرار إبقاء أسعار الفائدة دون تغيير تأثير إيجابي في أسعار النفط.
في هذا الإطار، يقول مارتن جراف مدير شركة إنرجي شتايرمارك النمساوية للطاقة “إن السوق النفطية في حالة توتر مستمر، لكنها بدأت تتلقى إشارات إيجابية تعزز التفاؤل وتدحض المخاوف، خاصة المتعلقة بالوضع في الشرق الأوسط التي تدعم توقعات بأن الصراع سينتهي دون أن ينتشر، وهو ما يدفع الأسعار إلى الانخفاض، لكن بشكل عام يبقى النفط الخام على حالة التأرجح في المستقبل المنظور”.
ولفت إلى تعرض أسعار النفط مرة أخرى للضغوط بسبب حالة عدم اليقين بشأن الاقتصاد الصيني حيث أثار أحدث بيانات التصنيع مخاوف الطلب، مشيرا إلى تراجع المعنويات الهبوطية حول الاقتصاد الصيني في الأشهر الأخيرة، لكن بيانات نشاط التصنيع لشهر أكتوبر ستعيد بلا شك مسألة ضعف الطلب الصيني إلى أجندة النفط الخام العالمية.
ويرى، سلطان كورالي المحلل الألباني ومختص شؤون الطاقة والمصارف، أنه على الرغم من التركيز المبرر على مخاطر العرض، فإن المخاوف الكلية المتزايدة أصبحت عوامل أكبر في وجهات النظر المتعلقة بالنفط، خاصة المخاطر الصعودية المرتبطة بالصراع في الشرق الأوسط.
وأضاف، أنه “من غير المتوقع انقطاع الإمدادات دون تصعيد واسع في المنطقة ولا سيما مع الحاجة الملحة إلى حل كامل للصراع من أجل استنزاف علاوة المخاطر المؤثرة بقوة في أسعار النفط الخام”.
بدوره، يقول أندريه يانييف المحلل البلغاري والباحث في شؤون الطاقة “إن المحفزات والدوافع الإضافية لخفض الأسعار قد تعززان نمو الإنتاج في الولايات المتحدة وبحر الشمال والبرازيل المقترن باحتمال تخفيف قيود خفض الإنتاج من جانب تحالف (أوبك+) خلال الاجتماع الوزاري الموسع للتحالف المقرر له نهاية الشهر الجاري”.
وأشار إلى أنه قبل 7 أكتوبر الماضي أدت التخفيضات الطوعية لـ”أوبك+” وسحب مخزونات الخام العالمي وانخفاض مخزونات كوشينج إلى دعم النفط الخام قبل أن تؤدي السياسة النقدية المتشددة والمخاوف بشأن الطلب إلى عكس مكاسب الربع الثالث.
وتتفق ليندا تسيلينا مدير المركز المالي العالمي المستدام مع أن سوق النفط تواجه صعوبة في كيفية تسعير الوضع مع علاوة مخاطر قليلة إلى حد ما في الوقت الحالي، معتبرة أبرز العوامل التي تحد من مكاسب النفط الخام هي أسعار الفائدة الأمريكية وسوق العقارات الصينية المتعثرة.
وأبرزت بيانات صادرة عن وكالة الطاقة الدولية إشارة إلى ظهور أدلة على تدمير الطلب، مع صدور بيانات أولية تظهر أن إنتاج الولايات المتحدة قد يتجه مستقبلا نحو الانخفاض، خاصة مع هبوط استهلاك البنزين إلى أدنى مستوياته في عقدين، بينما في المقابل رصدت البيانات أن نمو الطلب المزدهر في الصين والهند والبرازيل يمثل زيادة قدرها 2.3 مليون برميل يوميا إلى 101.9 مليون برميل يوميا في 2023 وتمثل الصين 77 في المائة منها.
من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار، ارتفعت أسعار النفط في التعاملات الآسيوية المبكرة قبيل اجتماعات بنوك مركزية عالمية رئيسة هذا الأسبوع بينها “الفيدرالي” الأمريكي، فيما تراقب السوق من كثب مستجدات الصراع بين إسرائيل وحماس.
وبحلول الساعة 03:30 بتوقيت جرينتش، ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت تسليم يناير 0.3 في المائة، أو ما يعادل 28 سنتا، إلى 85.30 دولار للبرميل، بعد أن تراجعت أكثر من 1 في المائة الثلاثاء وتراجعت العقود الآجلة لخام برنت لشهر ديسمبر أربعة سنتات لتسجل عند التسوية 87.41 دولار للبرميل مع انقضاء أجل العقد الثلاثاء.
وزادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 0.2 في المائة، أو 16 سنتا، إلى 81.02 دولار للبرميل، بعد أن خسرت نحو 1.6 في المائة في الجلسة السابقة.
وذكرت مصادر في السوق نقلا عن أرقام معهد البترول الأمريكي الثلاثاء أن مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة ارتفعت نحو 1.3 مليون برميل الأسبوع الماضي، في حين انخفضت مخزونات الوقود بنحو 360 ألف برميل وانخفضت مخزونات نواتج التقطير نحو 2.5 مليون برميل.
وفي أوروبا، بلغ التضخم في منطقة اليورو في أكتوبر أدنى مستوى منذ عامين، إذ انخفض إلى 2.9 في المائة من 4.3 في المائة في سبتمبر بحسب قراءة أولية لمكتب إحصاءات الاتحاد الأوروبي “يوروستات” ما أدى إلى توقعات تستبعد رفع المركزي الأوروبي أسعار الفائدة قريبا.
وأظهر مسح خاص أمس، انكماش نشاط المصانع في الصين على غير المتوقع في أكتوبر، بعد أرقام رسمية متشائمة صدرت في اليوم السابق، ما يثير تساؤلات بشأن التعافي الاقتصادي الهش في بداية الربع الرابع. والصين هي أكبر مستورد للنفط في العالم.
من جانب آخر، حجبت منظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” سعر سلتها التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة، بسبب العطلة العامة في النمسا.
الضبابية تسيطر على سوق النفط .. محفزات انخفاض الأسعار تعزز نمو الإنتاج الأمريكي
بواسطة فريق التحرير0 زيارة
مقالات ذات صلة
مال وأعمال
مواضيع هامة
النشرة البريدية
اشترك معنا في خدمة النشرة البريدية ليصلك اخر الاخبار المحلية والعالمية مباشرة الى بريدك الإلكتروني.
2024 © أيام جدة. جميع حقوق النشر محفوظة.