تشهد سوق النفط الخام تقلبات بين الانخفاض والارتفاع وسط توقعات بأن تظل الضغوط مستمرة على الأسعار مع تزايد مخاوف الركود في الولايات المتحدة، ومأزق سقف الديون الذي يلقي بثقله على معنويات السوق، وعلى الرغبة في المخاطرة.

وتراجعت أسواق الأسهم العالمية بسبب مزيد من الأدلة على الضعف في انتعاش ما بعد كوفيد في الصين إلى جانب المخاوف بشأن سقف الديون الأمريكية والمخاوف المصرفية الإقليمية المستمرة في الولايات المتحدة، حيث كانت الأسواق الأمريكية في الغالب منخفضة.

وقال لـ «الاقتصادية»، محللون نفطيون، إن الأعباء زادت على أسعار النفط الخام في ضوء انتعاش الدولار الأمريكي بحدة في الأسبوع الماضي بعد التصريحات المتشددة من مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والتضخم المستمر، ما أثار الشكوك حول ما إذا كان البنك المركزي الأمريكي سيتوقف مؤقتا عن رفع الفائدة في اجتماعه القادم في يونيو.

وأوضح المحللون أنه خارج الولايات المتحدة تعمق انكماش أسعار المنتجين في الصين، بينما ارتفعت أسعار المستهلك بوتيرة أبطأ في أبريل، لافتين إلى أن هذه البيانات دليل آخر بعد بيانات الأسبوع الماضي، التي أظهرت انكماشا غير متوقع في نشاط التصنيع في الصين، ما عزز توقعات الانتعاش الاقتصادي غير المنتظم بعد كوفيد، حيث أثرت المخاوف بشأن تباطؤ الطلب في ثاني أكبر اقتصاد في العالم على الأسهم الآسيوية باستثناء اليابان والأسواق الناشئة وأسعار السلع.

وذكر روبرت شتيهرير، مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، أن تقلبات أسعار النفط الخام استمرت بقوة في بداية تعاملات الأسبوع، خاصة مع نمو المخاوف من التخلف عن سداد ديون الولايات المتحدة، وهو العامل الاقتصادي الرئيس، الذي دفع أسعار النفط للانخفاض مع دخول الكونجرس في المفاوضات.

وأضاف أن إعادة الافتتاح غير المتكافئة في الصين تضيف إلى المعنويات الهبوطية في السوق، حيث يبحث المتداولون عن بعض الدعم من خلال مراجعات بيانات الطلب في تقرير وكالة الطاقة الدولية لهذا الشهر.

من جانبه، قال ردولف هوبر، الباحث في شؤون الطاقة ومدير أحد المواقع المتخصصة، إن أزمة الحرب في أوكرانيا والعقوبات الغربية على الإنتاج الروسي ما زالت تلقي بظلال واسعة على سوق النفط الخام، التي تعاني غياب الاستقرار بشكل مستمر، كما يتوجس من مخاوف متواصلة بشح الإمدادات النفطية، خاصة في ظل تمسك تحالف “أوبك+”، بخفض الإنتاج لمعالجة التباطؤ الاقتصادي.

ولفت إلى أن الأزمة تتصاعد، حيث لم تخف أوكرانيا خططها لشن هجوم مضاد واسع النطاق ضد روسيا هذا الصيف، إذ تبدو المعركة المتوقعة بمنزلة لحظة حاسمة لمسار الحرب، مبينا أنه من المحتمل أيضا أن يكون لهذا التصعيد نتائجه المحورية على اتجاه أسواق النفط والغاز في 2023.

من ناحيته، أوضح ماثيو جونسون، المحلل في شركة أوكسيرا الدولية للاستشارات، أن سوق النفط الخام شهدت حالة من الضعف خلال الفترة من يناير إلى مايو 2023، مشيرا إلى توقعات صادرة عن “فيتش سوليوشن”، ترجح أن يبلغ متوسط أسعار خام برنت 85 دولارا للبرميل في 2023 بانخفاض عن توقعات سابقة بالغة 95 دولارا للبرميل.

وذكر أن تأثير ضعف أسعار النفط أدى إلى تعديل بانخفاض لأسعار البنزين خلال الربع الحالي، حيث اتبعت أسعار البنزين على نطاق واسع معايير النفط الخام خلال الفترة من يناير إلى فبراير 2023، مبينا أن مخاوف الركود تقاوم نمو الطلب المتوقع في موسم القيادة الصيفي في الولايات المتحدة.

بدورها، قالت مواهي كواسي، العضو المنتدب لشركة أجركرافت الدولية، إن الطلب على النفط الخام سيظل راسخا حتى في الاقتصادات المتقدمة وعلى الرغم من تسارع برامج تحول الطاقة، مشيرة إلى قول رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك أن المملكة المتحدة ستحتاج إلى الوقود التقليدي للعقود القليلة القادمة على الرغم من تحرك البلاد للقضاء على انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

وفيما يخص الأسعار، ارتفع النفط دولارا للبرميل أمس مع قلة الإمدادات بفعل تخفيضات الإنتاج من مجموعة “أوبك+” واحتمالية تقلصها في كندا بسبب اشتعال حرائق الغابات في ألبرتا، إضافة لتوقعات استئناف الولايات المتحدة الشراء لاحتياطياتها. وبحسب “رويترز”، ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 1.23 دولار أو 1.7 في المائة إلى 75.40 دولار للبرميل خلال التعاملات أمس.

في حين بلغ خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 71.32 دولار للبرميل، مرتفعًا 1.28 دولار أو 1.8 في المائة.

وفي الأسبوع الماضي، انخفض الخامان لرابع أسبوع على التوالي، وهي أطول مدة تراجع متصلة على أساس أسبوعي منذ أيلول (سبتمبر) 2022، بفعل مخاوف من دخول الولايات المتحدة مرحلة ركود بسبب وجود “احتمال كبير” لتخلف تاريخي عن سداد الدين في أول أسبوعين من حزيران (يونيو). وسعى المستثمرون لملاذات آمنة مثل الدولار الأمريكي، الأمر الذي عزز العملة الأمريكية وجعل السلع الأولية المقومة بها أعلى ثمنا لحائزي العملات الأخرى.

وقالت جنيفر جرانهولم، وزيرة الطاقة الأمريكية لأعضاء مجلس النواب، الخميس، إن الولايات المتحدة قد تبدأ إعادة شراء النفط لاحتياطي النفط الاستراتيجي بعد استكمال عملية بيع بموافقة من الكونجرس في يونيو.

من جانب آخر، انخفضت سلة خام “أوبك” وسجل سعرها 74.45 دولار للبرميل، الجمعة، مقابل 76.69 دولار للبرميل في اليوم السابق.

وذكر التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك”، أمس، أن سعر السلة، التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء حقق أول انخفاض عقب عدة ارتفاعات سابقة، وأن السلة كسبت بضعة سنتات، مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 74.29 دولار للبرميل.

شاركها.
Exit mobile version