تلقت أسعار النفط الخام دعما من تقرير لمنظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبك”، الذي ذكر أن أساسيات السوق لا تزال قوية وذلك على خلفية المخاوف من احتمال اضطراب الإمدادات مع تضييق الولايات المتحدة الخناق على صادرات النفط الروسية.
وارتفع النفط بعد ثلاثة أسابيع من الانخفاضات، بينما يستمر ضعف توقعات الطلب وارتفاع الإمدادات الأمريكية في التأثير في السوق، حيث تشير الإشارات الفنية إلى أن عمليات البيع الأخيرة كانت مبالغا فيها.
وقال لـ”الاقتصادية”، محللون نفطيون، إن “أوبك” نبهت إلى أن موازين العرض العالمية ضيقة والاستهلاك صحي، ما يدعم الأسعار إلى جانب ضعف الدولار.
وأبرز المحللون توقعات بنك جولدمان ساكس بتسجيل نمو في العوائد الصافية للطاقة بنسبة 31 في المائة خلال الأشهر الـ12 المقبلة، مشيرين إلى أن السياسة النقدية الأقل تشددا وارتفاع الأسعار الفورية وتخفيف المخاوف من الركود يمكن أن تؤدي إلى زيادة العائدات على النفط والسلع الأساسية، ما يدعم صفقات شراء النفط الخام في العام المقبل.
ونقل المحللون عن شركة “آر بي سي كابيتال ماركتس” تأكيدها أن سوق العقود الآجلة في منطقة ذروة البيع ومع ذلك حذرت من أن هذا الارتفاع قد يكون قصير الأجل مع استمرار المستثمرين في حالة من القلق بشأن الطلب، نظرا لأسعار الفائدة الأمريكية المرتفعة بشكل عنيد.
وفي هذا الإطار، قال سيفين شيميل مدير شركة “في جي آندستري” الألمانية، إن تقلبات أسعار النفط مستمرة مع ترقب بيانات المخزونات الأمريكية اليوم، حيث تبدو مخزونات النفط الخام وفيرة، مشيرا إلى أنه لا تزال الإمدادات من الشرق الأوسط – مصدر نحو ثلث النفط الخام في العالم – غير متأثرة بالصراع في الشرق الأوسط في حين تتزايد الشحنات من روسيا والولايات المتحدة.
وأضاف أن وفرة الإمدادات تضيف ضغوطا هبوطية على أسعار النفط الخام خاصة في ظل أنباء عن بحث استئناف الصادرات النفطية العراقية عبر ميناء جيهان في تركيا بعد توقف خط الأنابيب الرئيس منذ مارس الماضي.
من جانبه، ذكر روبين نوبل مدير شركة “أوكسيرا” الدولية للاستشارات، أن التوترات سائدة في السوق رغم تقلص المخاوف من تداعيات الصراع في الشرق الأوسط على استقرار الإمدادات، لافتا إلى انخفاض حجم المراكز الطويلة في النفط الخام بسبب مخاوف الاقتصاد الكلي. ولفت إلى أنه رغم أن الصين استوردت خاما أكثر بنسبة 13.5 في المائة في أكتوبر مقارنة بالعام الماضي إلا أن رقم النمو كان مبالغا فيه بسبب قيود فيروس كورونا المطبقة في العام الماضي، مبينا أن تراجع أسعار النفط الخام من حين إلى آخر يعود إلى المخاوف المتزايدة بشأن حالة الاقتصاد العالمي، إضافة إلى السوق التي تحركها الأخطار الجيوسياسية وليس الأساسيات.
من ناحيته، أكد ماركوس كروج كبير محللي شركة “أيه كنترول” لأبحاث النفط والغاز، أن المكاسب عادت إلى الأسعار بعد تقرير “أوبك” الإيجابي والمطمئن لصحة أساسيات السوق، موضحا أن في الأسبوع الماضي سجلت أسعار النفط تراجعها الأسبوعي الثالث على التوالي لتنخفض إلى أدنى مستوى لها منذ منتصف يوليو الماضي مع استمرار المخاوف بشأن الطلب لتحل محل المخاوف من انقطاع الإنتاج المرتبط بالصراع في الشرق الأوسط.
