تلقت أسعار النفط الخام دعما جيدا في بداية تعاملات العام الجديد بفعل التفاؤل ببيانات الطلب في ضوء توقعات بتحفيز اقتصادي صيني.
وذكر بنك أوف أمريكا في توقعاته للطاقة لعام 2024 أن “أوبك” خفضت إنتاجها منذ عام 2022 ومن المرجح أن تستمر في القيام بذلك، ما يقدم مزيدا من الدعم لأسعار النفط، بينما تتجه الإدارة الأمريكية إلى إعادة ملء احتياطيها النفطي الاستراتيجي بمجرد انخفاض الأسعار إلى 72 دولارا للبرميل.
وقال لـ”الاقتصادية”، محللون نفطيون: إن هناك مخاوف من انخفاض الطلب وارتفاع العرض من خارج “أوبك”، مشيرين إلى أن منتجي النفط الخام الأمريكي فاجأوا الجميع العام الماضي بإضافة مليون برميل إلى إنتاجهم اليومي.
وأشار المحللون إلى أنه ربما تكون حصة “أوبك” في الإجمالي العالمي قد انخفضت بسبب التخفيضات، لكنها لا تزال قوية عند 27 في المائة من الإجمالي.
وأكدوا أنه في اجتماعهم الأخير في أوائل ديسمبر الماضي اتفق منتجو “أوبك+” على خفض إنتاجهم المشترك من النفط الخام إلى نحو 2.2 مليون برميل يوميا على أن تتحمل السعودية الجزء الأكبر منها.
وأضاف المحللون: “يبدو أن المستوى الحالي للطلب على النفط يمثل تحديا أيضا وعندما وافقت (أوبك+) على تخفيضات الإنتاج الأوسع، تجاهل التجار ذلك أولا، لأنهم توقعوا ذلك، وثانيا، لأن العرض العالمي بدا وفيرا جدا”.
وفي هذا الإطار، أوضح سيفين شيميل مدير شركة “في جي آندستري” الألمانية، أن زيادة الإنتاج من خارج تحالف “أوبك+” تؤثر حاليا في السوق، ولكنه تأثير مؤقت، مضيفا أن “تقييم الأثر البيئي كان مخطئا من قبل، خاصة هذا العام، حيث استمر في التنبؤ بانخفاضات شهرية في إنتاج النفط الصخري الأمريكي في حين سجل هذا الإنتاج نموا في الواقع، ومع ذلك فبالتمسك بالواقع، فإن التحسينات في الإنتاجية ليست بالضبط في عالم اللانهائي وهناك حدود وسقف لذلك”.
وأفاد بأن “أوبك” ستظل عنصر توازن السوق رغم النمو المستمر في إنتاج الولايات المتحدة، لافتا إلى أن اليقين يغيب عن السوق، حيث كان الطلب على النفط مفاجئا وإيجابيا، نافيا ما أعلنته شركة بريتيش بتروليوم في وقت سابق من أن ذروة الطلب قد جاءت ثم انتهت في عام 2019.
من جانبه، قال روبين نوبل مدير شركة “أوكسيرا” الدولية للاستشارات: إن “أوبك” تراهن بقوة على تعافي الطلب إلى مستويات أقوى من نمو العرض، وبالتالي تعود قوة الأسعار ويتعزز الاستثمار وربما تكون حصتها في الإجمالي العالمي قد انخفضت بسبب التخفيضات لكنها لا تزال قوية إلى حد كبير عند 27 في المائة من الإجمالي.
وأشار إلى أن دول “أوبك” تتمتع بميزات نسبية في الإنتاج والمنافسة في الأسواق العالمية فضلا عن كونها منتجا مرنا ولديها طاقة فائضة تبلغ نحو خمسة ملايين برميل يوميا وقد تقرر أو لا تقرر استخدامها إذا دعت الحاجة طبقا لظروف السوق ومعطياته.
من ناحيته، ذكر ماركوس كروج كبير محللي شركة “أيه كنترول” لأبحاث النفط والغاز، أن عقوبات الحظر النفطي وسقف الأسعار على الإنتاج الروسي ما زالت تؤثر بقوة في السوق، مبينا أن انخفاض واردات الهند من النفط الخام من روسيا وهي أكبر مورد لها في ديسمبر الماضي إلى أدنى مستوياتها منذ يناير من العام الماضي 2023، حيث لم تتمكن ست ناقلات تحمل نفط “سوكول” من التسليم بسبب مشكلات في الدفع وسط تشديد العقوبات، وذلك وفقا لشركة استخبارات البيانات “كبلر”.
