توقع محللون نفطيون استمرار تقلبات أسعار النفط الخام خلال الأسبوع الجاري بعد خسائر على مدى الأسبوعين الماضيين من جراء تقلص المخاوف المتعلقة باتساع الصراع في الشرق الأوسط وتحول تركيز السوق على بيانات الطلب العالمي.
ولفت المحللون في تصريحات لـ«الاقتصادية»، إلى أن صناعة النفط والغاز الطبيعي تدعم أمن الطاقة في كل الدول سواء الصناعية أو النامية، حيث يركز المنتجون الأمريكيون على طاقة موثوقة ومنخفضة الكثافة الكربونية يتم إنتاجها، خاصة في الولايات المتحدة مع رغبة مستمرة للاستثمار في الإنتاج المستقبلي.
وأوضحوا أن إنتاج النفط البحري الفيدرالي في خليج المكسيك يمثل 15 في المائة من إجمالي إنتاج الولايات المتحدة كما يمثل إنتاج النفط وإنتاج الغاز الطبيعي الخام البحري الفيدرالي في الخليج 5 في المائة من إجمالي إنتاج الولايات المتحدة، لافتين إلى أن حقول النفط والآبار الأمريكية أصبحت أقل إنتاجية مع انخفاض عمليات الحفر بنسبة 19 في المائة، منذ بداية العام.
ومن المتوقع أن ينخفض الإنتاج من أكبر سبع مناطق للنفط الصخري في الفترة من سبتمبر إلى نوفمبر الجاري، وفقا لتوقعات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية في الشهر الماضي. واعتبر المختصون صناعة التنقيب والإنتاج تسير في بيئة نمو بطيئة أو معدومة، حيث تكون الرغبة في توسيع القدرات عبر سلسلة القيمة الهيدروكربونية منخفضة مع تركيز شركات الطاقة على نهجها المنضبط في إدارة رأس المال.
وفي هذا الإطار، يقول روس كيندي العضو المنتدب لشركة كيو إتش إيه لخدمات الطاقة “إن تقلبات أسعار النفط الخام مرجحة بشكل كبير خلال الأسبوع الجاري بعد خسائر أسبوعية على مدار أسبوعين متتاليين بسبب تقلص المخاوف من اتساع الحرب في الشرق الأوسط وعودة التركيز على بيانات الطلب العالمي التي جاءت أقل من التوقعات والتقديرات السابقة”.
وأوضح أن إنتاج النفط الخام الأمريكي سجل رقما قياسيا شهريا في أغسطس 2023 بمتوسط إنتاج بلغ 13.05 مليون برميل يوميا، محطما الرقم القياسي المسجل في الشهر السابق حيث كانت الزيادات في الإنتاج مدفوعة بالكفاءة خاصة في تكساس وطرق الحفر الجديدة ما عوض الانخفاض في منصات الحفر النشطة، في حين تتوقع إدارة معلومات الطاقة استمرار نمو الإنتاج في العام المقبل.
ويرى، دامير تسبرات مدير تنمية الأعمال في شركة تكنيك جروب الدولية، أن أسعار النفط الخام تميل إلى التراجع بعد توقع أن يكون نطاق الحرب مقصورا على غزة، وعاد تركيز السوق على بيانات الطلب، مشيرا إلى أن المنتجات البتروكيماوية تعد مساهما رئيسا في الطلب العالمي على النفط، ومن المتوقع أن يرتفع الإنتاج بشكل حاد بحلول 2050.
وأشار إلى تنفيذ بعض الحكومات حظرا على المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، كما تشجع إعادة التدوير، لكن هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات أوسع لمعالجة إجمالي إنتاج واستهلاك البتروكيماويات، ولا سيما أن الطلب العالمي على المواد البلاستيكية مدفوع بتزايد عدد السكان وزيادة الناتج المحلي الإجمالي والثروة، ما يعني زيادة الدخل المتاح للسلع الاستهلاكية بحلول 2025 حيث إن ارتفاع إنتاج البلاستيك يعزز الطلب على النفط.
من جانبه، يقول بيتر باخر المحلل الاقتصادي ومختص الشؤون القانونية للطاقة “إن نشر تكنولوجيات الطاقة منخفضة الكربون يحتل أهمية لشركات الطاقة كافة”، منوها بالتقارير التي تؤكد أن السرعة التي تنخفض بها الانبعاثات ستعتمد إلى حد كبير على القدرة على تمويل الحلول المستدامة لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة من الاقتصادات سريعة النمو في العالم.
