مالت أسعار النفط الخام إلى الاتجاه الصعودي مع فرص محدودة للتراجع، وسط مخاوف من تأثير الأوضاع الجيوسياسية لمنطقة الشرق الأوسط في سلاسل التوريد العالمية حتى عام 2024.
ويستمر خفض إنتاج “أوبك+” الطوعي بمقدار مليون برميل يوميا في تحفيز جهود التوازن بين العرض والطلب وتحقيق استقرار السوق، ولكنه يلقى مقاومة من نمو إنتاج النفط الصخري الأمريكي وانتعاش الإنتاج الإيراني والفنزويلي.
وقال لـ”الاقتصادية”، محللون نفطيون: إن البنوك المركزية نجحت إلى حد كبير في السيطرة على التضخم ولكنها تواجه حاليا صعوبات متعلقة باضطرابات سلسلة التوريد ومخاوف انتشار الصراع في الشرق الأوسط وتداعياته على الأسواق العالمية مع حلول عام 2024.
وأشار المحللون إلى أن المستهلكين يواجهون الآن احتمال تحمل تكاليف النقل المتزايدة والقيود الزمنية للمصافي، وكلما طال أمد الحرب زادت احتمالية حدوث اضطرابات في السوق وفي تجارة النفط العالمية.
وتوقعوا أن تكون المخاطر الجيوسياسية هي المحرك الرئيس، الأكثر أهمية التي يجب الانتباه إليها إلى جانب مجموعة من البيانات من الولايات المتحدة وبيانات المخزونات أيضا، التي يمكن أن تؤثر أيضا في أسعار النفط خلال الأسبوع الجاري.
وفي هذا الإطار، قال سيفين شيميل مدير شركة “في جي أندستري” الألمانية: إن العوامل والمخاطر الجيوسياسية تدعم الأسعار ولكن بشكل مؤقت بينما مفتاح الاتجاه الصعودي كان وسيظل هو الطلب خاصة بعد أن توقعت تقارير دولية نمو الطلب بشكل أسرع مما كان متوقعا في السابق في العام المقبل.
وأشار إلى توقع عديد من البنوك في الولايات المتحدة أن يبلغ متوسط سعر خام برنت 85 دولارا لعام 2024 وذلك بشرط عدم حدوث أي انقطاع كبير في الإمدادات النفطية.
من ناحيته، ذكر روبين نوبل مدير شركة “أوكسيرا” الدولية للاستشارات، أن تقييم مسار الأسعار ومستجدات العوامل المؤثرة في السوق باتت مهمة شديدة الصعوبة، موضحا أن بنك جولدمان ساكس خفض أخيرا توقعاته لسعر النفط لعام 2024 إلى ما بين 70 و90 دولارا للبرميل لخام برنت، بينما في السابق كان البنك يتوقع الأسعار بين 80 و100 دولار للبرميل.
وأكد أن البنك عزا ذلك إلى ارتفاع إنتاج النفط في الولايات المتحدة، حيث وصل إنتاج البلاد وصادراتها النفطية إلى مستوى قياسي هذا العام، ومع ذلك فإن التوقعات تشير إلى نمو أبطأ بكثير في العام المقبل.
من جهته، قال ماركوس كروج كبير محللي شركة “أيه كنترول” لأبحاث النفط والغاز إن هناك حالة من التنبؤ الحذر لأسعار النفط الخام في العام المقبل بسبب ما يراه البعض من احتمال تباطؤ نمو الطلب الناتج عن ما أسموه “الرياح المعاكسة الاقتصادية”.
ونقل عن مجموعة “سيتي جروب” المصرفية التي تتوقع التزام “أوبك+” بتخفيضات الإنتاج الأعمق لوضع حد أدنى للأسعار، مبينا أن بنك أوف أمريكا هو الأكثر تفاؤلا بين البنوك الدولية، حيث يتوقع أن يبلغ متوسط سعر برنت 90 دولارا للبرميل في العام المقبل.
بدورها، ذكرت نايلا هنجستلر مدير إدارة الشرق الأوسط في الغرفة الفيدرالية النمساوية سابقا، أن سماح الولايات المتحدة بتخفيف العقوبات من أكتوبر 2023 إلى أبريل 2024 على إنتاج فنزويلا ورفع وبيع وتصدير النفط أو الغاز، يعزز تجارة النفط الدولية، حيث انعكس ذلك في قيام شركات نفط صينية عملاقة بشراء شحنات من الخام الفنزويلي، حيث تتطلع الشركات الصينية إلى الحصول على خامات أرخص دون خوف من العقوبات على فنزويلا، التي تم تخفيفها.
وعدت أن النمو الاقتصادي الممتاز الذي حققته الصين لأعوام عدة كان سببا في دفع أسعار السلع الأساسية الرئيسة التي كانت في حاجة إلى الارتفاع بشكل متزايد، وهو الأمر الذي أدى بمفرده تقريبا إلى إيجاد واستدامة الدورة الفائقة للسلع الأساسية على مدى تلك الأعوام.
وفيما يخص الأسعار، ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت ستة سنتات إلى 78.01 دولار للبرميل خلال التعاملات أمس. وتراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي لأقرب شهر استحقاق، التي انتهى أجلها أمس، 18 سنتا إلى 72.29 دولار للبرميل.
وهبط عقد الشهر الثاني الأكثر نشاطا عشرة سنتات، أو 0.1 في المائة، إلى 72.72 دولار.
وارتفع الخامان القياسيان أكثر من 1 في المائة يوم الإثنين بفعل مخاوف من تحويل شركات الشحن السفن بعيدا عن البحر الأحمر.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام “أوبك” وسجل سعرها 78.47 دولار للبرميل يوم الإثنين، و78.03 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وذكر التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” أمس أن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق ثالث ارتفاع على التوالي، وأن السلة كسبت نحو دولار واحد مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 77.93 دولار للبرميل.

شاركها.
Exit mobile version