تماسكت أسعار النفط الخام بعد خسائر قياسية حادة في أعقاب قرار الفيدرالي الأمريكي برفع أسعار الفائدة، ما جدد المخاوف من الركود وتباطؤ الطلب العالمي على النفط، إذ أضيفت بيانات الطلب الضعيفة من الولايات المتحدة إلى المخاوف من أن الاقتصاد العالمي يتجه نحو الركود.

وأظهر الانزلاق الأخير الذي حدث للخام الأمريكي هذا العام بنسبة 14 في المائة، أن خطة أوبك وحلفائها لاستعادة السيطرة على السوق من خلال خفض الإنتاج مهمة للغاية وإن كانت تأثيراتها لم تكتمل بعد.

وأوضح لـ”الاقتصادية” محللون نفطيون أن وضع السوق النفطية لا يزال سريع التغير مع غلبة حالة عدم اليقين دوليا، حيث يرى التجار أن العرض على المدى القريب يفوق الطلب على النفط الخام.

ولفتوا إلى أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي عزز أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس وألمح إلى احتمال توقف مؤقت في حملته التشديدية العنيفة على الرغم من أن هذه الأخبار لم تتمكن من وقف تراجع النفط الخام.

وذكر المحللون أن رفع سعر الفائدة من بنك الاحتياطي الفيدرالي ربما يكون قد تم أخذه في الحسبان بالفعل في أسعار النفط، وأن الانهيار الأخير لبنك فيرست ريبابليك أثار المشاعر المتشائمة حيث تجددت المخاوف من تأثير الضربة في كفاءة البنوك.

وفي هذا الإطار، قال هيرويوكي كينوشيتا المحلل الياباني ومختص شؤون الطاقة والمصارف، “إن معنويات السوق سلبية بعد قرار الفيدرالي الأمريكي برفع الفائدة وإن التدهور في سعر خام برنت أدى إلى تراجع كبير في توقعات الطلب على السلع الأساسية حيث يتوقع المتداولون ضمنيا هبوطا مفاجئا وهذه هي المرة الأولى التي تبدأ فيها مخاوف الركود في الظهور بقوة في أسواق الطاقة”.

ونوه بأنه في الولايات المتحدة أظهر تقرير حكومي انكماش الطلب على البنزين بينما لم تظهر روسيا أي علامات على انخفاض في تدفقات النفط الخام خارج البلاد وذلك على الرغم من تعهدها بخفض الإنتاج بمقدار 500 ألف برميل يوميا وقد قفزت الصادرات مرة أخرى فوق أربعة ملايين برميل يوميا في الأسبوع الماضي.

أما أندرو موريس مدير شركة بويري الدولية للاستشارات، فيرى أن مخزونات النفط الخام تراجعت إلى ما دون متوسط خمسة أعوام للمرة الأولى هذا العام، وعادة ما يكون للمخزونات الأمريكية وأسعار النفط علاقة عكسية قوية حيث يؤدي انخفاض المخزونات إلى دفع الأسعار إلى الأعلى بينما يكون لارتفاع المخزونات تأثير معاكس، ومع ذلك فقد فشلت عمليات السحب الكبيرة للمخزون خلال الأسبوعين الماضيين في منع حدوث انخفاض كبير في الأسعار.

ونقل عن بيانات بنك ستاندرد تشارترد تأكيدها أن التفاؤل الأخير بشأن تخفيضات إنتاج “أوبك +” لم يتمكن من مواجهة المخاوف بشأن الطلب المرتبط بضعف الخلفية الاقتصادية وبقاء سياسات الاحتياطي الفيدرالي المتشددة التي أدت -بعد الرفع الأخير- إلى موجة هبوطية جديدة وإلى بقاء أسعار النفط ضمن نطاق محدد.

من ناحيته، يرى مفيد ماندرا نائب رئيس شركة “إل إم إف” النمساوية للطاقة أن المستثمرين في النفط متفائلون حاليا بأن البناء في المخزونات النفطية الأمريكية خلال الربعين الماضيين سينتهي بحلول نوفمبر المقبل إذا تم الإبقاء على التخفيضات التي أقرها تحالف منتجي “أوبك +” طوال العام الجاري.

وأشار إلى أن بنك ستاندرد تشارترد تنبأ بأن تخفيضات “أوبك +” ستقضي في النهاية على الفائض الذي تراكم في أسواق النفط العالمية، وستعيد التوازن بين العرض والطلب في القطاع.

وتتفق ويني اكيللو المحللة الأمريكية في شركة “أفريكان إنجنيرينج” الدولية مع أن أسعار النفط الخام استمرت في الانخفاض بعد أن أعلنت إدارة معلومات الطاقة سحبا أسبوعيا آخر لمخزونات النفط الخام وذلك بعد يوم من تقدير معهد البترول الأمريكي أن المخزونات تقلصت بنحو أربعة ملايين برميل في الأسبوع الماضي.

وأشارت إلى أنه يبدو أن القلق بشأن الاقتصاد الأمريكي هو المزاج السائد حاليا في سوق النفط الخام وهناك دلائل على أن الطلب على البنزين قد يكون في طريقه إلى الانخفاض على الرغم من اقتراب موسم القيادة، منوهة بأن هذا يؤثر بشكل طبيعي في أسعار النفط الخام.

من ناحية أخرى وفيما يخص الأسعار، ارتفعت أسعار النفط الخام بشكل طفيف، خلال تعاملات أمس، في محاولة لتعويض الخسائر التي وصلت إلى أكثر من 9 في المائة خلال الجلسات الثلاث السابقة. يأتي ذلك بالتزامن مع تجاوز مخاوف الطلب لدى كبار المستهلكين الإشارات إلى أن الولايات المتحدة قد توقف زيادات أسعار الفائدة.

وبحلول الساعة 06:34 صباحا بتوقيت جرينتش 09:34 صباحا بتوقيت مكة المكرمة، ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت القياسي، تسليم تموز (يوليو)، بنسبة 0.82 في المائة، لتسجل 72.92 دولار للبرميل.

كما زادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي، تسليم حزيران (يونيو) 2023، بنسبة 0.52 في المائة لتسجل 68.96 دولار للبرميل. وكانت أسعار النفط الخام قد أنهت تعاملاتها الأربعاء، على تراجع بأكثر من 4 في المائة، لتواصل نزيف الخسائر للجلسة الثالثة على التوالي.

وانخفضت أسعار النفط الخام هذا الأسبوع وسط مؤشرات على ضعف نمو التصنيع في الصين، أكبر مستورد للنفط في العالم، وبعد أن رفعت الولايات المتحدة، أكبر مستخدم للنفط في العالم، أسعار الفائدة إلى أعلى مستوياتها منذ 2007 الأربعاء، ما يهدد النمو الاقتصادي المستقبلي هناك.

من جانب آخر، تراجعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 73.75 دولار للبرميل يوم الأربعاء مقابل 78.55 دولار للبرميل في اليوم السابق.

وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) أمس “إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء حقق ثاني انخفاض حاد على التوالي، وإن السلة خسرت نحو ثمانية دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 81.12 دولار للبرميل”.

شاركها.
Exit mobile version