أما أرفي ناهار مختص شؤون النفط والغاز في شركة أفريكان ليدرشيب الدولية، فتقول “تقلبات أسعار النفط الخام ستستمر في ضوء الضبابية المحيطة بالأسواق واستمرار تداعيات الحرب في الشرق الأوسط”، لافتة إلى تأكيد شركة فيتول آسيا أن هوامش التكرير في الصين عند أدنى مستوياتها هذا العام وقد تعني “انخفاض الشهية” للنفط الخام من قبل أكبر مستهلك للطاقة في العالم في الأشهر القليلة المقبلة، في وقت يصل فيه الطلب في آسيا عادة إلى ذروته.
ورجحت أن يكون الانخفاض الأخير في هوامش التكرير في الصين -الذي تحول في بعض الحالات إلى سلبي- بسبب تقليص المخزون وزيادة الإنتاج بنحو مليون برميل يوميا في الربع الثالث مقارنة بالعام السابق بسبب توقعات الطلب المرتفعة.
من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار في ختام الأسبوع الماضي، انخفضت أسعار النفط أكثر من 2 في المائة الجمعة عند التسوية مع تبدد ‏المخاوف إزاء حالة التوتر في الشرق الأوسط، بينما زادت بيانات الوظائف ‏التوقعات بأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي قد انتهى من دورة التشديد النقدي.‏ وانخفضت العقود الآجلة لخام برنت 1.92 دولار بما يعادل 2.3 في المائة، إلى 84.89 ‏دولار للبرميل، في حين هبطت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي ‏‏1.95 دولار أو 2.4 في المائة، إلى 80.51 دولار للبرميل.‏ وأنهى الخامان الأسبوع منخفضين بأكثر من 6 في المائة.‏ وأظهرت بيانات رسمية، الجمعة، أن نمو الوظائف في الولايات المتحدة تباطأ بأكثر من ‏المتوقع في أكتوبر، كما تباطأ تضخم الأجور ما يشير إلى انحسار ‏في أوضاع سوق العمل.‏ وتعزز البيانات وجهة النظر بأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي ليس ‏بحاجة إلى مزيد من رفع أسعار الفائدة.‏ وأبقى المجلس على أسعار الفائدة دون تغيير يوم الأربعاء، في حين أبقى بنك إنجلترا ‏أسعار الفائدة عند أعلى مستوى لها منذ 15 عاما. وحافظ تثبيت السياسات على ‏دعم أسعار النفط مع عودة بعض الرغبة في المخاطرة إلى الأسواق.‏ وأظهر مسح للقطاع الخاص اليوم أن نشاط الخدمات في الصين نما بوتيرة أسرع ‏قليلا في أكتوبر، لكن المبيعات نمت بأضعف وتيرة في عشرة أشهر، ‏وشهد نشاط التوظيف ركودا مع تراجع ثقة الشركات.‏ وعلى جانب العرض، تشير توقعات المحللين إلى أن السعودية ستؤكد مجددا تمديد ‏خفض إنتاجها الطوعي بمليون برميل يوميا حتى ديسمبر.‏ من جانب آخر، ذكر تقرير شركة بيكر هيوز الأمريكية المعنية بأنشطة الحفر، أن إجمالي عدد منصات الحفر النشطة في الولايات المتحدة انخفض بمقدار سبع منصات هذا الأسبوع بعد ارتفاعه بمقدار منصة واحدة الأسبوع الماضي مع انخفاض عدد منصات النفط النشطة إلى أدنى مستوى له منذ 28 يناير الماضي.
ولفت إلى انخفاض إجمالي عدد منصات الحفر إلى 618 منصة هذا الأسبوع حتى الآن هذا العام، قدر تقرير الشركة خسارة 161 منصة حفر نشطة، موضحا أن عدد منصات الحفر هذا الأسبوع جاء أقل بـ457 منصة من عدد منصات الحفر في بداية عام 2019 قبل الوباء.
وأشار إلى انخفاض عدد منصات النفط بواقع ثمان إلى 496، بانخفاض 125 حتى الآن في عام 2023 وهو أدنى مستوى منذ يناير 2022 وارتفع عدد منصات الغاز بواقع منصة هذا الأسبوع إلى 118، بخسارة 38 منصة للغاز النشط منذ بداية العام، بينما بقيت الحفارات المتنوعة على حالها. ونوه بانخفاض عدد منصات الحفر في حوض بيرميان بمقدار ثلاث منصات هذا الأسبوع وهو الآن أقل بمقدار 36 منصة من الوقت نفسه من العام الماضي، في حين بقي عدد منصات الحفر في “إيجل” كما هو، وهو أقل بـ19 منصة مقارنة بهذا الوقت من العام الماضي.

شاركها.
Exit mobile version