استمرت تقلبات أسعار النفط الخام بعد تراجع المخاوف المرتبطة بالحرب في غزة ومحت تقريبا جميع مكاسبها منذ بداية العام حتى الآن، حيث يشير تقلص هوامش التكرير إلى ضعف الطلب على النفط.
وتراجعت أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها في أكثر من ثلاثة أشهر، بعد أن أظهرت بيانات زيادة كبيرة في إمدادات الخام الأمريكية في حين أثارت بيانات اقتصادية صينية متضاربة المخاوف بشأن الطلب العالمي على الخام.
وانخفضت العقود الآجلة لخام برنت 25 سنتا إلى 81.36 دولار للبرميل خلال تعاملات أمس، في حين تراجعت العقود الآجلة للخام الأمريكي 35 سنتا إلى 77.02 دولار للبرميل. وانخفض كلاهما إلى أدنى مستوى منذ 24 يوليو في التعاملات الآسيوية المبكرة، وفقا لـ”رويترز”.
ويقول محللون نفطيون إنه على الرغم من أن واردات النفط الصينية لا تزال قوية وأظهر أكتوبر زيادة شهرية أخرى إلى 11.53 مليون برميل يوميا، إلا أن احتمالات نفاد الحصص وضعف هوامش التكرير كانت المحرك الرئيس لانخفاض سعر خام برنت.
وشددوا في تصريحات لـ”الاقتصادية”، على أهمية قرار السعودية بتمديد خفض إنتاجها الطوعي بمقدار مليون برميل يوميا حتى نهاية هذا العام مع قيام روسيا أيضا بتخفيض صادراتها بمقدار 300 ألف برميل يوميا ومع الحفاظ على القيود الطوعية الحالية المعمول بها، معتبرين أن هذا الإجراء سيساعد كثيرا في استعادة التوازن في سوق النفط الخام.
ولفت المحللون إلى أن صادرات إيران من النفط تنخفض وسط الصراع المحتدم في الشرق الأوسط، حيث انخفضت صادرات النفط الإيرانية للشهر الثاني على التوالي إلى 1.4 مليون برميل يوميا وذلك في الوقت الذي أقر فيه مجلس النواب الأمريكي مشروع قانون من شأنه فرض عقوبات على جميع الموانئ والمصافي الأجنبية التي تعالج الخام الإيراني.
وفي هذا الإطار، يقول مارتن جراف مدير شركة “إنرجي شتايرمارك” النمساوية للطاقة إن تحالف “أوبك +” يستعد إلى اجتماع وزاري موسع وحاسم في نهاية الشهر الجاري وتعود أهميته إلى الاضطرابات المستمرة في السوق النفطية والحاجة المتواصلة لتحديث أساسيات السوق لتحديد سياسات الإنتاج المناسبة لظروف السوق الراهنة، لكن أغلب التوقعات تصب في مصلحة استمرار التمسك بتخفيضات الإنتاج وتمديدها.
وأضاف أن “أوبك” تدرس خطة ضم البرازيل إلى عضويتها في إطار توسيع التكتل وزيادة تأثيره خاصة أن البرازيل منتج قوي وواعد ويقود زيادات مؤثرة في العرض في العام المقبل، لافتا إلى تأكيدات هيثم الغيص الأمين العام لمنظمة “أوبك”، أن المنظمة تحرز تقدما في المحادثات بشأن توسيع عضويتها، قائلا إن البرازيل قد تكون مهتمة بالانضمام إلى تحالف منتجي النفط على غرار أذربيجان أو ماليزيا أو بروناي.
أما سلطان كورالي المحلل الألباني ومختص شؤون الطاقة والمصارف، فيرى أن جهود المنتجين والتفاهمات الدولية جنبت سوق النفط الخام حدوث اهتزازات عنيفة جراء المواجهات المسلحة في الشرق الأوسط، حيث لم يؤد الصراع الدائر بين حماس وإسرائيل حتى الآن إلى تعطيل تدفقات النفط الخام العالمية.
ونقل عن تحذيرات صادرة عن بعض الخبراء الدوليين من أنه قد يكون هناك تدهور حاد في مناخ الاستثمار في قطاع الطاقة التقليدية، فضلا عن احتمال حدوث انقطاع خطير في تدفق الطاقة، إذا اندلعت الحرب على طول الحدود الشمالية لإسرائيل مع لبنان وفي حالة تدخل إيران.
ومن ناحيته، فيقول أندريه يانييف المحلل البلغاري والباحث في شؤون الطاقة إن مؤشرات النفط الصخري البديلة تستمر في إظهار المرونة على الرغم من انخفاض أسعار النفط في الولايات المتحدة، حيث إن عدد منصات الحفر في الشهر الحالي مشابه للشهر الماضي، لافتا إلى أن إنتاج النفط الخام الأمريكي وصل إلى 13.1 مليون برميل يوميا في أغسطس وارتفع نشاط العمالة في حقول النفط إلى ذروة دورية جديدة في سبتمبر.
وأكد أن تحسين الكفاءة الإنتاجية سيظل موضوعا بارزا ومتكررا في مشاريع المنبع في قطاع النفط الصخري الأمريكي وبما يؤثر في ربحية شركات الطاقة، لافتا إلى تراجع تفكير المستثمرين بشأن ضرورة إعادة التسارع الحاد في إنتاجية النفط الصخري الزيتي.
وتتفق ليندا تسيلينا مدير المركز المالي العالمي المستدام مع أن حدوث ارتفاع كبير في بيانات مخزونات النفط الخام الأمريكي – بحسب بيانات معهد البترول الأمريكي – أثر في أسعار النفط التي عانت بالفعل وسط احتمال استمرار تباطؤ النمو في الاقتصادات الكبرى في العالم، معتبرة أن ارتفاع مستويات المخزون جنبا إلى جنب مع ضعف الطلب المتوقع على النفط يؤثران في الأسعار.
وأشارت إلى أن علاوة الحرب والمخاوف بشأن إمدادات النفط في المنطقة الأوسع قد تبددت في حين أن مخاوف النمو العالمي وسط ارتفاع أسعار الفائدة لا تزال هي العامل المهيمن في عملية اكتشاف الأسعار، موضحة أنه إضافة إلى ذلك سلطت بيانات الواردات الإيجابية لأكتوبر في الصين الضوء على ارتفاع طفيف في واردات النفط الصينية مقارنة بأكتوبر من 2022 وهو أقل من طموحات وتوقعات السوق النفطية.
وخفضت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية توقعات أسعار النفط في 2024، حتى مع استمرار الخفض الطوعي للإمدادات من جانب السعودية وروسيا، متوقعة أن يبلغ متوسط سعر خام غرب تكساس الوسيط نحو 89.24 دولار للبرميل خلال 2024، بانخفاض 1.8 في المائة عن توقعاتها في أكتوبر 2023، البالغة 90.91 دولار للبرميل. من جانب آخر.. تراجعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 86.50 دولار للبرميل الثلاثاء مقابل 88.86 دولار للبرميل في اليوم السابق. وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” أمس، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق ثاني انخفاض على التوالي وأن السلة خسرت نحو أربعة دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 90.06 دولار للبرميل.

شاركها.
Exit mobile version