مال النفط الخام إلى الاتجاه الصعودي وسط زيادة المخاوف حيال الإمدادات من الشرق الأوسط في أعقاب توقف الإنتاج في حقل في ليبيا وتصاعد التوتر بسبب الحرب في المنطقة.
وتفاءلت السوق مع إعلان الدول المنتجة للنفط في “أوبك” وخارجها من جديد بالتزامها بالوحدة والتماسك الكامل واستقرار السوق من خلال دعم إعلان التعاون المشترك.
وشددت “أوبك” على أن الجهود الاستثنائية التي بذلتها الدول الأعضاء في “أوبك” والدول المنتجة من خارج “أوبك” المشاركة في إعلان التعاون، كانت واضحة في دعم الاقتصاد العالمي للتغلب على عديد من التحديات التي شهدتها الأعوام العديدة الماضية، بما في ذلك جائحة كوفيد – 19، كما ضمنت استقرار أسعار النفط السوق خاصة عند مقارنتها بالسلع الأخرى.
وأشارت “أوبك” إلى بقاء المستويات غير المسبوقة من التعاون والحوار والاحترام المتبادل والثقة هي الأساس لهذه الجهود التعاونية المستمرة للمضي قدما، وهذا لمصلحة جميع المنتجين والمستهلكين والمستثمرين فضلا عن الاقتصاد العالمي ككل.
ويقول محللون نفطيون إن أسعار النفط، التي بلغ متوسطها أكثر من 100 دولار للبرميل في 2022، انخفضت بشكل ملحوظ في 2023، وبلغ متوسطها ما يزيد قليلا على 80 دولارا للبرميل، لافتين إلى أن التوترات في منطقة الشرق الأوسط كان سببا في رفع أسعار النفط، لكن لفترة وجيزة فقط وفي أقل من شهر تخلت الأسعار عن كل مكاسبها من المخاطر الجيوسياسية الجديدة.
وأوضح المحللون أن أسعار النفط لم تحقق مكاسب كبيرة بتأثير من تخفيضات إنتاج النفط التي أقرتها “أوبك +” باستثناء ارتفاع قصير في نهاية سبتمبر، بينما انخفضت المخزونات الأمريكية إلى أدنى مستوى لها منذ ديسمبر 2022.
وأشار المحللون إلى تكيف الأسواق مع الحظر الذي فرضه الاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع على واردات النفط الروسية بشكل أسرع مما كان متوقعا في البداية، وحولت موسكو شحناتها من النفط الخام إلى وجهات في آسيا معظمها الصين والهند.
وفي هذا الإطار، يقول لـ”الاقتصادية” هيرويوكي كينوشيتا المحلل الياباني ومختص شؤون المصارف والطاقة، إن “أوبك” ردت بقوة على كل من يدعي حدوث انقسام أو تراجع تأثيرها، حيث أكدت في بيان العام الجديد على التزامها الثابت بالأهداف المشتركة المتمثلة في الوحدة والتماسك داخل المنظمة والتنسيق مع الدول المنتجة من خارج “أوبك” المشاركة في إعلان التعاون. وأوضح أن الأسواق العالمية تأقلمت مع ديناميكيات التجارة الجديدة، حيث وجد النفط الخام من روسيا وجهات خارج الاتحاد الأوروبي، لكن الطلب العالمي على النفط الخام كان أقل من التوقعات.
من جانبه، يقول أندرو موريس مدير شركة بويري الدولية للاستشارات إن أمانة “أوبك” حرصت على التأكيد على استمرار التشاور مع الدول الأعضاء في “أوبك” والدول المنتجة من خارجها المشاركة في إعلان التعاون والتشديد على الالتزام الكامل من جانب الدول المشاركة في إعلان التعاون بالوحدة والتماسك، فضلا عن استمرار الجهود الحثيثة للحفاظ على استقرار سوق النفط.
