استمرت تقلبات أسعار النفط الخام مع ميل إلى التراجع، بسبب توقعات الأسواق بقيام تحالف “أوبك+” بإضافة تخفيضات إنتاجية جديدة، في اجتماعه الوزاري الموسع الأحد المقبل.
في المقابل، تتلقى الأسعار دعما من المخاوف من حزمة العقوبات الجديدة التي فرضها الاتحاد الأوروبي على النفط الروسي، بينما تقاوم المكاسب توقعات التباطؤ الاقتصادي العالمي.
ويقول مختصون ومحللون نفطيون إن هناك تكهنات متزايدة بأن مزيدا من التخفيضات في الإمدادات قد تكون في الطريق مع تطلع “أوبك+” إلى الحفاظ على الاستقرار وإبقاء أسعار النفط عند مستويات ملائمة ومعززة للاستثمار.
وذكر المختصون أن ما يعزز الاتجاه الهبوطي هو اتخاذ فنزويلا خطوات لتعزيز الإنتاج بعد رفع العقوبات ويمكن أن تعود إلى مستويات إنتاج مناسبة في 2024، ما قد يضيف تحديا إضافيا لديناميكيات العرض والطلب.
ورجح المختصون أن تكون بيانات المخزونات أساسية في حركة الأسعار هذا الأسبوع، حيث شهدنا ارتفاعا طفيفا في المخزونات أخيرا، ما أسهم في عمليات البيع الأخيرة، كما شهد الأسبوع الماضي أيضا زيادة في عدد منصات النفط الأمريكية التي سجلت أول زيادة منذ ثلاثة أسابيع وهو بمنزلة مؤشر للإنتاج المستقبلي.
وفي هذا الإطار، قال لـ”الاقتصادية” سيفين شيميل مدير شركة “في جي إندستري” الألمانية، إنه خلال الشهر الماضي تراجعت أسعار النفط بنحو عشرة دولارات للبرميل حتى إن خام غرب تكساس الوسيط بدأ يعاني تدهور معنويات السوق.
وأشار إلى أن السوق الآسيوية تمثل تقليديا أغلب صادرات الشرق الأوسط، لافتا إلى وجود حالة من الشراء الصيني الأضعف مقابل ارتفاع تدفقات النفط الخام الأمريكي والروسي.
وأشار إلى أنه على عكس الطلب على الوقود تشير التوقعات إلى أن الطلب على البتروكيماويات يتمتع بفرص جيدة جدا للبقاء على المدى الطويل بفضل تنوع تطبيقاتها عبر الصناعات، واجتذبت الصناعة التحويلية اهتماما متزايدا في الآونة الأخيرة.
ولفت إلى تحذير المراقبين لشركات التكرير بشكل أساسي، من الاستعداد لانخفاض الطلب على الوقود والتركيز الجديد على البتروكيماويات كمصدر رئيس للإيرادات.
من جانبه، ذكر لـ”الاقتصادية” روبين نوبل مدير شركة أوكسيرا الدولية للاستشارات، أن “أوبك+” قادرة على الحفاظ على نهجها في التوافق والعمل الجماعي، عادا أن التوافق على تخفيضات إنتاج جديدة في الاجتماع الوزاري المقبل ليست مهمة سهلة خاصة في ظل الصعوبات الإنتاجية التي تواجه المجموعة الإفريقية في التحالف.
ونوه إلى الاستعداد المكثف من خلال المشاورات المسبقة والتحضيرية لتحالف المنتجين قبل الاجتماع في فيينا الأحد المقبل، مشيرا إلى أن الاجتماع يواكب حالة من التقلبات الشديدة في السوق جراء الصراعات في أوروبا والشرق الأوسط.
من ناحيته، أوضح لـ”الاقتصادية” ماركوس كروج كبير محللي شركة أيه كنترول لأبحاث النفط، أن تحالف “أوبك +” قوي وكفء في إدارة المعروض النفطي العالمي ولا توجد أي خلافات حول الحصص وخطوط الأساس للإنتاج رغم الصعوبات الراهنة، وسط تقلبات خطيرة في السوق والحروب المستمرة في أوكرانيا وغزة.
ولفت إلى أن المخاوف من نشوب حرب إقليمية أوسع في الشرق الأوسط هدأت مقارنة بفترة بداية القتال في غزة في أوائل أكتوبر الماضي، مشيرا إلى أن الأخطار الجيوسياسية رغم ذلك مستمرة في الضغط على الأسواق.
بدورها، ذكرت لـ”الاقتصادية” جولميرا رازيفا كبير محللي المركز الاستراتيجي للطاقة في أذربيجان، أن البيانات الاقتصادية المخيبة للآمال الصادرة عن الصين، غذت المخاوف من استمرار تباطؤ الطلب منهية فترة قوية من ارتفاع أسعار النفط الخام التي كانت قد وصلت إلى أعلى مستوى لها منذ ثمانية أشهر حيث قاربت مستوى 100 دولار للبرميل في سبتمبر الماضي.
وأشارت إلى نجاح التفاهمات السعودية – الروسية في تجنيب السوق أخطارا أوسع والعمل على استعادة التوازن نسبيا بين العرض والطلب، موضحة أن الرياض وموسكو قادتا بنجاح مجموعة المنتجين في “أوبك+” في سلسلة من تخفيضات الإنتاج والتصدير منذ الصيف الماضي ورغم ذلك استمرت الأسعار في التراجع.
من ناحية أخرى فيما يخص الأسعار، تراجعت أسعار النفط خلال تعاملات أمس، لتتخلى عن بعض المكاسب التي حققتها في الجلستين الماضيتين. ويأتي ذلك مع تحول المستثمرين الحذر قبيل اجتماع “أوبك+” المقبل في 26 نوفمبر، الذي قد يناقش تقديم تخفيضات إضافية في إمدادات النفط لإحداث التوازن في الأسواق.
وكانت أسعار النفط قد أنهت تعاملاتها الإثنين 20 نوفمبر على ارتفاع بأكثر من 2 في المائة، لتواصل حصد المكاسب للجلسة الثانية على التوالي، وسط مخاوف من تراجع الإمدادات. لكن العقود الآجلة لخام برنت القياسي، تسليم يناير 2024، تراجعت أمس 0.77 في المائة، لتصل إلى 81.68 دولار للبرميل.
بينما انخفضت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي، تسليم يناير 2024، 0.80 في المائة لتصل إلى 77.21 دولار للبرميل.
وانخفضت أسعار النفط نحو 16 في المائة منذ أواخر سبتمبر، مع استقرار إنتاج الخام في الولايات المتحدة، أكبر منتج في العالم، عند مستويات قياسية، في حين كانت السوق قلقة بشأن نمو الطلب في الصين، أكبر مستورد للنفط في العالم.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 84.44 دولار للبرميل الإثنين مقابل 81.08 دولار للبرميل في اليوم السابق. وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق أول ارتفاع عقب عدة انخفاضات على التوالي وإن السلة استقرت تقريبا مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 84.08 دولار للبرميل.

شاركها.
Exit mobile version