ارتفعت أسعار النفط الخام في بداية تعاملات الأسبوع بدعم من انخفاض الصادرات النفطية الروسية وزيادة المخاوف من انقطاع الإمدادات.
وتتوقع تقارير دولية بقاء متوسطات أسعار النفط السنوية في عام 2024 بالقرب من مستويات مماثلة لعام 2023 حيث إن قطاع النفط الصخري الأمريكي يظهر علامات متزايدة على الضعف، كما من المتوقع أن تقود الأسواق الناشئة نمو الطلب على النفط على المدى القريب.
وقال لـ”الاقتصادية”، محللون نفطيون “إن ارتفاع إنتاج النفط من خارج (أوبك +) ومساحة التخزين الكبيرة التي يحتفظ بها التحالف سيستمران في الضغط الهبوطي على أسعار النفط الخام في العام المقبل”.
وأوضح المحللون أنه بدون حدوث تصعيد جيوسياسي كبير يؤدي إلى انقطاع ضخم في الإمدادات -وهو أمر لا يمكن استبعاده- فمن غير المرجح أن تصل أسعار النفط إلى 100 دولار للبرميل في عام 2024 مع ارتفاع إنتاج وصادرات النفط الأمريكية بشكل أسرع وأعلى من المتوقع وسط معنويات ضعيفة بشأن الطلب، خاصة في النصف الأول من عام 2024.
ولفت المحللون إلى أهمية دعوة البرازيل لتكون جزءا من “أوبك +” بدءا من يناير 2024، لكن البرازيل قالت بالفعل “إنها لن تشارك في أي تخفيضات في الإنتاج”، مشيرين إلى أنه مع التخفيضات المعلنة الأخيرة للربع الأول من عام 2024 يحاول تحالف “أوبك +” الحفاظ على سيطرة مشددة على إمدادات النفط العالمية، لكن المجموعة تواجه رقما قياسيا في نمو إمدادات الولايات المتحدة إضافة إلى زيادة العرض من المنتجين الآخرين من خارج التحالف بما في ذلك البرازيل وجيانا وكندا والنرويج.
في هذا الإطار، قال روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، “إن معنويات السوق في وضع أفضل بعد تثبيت أسعار الفائدة في أغلب البنوك المركزية وتقلص مخاوف الاقتصاد العالمي من الركود والتضخم”، مبينا أنه على أي حال فإن إدارة سوق النفط من قبل “أوبك +” ستكون أساسية في تحديد الاتجاه الذي ستتجه إليه الأسعار في العام المقبل.
وأشار إلى انخفاض أسعار البنزين في الولايات المتحدة إلى أدنى مستوى لها منذ 11 شهرا، لافتا إلى تأكيد “ماركت وواتش” أن تخفيضات الإنتاج التي قامت بها مجموعة منتجي تحالف “أوبك +” تساعد في الدفاع عن الحد الأدنى لأسعار النفط الخام.
من جانبه، ذكر ردولف هوبر الباحث في شؤون الطاقة ومدير أحد المواقع المتخصصة، أن إدارة المعروض النفطي من جانب “أوبك +” في العام المقبل ليست مهمة سهلة، مبينا أن الإمدادات من خارج “أوبك +” تنمو بوتيرة أسرع من التوقعات السابقة بقيادة الإنتاج الأمريكي القياسي على الرغم من ثبات أو انخفاض عدد منصات الحفر مقارنة بهذا الوقت من العام الماضي.
وأوضح أن توقعات صادرة عن “سيتي جروب” ترى أنه إذا قامت “أوبك +” بإلغاء التخفيضات بعد مارس 2024 فقد تتراجع أسعار النفط بنسبة 30 – 50 في المائة إذا تم تشغيل معظم الطاقة الفائضة، لافتا إلى أن منتجي “أوبك +” يتمسكون بالعمل جميعا معا لتحقيق التوازن في هذه السوق والحفاظ على مستوى أسعار معزز للاستثمار يقدره البعض عند 70 إلى 80 دولارا للبرميل.