وعد أن المخاوف بشأن النمو الاقتصادي ونمو الطلب على النفط والإمدادات الأعلى من المتوقع من المنتجين من خارج “أوبك +” كانت هي المحركات الرئيسة لأسعار النفط في العام الماضي. من ناحيته، يقول أندريه جروسي مدير شركة “إم إم إيه سي” الألمانية إن تخفيضات إنتاج تحالف “أوبك +” والممتدة في العام الجديد تواجه عقبات تحد من تأثيرها الإيجابي في السوق، وأبرزها نمو إنتاج النفط وزيادة العرض من المنتجين الآخرين من خارج “أوبك +”، بما في ذلك البرازيل، جيانا، كندا، والنرويج، لافتا إلى أنه تم دعوة البرازيل لتكون جزءا من “أوبك +” بدءا من يناير 2024، لكنها قالت بالفعل إنها لن تشارك في أي تخفيضات في الإنتاج.
وأشار إلى تطلع “أوبك +” إلى الحفاظ على حد أدنى لأسعار النفط وذلك على حساب حصتها في السوق، موضحا أن تمديد التخفيضات الإنتاجية للمجموعة إلى ما بعد مارس 2024 ما زال غير مؤكد ومحل دراسة وتشاور بين كل المنتجين.
بدورها، تقول ويني أكيللو المحللة الأمريكية في شركة أفريكان إنجنيرينج الدولية إن الوضع الجيوسياسي يشكل مصدر قلق لسوق النفط متوقعة حدوث توازن في سوق النفط خلال النصف الأول من 2024، ما يساعد في تخفيف تأثيرات بعض المخاوف الجيوسياسية، مرجحة أنه من غير المتوقع هذا العام أن ترتفع أسعار النفط كثيرا عن المستويات الحالية، ما لم يحدث تصعيد كبير للتوترات في الشرق الأوسط.
وعدت أنه من شأن النمو الاقتصادي العالمي الضعيف المتوقع أن يؤدي إلى تباطؤ نمو الطلب على النفط في 2024، ما يحافظ على متوسط سعر النفط الخام الأمريكي أقل من 80 دولارا للبرميل – وفقا لاستطلاعات رأي دولية -.
من ناحية أخرى، ارتفعت أسعار النفط بنحو 1 في المائة لتواصل المكاسب وسط مخاوف تتعلق بإمدادات الشرق الأوسط في أعقاب توقف الإنتاج بحقل في ليبيا وتصاعد التوترات بسبب الحرب.
وأدت احتجاجات الأربعاء إلى توقف الإنتاج في حقل الشرارة النفطي في ليبيا، الذي يمكن أن ينتج ما يصل إلى 300 ألف برميل يوميا.
وكان حقل الشرارة، وهو أحد أكبر الحقول في ليبيا، هدفا متكررا للاحتجاجات السياسية.
وبحلول الساعة 11:48 بتوقيت جرينتش، ارتفع خام برنت 70 سنتا بما يعادل 0.9 في المائة إلى 78.95 دولار للبرميل. وزادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 74 سنتا أو 1 في المائة إلى 73.44 دولار.
وارتفع كلا الخامين القياسيين الأربعاء بنحو 3 في المائة ليسجلا أول ارتفاع عند التسوية منذ خمسة أيام.
كما تلقت السوق دعما من بيانات معهد البترول الأمريكي التي أظهرت انخفاض مخزونات الخام الأمريكية 7.4 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 29 ديسمبر، وهو مثلي الانخفاض الذي توقعه محللون استطلعت “رويترز” آراءهم.
من جانب آخر تراجعت سلة خام “أوبك” وسجل سعرها 76.87 دولار للبرميل الأربعاء 78.28 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق رابع انخفاض على التوالي وأن السلة خسرت نحو خمسة دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 81.82 دولار للبرميل.
تماسك «أوبك +» يبعث التفاؤل في أسواق النفط .. توازن متوقع في النصف الأول
مقالات ذات صلة
مال وأعمال
مواضيع هامة
النشرة البريدية
اشترك معنا في خدمة النشرة البريدية ليصلك اخر الاخبار المحلية والعالمية مباشرة الى بريدك الإلكتروني.
2024 © أيام جدة. جميع حقوق النشر محفوظة.