استمرت التقلبات السعرية للنفط الخام وسط حالة عدم اليقين المحيطة بمنطقة الشرق الأوسط نتيجة المخاطر الجيوسياسية، إذ لا تزال الأسعار مرتفعة بسبب الأحداث التي تشهدها المنطقة وسيطرة مخاوف العدوى على أذهان المستثمرين، فيما يتعلق بانقطاع الإمدادات المحتمل.
ويقول لـ”الاقتصادية” محللون نفطيون إن أسعار النفط صعدت بقوة خلال الأيام الأخيرة، مع زيادة علاوة المخاطر الجيوسياسية في الأسواق وتزايد المخاوف من تدخل الولايات المتحدة، وسط توقعات بمضاعفة الجهود لوقف تدفقات النفط الإيراني.
وأوضح المحللون، أنه على الرغم من ارتفاع الأسعار لا تزال هناك حالة من عدم اليقين في أسواق النفط بشأن كيفية تأثر العرض والطلب على وجه التحديد، منوهين إلى أن أسعار النفط أظهرت رد فعل متواضعا نسبيا للزيادة الأخيرة في التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، حيث تتوقع تقارير دولية أن الصراع من غير المرجح أن يؤثر في توازن العرض والطلب في سوق النفط على الفور.
وفي هذا الإطار، يقول مارتن جراف، مدير شركة “إنرجي شتايرمارك” النمساوية للطاقة، إن آمال استعادة التوازن والاستقرار في سوق النفط الخام تواجه تحديات متصاعدة بسبب المخاطر الحالية، وذلك على الرغم من جهود “أوبك” وأساسيات السوق الجيدة بشكل عام.
ونوه إلى أن “أوبك” في توقعاتها للنفط العالمي لـ 2023 التي نشرتها أخيرا رفعت توقعاتها للطلب العالمي، مشيرة إلى أن ذروة الطلب ستكون بحلول 2045 عند 116 مليون برميل يوميا، وهو ما يمثل زيادة قدرها ستة ملايين برميل يوميا، مقارنة بتوقعات العام الماضي.
من جانبه، يرى سلطان كورالي، المحلل الألباني ومختص شؤون الطاقة والمصارف، أن الأيام القليلة الماضية شهدت أحداثا أثرت بشكل مباشر على أسعار النفط والغاز، مضيفا أن أسعار النفط والغاز الطبيعي ارتفعت وسط مخاوف من انقطاع الإمدادات من الشرق الأوسط.
وأشار إلى استقرار سعر النفط نسبيا بعد أكبر قفزة له منذ ستة أشهر، حيث استوعبت الأسواق التداعيات الجديدة خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، إضافة إلى احتمال اتخاذ إجراءات تحفيز اقتصادي جديدة في الصين.
أما جوران جيراس، مساعد مدير بنك “زد أيه إف” في كرواتيا، فيشير إلى أن التوترات المتزايدة في الشرق الأوسط تبقي أسواق النفط في حالة تأهب، إذ إن الشرق الأوسط يمثل نحو ثلث الإمدادات العالمية، ولا تزال السوق قلقة بشأن التهديدات المحتملة التي تشهدها المنطقة.
وأوضح أن السوق تتعرض إلى العديد من المخاطر الرئيسة في المرحلة الراهنة الصعبة والغامضة، مشيرا إلى أن التنفيذ الأكثر صرامة للعقوبات الأمريكية على صادرات النفط الخام الإيرانية وأي حصار أو هجمات على السفن في ممرات الشحن الرئيسة يعد أكبر وأبرز المخاطر.
بدورها، تقول ليندا تسيلينا، مدير المركز المالي العالمي المستدام إن السوق تترقب قيام الصين باتخاذ تدابير جديدة لمساعدة اقتصادها على تحقيق هدف النمو الرسمي للبلاد، وهو ما قد يحدث خلال أسابيع قليلة، وسيكون له انعكاسات إيجابية واسعة على الطلب العالمي على النفط الخام.
وأشارت إلى أن الصراع في الشرق الأوسط أدى إلى تفاقم تقلبات أسعار النفط الخام، التي تأرجحت أيضا خلال الشهر الماضي، حيث أدت المخاوف بشأن ارتفاع أسعار الفائدة وتباطؤ النمو إلى مقاومة ارتفاع مدعوم بتخفيضات الإنتاج التي تنفذها “أوبك +” بقيادة السعودية وروسيا.
من ناحية أخرى، فيما يخص الأسعار، لم يطرأ تغير يذكر على أسعار النفط في التعاملات الآسيوية المبكرة أمس، مع انحسار المخاوف من احتمال انقطاع الإمدادات.
وارتفع خام برنت 12 سنتا إلى 87.77 دولار للبرميل. كما صعد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي ثلاثة سنتات إلى 86 دولارا للبرميل.
وفي إشارة تبعث على التفاؤل إزاء وضع الإمدادات، أحرزت فنزويلا والولايات المتحدة تقدما في المحادثات التي يمكن أن تفضي إلى تخفيف العقوبات على كاراكاس من خلال السماح لشركة نفط أجنبية إضافية واحدة على الأقل بالحصول على النفط الخام الفنزويلي في ظل بعض الشروط.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام “أوبك” وسجل سعرها 90.78 دولار للبرميل الثلاثاء مقابل 89.99 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك”، إن سعر السلة، التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء بالمنظمة حقق ثاني ارتفاع له على التوالي، وأن السلة خسرت ثلاثة دولارات، مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 93.56 دولار للبرميل.

شاركها.
Exit mobile version