من ناحيته، قال ماثيو جونسون المحلل في شركة “أوكسيرا” الدولية للاستشارات، “إن سوق النفط الخام شديدة التعقيد وسريعة التقلبات”، لافتا إلى تأكيد شركة “رابيدان” أنه على مدى الأعوام القليلة المقبلة ستكون هناك حاجة إلى استمرار وتطوير إدارة موحدة ويقظة وفعالة لإمدادات “أوبك +” لمنع انهيار أسعار النفط الخام وتجنب هزات السوق الحادة.
وأكد أن بيانات نمو الطلب على الطاقة الأحفورية قوية ومبشرة، مبينا أن الطلب على النفط ليس على وشك الوصول إلى الذروة بينما في المقابل قد يكون نمو العرض من خارج “أوبك +” قد اقترب بالفعل من الذروة، معتبرا عمل “أوبك +” على مدى الأعوام القليلة المقبلة سيكون صعبا.
بدورها، توقعت مواهي كواسي العضو المنتدب لشركة أجركرافت الدولية، أن تظل أسعار الطاقة مرتفعة نتيجة المخاطر الجيوسياسية وقرارات خفض وتمديد إنتاج “أوبك +” وإبقاء أسعار الفائدة دون تغيير، لكن هذه المكاسب تقاومها مخاوف الركود وتعثر الطلب على الوقود على المدى القريب.
وأضافت أن “استمرار تصاعد الحرب في الشرق الأوسط وما يرتبط بها من علاوة المخاطر الجيوسياسية من شأنه أن يضمن بقاء أسعار النفط متقلبة على المدى القريب”، مشيرة إلى سعي “أوبك +” لمواجهة تحديات السوق واستمرار الحفاظ على دعم الأسعار وسط خلفية اقتصادية كلية ضعيفة.
وفيما يخص الأسعار، ارتفع النفط 1 في المائة تقريبا في التعاملات الآسيوية المبكرة أمس مدعوما بانخفاض الصادرات من روسيا وزيادة المخاوف من انقطاع الإمدادات جراء هجمات الحوثيين على سفن في البحر الأحمر. وبحسب “رويترز”، زادت العقود الآجلة لخام برنت 69 سنتا أو 0.9 في المائة إلى 77.24 دولار للبرميل خلال التعاملات أمس، في حين ارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 65 سنتا أو 0.9 في المائة إلى 72.08 دولار للبرميل.
وقال توني سيكامور محلل السوق لدى “آي جي ماركتس”، “أسهم الطقس السيئ في روسيا في الافتتاح الأقوى (ارتفاع الأسعار) هذا الصباح، وكذلك الهجوم على السفن القريبة من اليمن”.
وقالت روسيا الأحد “إنها ستزيد من خفض الصادرات في ديسمبر بمقدار 50 ألف برميل يوميا أو أكثر، قبل الموعد الذي كانت قد تعهدت به، وذلك في الوقت الذي يحاول فيه أكبر مصدرين للنفط في العالم دعم الأسعار العالمية.
وأنهى برنت وخام غرب تكساس الوسيط أطول سلسلة من الانخفاضات الأسبوعية في نصف عقد بمكاسب طفيفة الأسبوع الماضي بعد اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي “البنك المركزي الأمريكي” الأسبوع الماضي، ما أثار الآمال في انتهاء رفع أسعار الفائدة والتخفيضات تباعا. من جانب آخر، ارتفعت سلة خام “أوبك” وسجل سعرها 78.03 دولار للبرميل يوم الجمعة، الذي كان 76.77 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وذكر التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” أن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق ثاني ارتفاع على التوالي وأن السلة كسبت نحو دولار واحد مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 77.42 دولار للبرميل.

شاركها.
Exit mobile version