وأوضح أنه -بحسب كبلر- وبالنسبة لعام 2023 بأكمله، زادت واردات الهند النفطية من روسيا بأكثر من الضعف على أساس سنوي لتصل إلى 1.79 مليون برميل يوميا في حين تقلصت واردات الهند من ثاني أكبر مورد للعراق بنسبة 11 في المائة لتصل إلى 908 آلاف برميل يوميا.
بدورها، قالت جولميرا رازيفا كبير محللي المركز الاستراتيجي للطاقة في أذربيجان: إن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية تتوقع أن يعوض نمو الإنتاج من الدول غير الأعضاء في “أوبك” التخفيضات المستمرة في إنتاج “أوبك” ما يساعد في الحفاظ على سوق النفط العالمية المتوازنة نسبيا في العام الحالي الجديد.
ونقلت عن بنك جولدمان ساكس توقعه بأن ارتفاع الطاقة الإنتاجية الاحتياطية لدى “أوبك+” قد يحد من احتمال ارتفاع السعر وعلاج أي صدمة غير متوقعة، لافتة إلى أنه على خلفية المخاوف المستمرة بشأن الركود المحتمل ترى بنوك دولية أن احتمالية ارتفاع أسعار النفط بشكل غير متوقع أكبر بكثير من احتمالية الانخفاض.
وفيما يخص الأسعار، قفز النفط بأكثر من 2 في المائة أمس في الجلسة الأولى في العام الجديد، وسط مخاوف من تعطل محتمل للإمدادات من الشرق الأوسط بعد الهجوم الأحدث على سفينة حاويات في البحر الأحمر وكذلك مع الآمال في ارتفاع الطلب الصيني.
وخلال التعاملات أمس، ارتفع خام برنت 1.58 دولار بما يعادل 2 في المائة إلى 78.62 دولار للبرميل.
وسجل خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 73.21 دولار للبرميل، بزيادة 1.56 دولار أو 2.2 في المائة.
وتوقع اقتصاديون ومحللون في استطلاع لـ”رويترز” أن يبلغ متوسط سعر خام برنت 82.56 دولار للبرميل هذا العام، بارتفاع طفيف عن المتوسط في 2023 الذي بلغ 82.17 دولار، مع توقع أن يؤدي ضعف النمو العالمي إلى كبح الطلب. ومع ذلك، يمكن أن تستفيد الأسعار من التوترات الجيوسياسية.
وقال ليون لي المحلل لدى سي.إم.سي ماركتس في شنغهاي: “قد يتأثر سعر النفط بتفاقم الوضع في البحر الأحمر مطلع الأسبوع وموسم ذروة الطلب خلال رأس السنة الصينية” في أوائل فبراير.
ومن الممكن أن يؤدي اتساع رقعة الصراع في غزة إلى إغلاق ممرات مائية حيوية لنقل إمدادات النفط.
وأظهرت بيانات لتتبع السفن أن أربع ناقلات على الأقل تحمل الديزل ووقود الطائرات من الشرق الأوسط والهند إلى أوروبا تبحر عبر طريق أطول حول إفريقيا لتجنب البحر الأحمر.
وفي الصين، أظهرت بيانات حكومية الأحد أن توقعات المستثمرين بإجراءات تحفيز اقتصادي جديدة زادت بعد انكماش التصنيع للشهر الثالث في ديسمبر.
ومن شأن أي تحفيز من هذا القبيل للنمو الاقتصادي أن يعزز الطلب على النفط ويدعم أسعار الخام.
ومع ذلك، أظهر تقرير للقطاع الخاص أمس نموا الشهر الماضي، وذلك رغم تراجع ثقة أصحاب المصانع في توقعات 2024 مقارنة بنوفمبر.
من جانب آخر، تراجعت سلة خام “أوبك” وسجل سعرها 78.44 دولار للبرميل الجمعة، و80.31 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وذكر التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” أمس أن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء بالمنظمة حقق ثاني انخفاض على التوالي وأن السلة خسرت نحو ثلاثة دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 81.23 دولار للبرميل.
مقالات ذات صلة
مال وأعمال
مواضيع هامة
النشرة البريدية
اشترك معنا في خدمة النشرة البريدية ليصلك اخر الاخبار المحلية والعالمية مباشرة الى بريدك الإلكتروني.
2024 © أيام جدة. جميع حقوق النشر محفوظة.