مالت أسعار النفط الخام إلى وتيرة الصعود مع تقلبات محدودة بسبب استمرار الأخطار الجيوسياسية والتوترات في منطقة الشرق الأوسط.
ومع توقع تباطؤ نمو الطلب يمكن أن تتحول السوق إلى فائض في بداية عام 2024 ومع استمرار تجاوز الطلب للإمدادات المتاحة في فصل الشتاء في نصف الكرة الشمالي ستظل المخزونات عرضة للأخطار الاقتصادية والجيوسياسية المتزايدة.
ويقول مختصون ومحللون نفطيون: إن المكاسب الأخيرة التي حققها النفط الخام ساعدت في تقليص الانخفاض السنوي، حيث يتجه الخام نحو خسارة بنحو 6 في المائة هذا العام.
ورجح المختصون أن يشهد الأسبوع بين عطلات عيد الميلاد ورأس السنة الجديدة سيولة ضعيفة مع انخفاض إجمالي الفائدة المفتوحة عبر عقود النفط الرئيسة منذ منتصف هذا الشهر تقريبا كما انخفض التقلب الضمني للنفط خلال الأسابيع الأخيرة.
ونوه المختصون إلى اعتماد المصافي الصينية المستقلة بشكل كبير على النفط الخام الخاضع للعقوبات في عام 2023، ما أدى إلى إبعاد البيوت التجارية الغربية.
وأشار المختصون إلى ارتفاع أسعار النفط العالمية وسط توترات جيوسياسية متزايدة كما تتزايد المخاوف أيضا بشأن زيادة العرض في الولايات المتحدة مع استمرار ارتفاع مخزونات الخام والإنتاج في الولايات المتحدة.
وفي هذا الإطار، قال لـ”الاقتصادية” مارتن جراف مدير شركة “إنرجي شتايرمارك” النمساوية للطاقة: إن هناك مؤشرات قوية على عودة الضغط الصعودي مرة أخرى على أسعار النفط الخام، موضحا أنه في الوقت الحالي يبدو أن خام برنت يحاول أن يفعل الشيء نفسه الذي يتجه إليه خام غرب تكساس الوسيط وهو التعافي من أدنى مستوى بشكل كبير.
وتوقع أن يكون الشهران المقبلان مثيرين للاهتمام خاصة مع تطلع البنوك المركزية إلى تخفيف السياسة النقدية وتحديدا مجلس الاحتياطي الفيدرالي، لذا فمن المحتمل رؤية التجار يبدؤون في المراهنة على تسارع الزخم الإيجابي للنفط الخام مع عدم استبعاد احتمالية رؤية تراجعات متعددة.
من جانبه، ذكر لـ”الاقتصادية” سلطان كورالي المحلل الألباني ومختص شؤون الطاقة والمصارف أنه بسبب التغيرات غير المتوقعة في العوامل التي تؤثر في أسعار النفط، أصبحت هذه السلعة شديدة التقلب، مشيرا إلى وجود عوامل عدة رئيسة لها تأثير كبير على أسعار النفط وفي مقدمتها ضعف وتأرجح بيانات الطلب العالمي.
وأشار إلى تأثر السوق بشكل كبير بارتفاع الإنتاج في الولايات المتحدة حيث زاد منتجو الوقود البديل والنفط الصخري في الولايات المتحدة إمداداتهم بعدما وجد منتجو النفط الصخري طرقا لاستخراج النفط بشكل أكثر كفاءة.
من ناحيته، أوضح لـ”الاقتصادية” جوران جيراس مساعد مدير بنك “زد أيه إف” في كرواتيا، أن طبيعة النفط الخام تتسم بالتغيرات قصيرة المدى في العرض والطلب وتعني أن أسعاره غير منتظمة بشكل طبيعي، علاوة على ذلك فإن النمو الاقتصادي في دول مثل الهند والصين واستخدام الحفر الأفقي والتكسير الهيدروليكي في الولايات المتحدة قد تسبب في مزيد من التغييرات في العرض والطلب، ما يسهم في زيادة تقلب الأسعار.
وأضاف أن “أوبك” تتمتع بكثير من الطاقة الفائضة للنفط، لكنها لا تتسرع في استنزافها لتبقى عنصر أمان في مستقبل الصناعة، لكنها تدعو وتشجع باستمرار على زيادة الاستثمارات خاصة في مشاريع المنبع.
بدورها، ذكرت لـ”الاقتصادية” ليندا تسيلينا مدير المركز المالي العالمي المستدام، أن الطلب العالمي على النفط لا يزال يتجاوز التوقعات، حيث سجل الطلب الصيني على النفط في سبتمبر الماضي أعلى مستوى آخر على الإطلاق فوق 17 مليون برميل يوميا، مدفوعا بقطاع البتروكيماويات المزدهر، وجاءت هذه المكاسب على حساب منتجي البتروكيماويات في أماكن أخرى وخصوصا في أوروبا.
ونوهت إلى أنه رغم تعزيز مكاسب كفاءة الطاقة وتوسيع أساطيل السيارات الكهربائية والعوامل الهيكلية فمن المتوقع أن يرتفع الطلب العالمي على النفط إلى مستوى سنوي قياسي يبلغ 102.9 مليون برميل يوميا في عام 2024.
من ناحية أخرى فيما يخص الأسعار، لم تشهد أسعار النفط تغيرا يذكر في وقت يراقب المستثمرون التطورات في البحر الأحمر مع استئناف بعض شركات الشحن الكبرى للمرور من المنطقة رغم استمرار الهجمات والتوتر الأوسع نطاقا في منطقة الشرق الأوسط.
وتراجعت العقود الآجلة لخام برنت قليلا إذ هبطت 5 سنتات أو 0.1 في المائة إلى 81.02 دولار للبرميل، وكذلك خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي الذي انخفض 12 سنتا أو 0.2 في المائة إلى 75.45 دولار للبرميل.
وأنهى الخامان جلسة أمس الأول على ارتفاع بأكثر من 2 في المائة، إذ غذت الهجمات على سفن في البحر الأحمر المخاوف من تعطل عمليات الشحن إضافة إلى تأثير تزايد الآمال في خفض أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، وهو ما قد يعزز النمو الاقتصادي ويزيد الطلب على الوقود.
ورغم استمرار الهجمات، استأنفت شركات شحن كبرى مثل ميرسك الدنماركية وسي.إم.أيه سي.جي.إم الفرنسية المرور عبر البحر الأحمر بعد نشر قوة عمل متعددة الجنسيات في المنطقة.
ومن العوامل التي حدت أيضا من تراجع أسعار النفط الأربعاء استمرار دعم السوق بتكهنات بأن الفيدرالي الأمريكي سيبدأ خفض أسعار الفائدة في عام 2024.
ويؤدي انخفاض أسعار الفائدة إلى تقليل تكاليف الاقتراض، الأمر الذي يمكن أن يحفز النمو الاقتصادي زيادة الطلب على النفط.
النفط يتجه لتسجيل خسائر 6 % هذا العام .. التقلب الضمني يتراجع في الأسابيع الأخيرة
مقالات ذات صلة
مال وأعمال
مواضيع هامة
النشرة البريدية
اشترك معنا في خدمة النشرة البريدية ليصلك اخر الاخبار المحلية والعالمية مباشرة الى بريدك الإلكتروني.
2024 © أيام جدة. جميع حقوق النشر محفوظة.