تلقت أسعار النفط الخام دعما من المخاطر الجيوسياسية والتوترات في منطقة الشرق الأوسط، وتزيد التوترات من حالة عدم اليقين في السوق، وإن كانت قد انحسرت المخاطر نسبيا أخيرا.
ويرى مراقبون أن التأثير الفعلي للتوترات في المنطقة في إمدادات النفط لا يزال محدودا حتى الآن.
وفي 2024 تشير توقعات البنك الهولندي لأسعار النفط إلى تداول السلعة عند 89 دولارا و75 دولارا في 2025، بينما تتوقع شركة “فيتش سوليوشن” انخفاض الأسعار إلى 75 دولارا في 2024، و65 دولارا في 2025 و53 دولارا في 2026.
ويقول لـ”الاقتصادية” محللون نفطيون إن إنتاج النفط الخام الأمريكي وصل بالفعل إلى مستويات قياسية هذا العام، ومن المرجح أن تستمر في العام المقبل بوتيرة أبطأ نسبيا.
وأشار المحللون إلى تجاوز إنتاج النفط الخام الأمريكي التوقعات السابقة بشكل كبير، ونما بوتيرة أسرع بكثير هذا العام، ما قاوم تأثيرات جهود تحالف منتجي “أوبك +” لرفع الأسعار من خلال تخفيضات العرض المنسقة.
وتوقع المحللون، أن يستمر نمو الإنتاج الأمريكي في العام الجديد، وذلك بفضل مزيد من المكاسب في الكفاءة وزيادة الإنفاق وخطط الإنتاج من الشركات الأمريكية الكبرى التي أعلنت للتو عن صفقات اندماج ضخمة.
وفي هذا الإطار، يقول هيرويوكي كينوشيتا المحلل الياباني ومختص شؤون المصارف والطاقة إن نمو إنتاج النفط الخام من خارج تحالف منتجي “أوبك +” قد يستمر في الحد من جهود “أوبك +” لتقييد العرض ودعم أسعار النفط.
وأشار إلى أن موقع فنزويلا الاستراتيجي واحتياطياتها النفطية الهائلة، يضعها كلاعب رئيس في سوق النفط العالمية، ما يوفر لأوروبا بديلا لمصادر الطاقة الروسية، لافتا إلى أن تخفيف العقوبات الأمريكية على فنزويلا يبشر بالتنشيط الاقتصادي لفنزويلا وتعزيز أمن الطاقة في أوروبا وسط التوترات العالمية الحالية.
من جانبه، يقول أندرو موريس مدير شركة بويري الدولية للاستشارات إنه لا يزال النفط في طريقه لتسجيل أول انخفاض سنوي له منذ 2020، وهناك مخاوف واسعة النطاق بشأن حدوث تخمة في المعروض في العام المقبل على الرغم من القيود الجديدة على الإمدادات.
ونقل عن بنك كوريا للأوراق المالية تأكيده أنه مع الاقتراب من نهاية العام ستركز مزيد من التجارة على إعادة تنظيم المواقف في ظل حجم تداول ضعيف، وذلك ما لم نشهد مزيدا من التوترات في الشرق الأوسط.
من ناحيته، يقول أندريه جروسي مدير شركة “إم إم إيه سي” الألمانية إن أسعار النفط الخام ارتفعت بشكل كبير وسط مؤشرات على عودة الضغط الصعودي مرة أخرى بفعل عدم اليقين المحيط بسوق النفط الخام واستمرار التوترات في الشرق الأوسط، مقابل هدوء التعاملات المرافق لفترة عطلات نهاية العام.
وأشار إلى أن “أوبك +” تكافح من أجل ضبط المعروض النفطي على الرغم من تباين وجهات النظر وظروف عديد من المنتجين، موضحا أنه في أوائل أبريل الماضي أعلن منتجو “أوبك +” خفضا غير متوقع في إنتاج النفط بنحو 1.6 مليون برميل يوميا، ما رفع الخفض التراكمي لإنتاج النفط من جانب “أوبك +”، التي تتكون من “أوبك” وروسيا وحلفاء آخرين، إلى 3.6 مليون برميل يوميا، وهو ما يمثل 3.7 في المائة من إجمالي الطلب وجاءت هذه الخطوة المفاجئة وسط مخاوف بشأن الركود العالمي والتزام “أوبك +” بدعم أسعار النفط عن طريق الحد من العرض.
بدورها، تقول ويني أكيللو المحللة الأمريكية في شركة أفريكان إنجنيرينج الدولية إن سوق النفط الخام لا تزال محفوفة بالمخاطر والتوترات وعوامل خارجية بعيدة عن أساسيات السوق، التي تعمل على معالجتها مجموعة “أوبك +” بشكل جيد، مشيرة إلى أن المخاوف بشأن استمرار التضخم وتراجع النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة إلى جانب القلق بشأن القطاع المصرفي ومخاطر التخلف عن سداد الديون الأمريكية، تقلل من ثقة المستثمرين في نمو أسعار النفط – بحسب تقرير لمجموعة كابيتال-.وأضافت أنه لا تزال توقعات الطلب على النفط الخام ضعيفة بسبب هذه المخاوف، على الرغم من انخفاض المخزونات في الولايات المتحدة وستكون التوقعات بشأن إمكانات النمو المستقبلي في الاقتصاد الأمريكي أساسية لتحديد الزخم في النفط الخام، موضحة أنه قد تؤدي سياسات بنك الاحتياطي الفيدرالي المتشددة إلى تجدد الزخم الصعودي بالدولار الأمريكي.
من ناحية أخرى، تراجعت أسعار النفط بأكثر من 1 في المائة أمس مع انحسار المخاوف بخصوص اضطرابات الشحن بطول مسار البحر الأحمر حتى مع استمرار تصاعد التوترات في الشرق الأوسط.
وانخفضت العقود الآجلة لخام برنت تسليم فبراير 1.02 دولار، أو نحو 1.3 في المائة، إلى 78.63 دولار للبرميل في تعاملات ضعيفة، بينما انخفضت العقود الآجلة تسليم مارس والتي كانت تعاملاتها أكثر نشاطا 92 سنتا، نحو 1.2 في المائة، إلى 78.62 دولار للبرميل.
كما انخفضت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 82 سنتا، أو نحو 1.1 في المائة، إلى 73.29 دولار للبرميل.
وتراجعت أسعار النفط بنحو اثنين في المائة الأربعاء الماضي مع بدء عودة شركات شحن كبرى لمسار البحر الأحمر.

شاركها.
Exit mobile version