وعد أن أسواق النفط شهدت تحولا في المعنويات مع انخفاض كبير في عمليات الشراء للمضاربة، ما أدى أيضا إلى الضغط على الأسعار كما انخفض حجم المراكز الطويلة في النفط الخام بسبب مخاوف الاقتصاد الكلي التي طغت على عوامل العرض والطلب التقليدية، كما تم تسجيل زيادة في العرض العالمي إلى حد كبير بسبب ارتفاع إنتاج العراق وإيران.
بدورها، ذكرت نايلا هنجستلر مدير إدارة الشرق الأوسط في الغرفة الفيدرالية النمساوية سابقا، أن أسعار النفط ما زالت تعاني ضغوطا ناجمة عن المخاوف بشأن تعثر الطلب خاصة أن شركات التكرير الصينية طلبت كميات أقل من الإمدادات لديسمبر المقبل، مشيرة إلى تناقض الوضع الحالي مع المزاج السائد في الأسابيع الأخيرة، حيث توقع التجار تهديدا كبيرا لإمدادات النفط العالمية بسبب الصراع في الشرق الأوسط.
ولفت إلى وجود حالة من الثقة أن الحرب في الشرق الأوسط لن تؤثر في العرض، لافتة إلى تقارير دولية ترجح أن الهند، وليس الصين هي التي ستقود الطلب المستقبلي على النفط بعدما ظلت الصين عقودا من الزمن هي المفتاح لنمو الطلب العالمي على النفط بفضل الاقتصاد الذي حافظ على معدل نمو قوي فترة طويلة.
وفيما يخص أسعار النفط، صعدت العقود الآجلة لخام برنت 33 سنتا بما يعادل 0.4 في المائة إلى 82.85 دولار للبرميل. كما زادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 33 سنتا أيضا، أو 0.4 في المائة، إلى 78.59 دولار للبرميل.
وألقت “أوبك” في تقريرها الشهري باللوم على المضاربين في أحدث انخفاض في الأسعار. كما رفعت قليلا توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط لـ2023 وتمسكت بتوقعاتها المرتفعة نسبيا لـ2024.
وفي الأسبوع الماضي، تراجعت أسعار النفط إلى أدنى مستوى لها منذ يوليو متأثرة بالمخاوف من احتمال تراجع الطلب في الولايات المتحدة والصين، أكبر مستهلكين للنفط في العالم. وهبط مؤشر أسعار المستهلكين في الصين في أكتوبر إلى مستويات لم تشهدها منذ جائحة كوفيد – 19 وانكمشت الصادرات لذلك الشهر بأكثر من المتوقع.
وقال محللو أيه.إن.زد للأبحاث في مذكرة أمس “دفعت المعنويات المتراجعة في الفترة الأخيرة “أوبك” إلى التأكيد على وجهة نظرها بأن الاستهلاك جيد”.
وتلقت أسعار النفط دعما أيضا من الحملة الأمريكية على صادرات النفط الروسية، ما قد يؤدي إلى اضطراب الإمدادات.
إضافة إلى ذلك، تخطط وزارة الطاقة الأمريكية لشراء 1.2 مليون برميل من النفط للمساعدة على تجديد الاحتياطي الاستراتيجي بعد بيع أكبر كمية على الإطلاق من المخزونات في العام الماضي.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام “أوبك” وسجل سعرها 84.08 دولار للبرميل الإثنين مقابل 83.71 دولار للبرميل في اليوم السابق. وذكر التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” أمس، أن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق ثاني ارتفاع عقب عدة انخفاضات سابقة وأن السلة خسرت نحو دولارين مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 88.86 دولار للبرميل.

شاركها.
Exit mobile version