استمرت تقلبات أسعار النفط الخام، إذ تزن الأسواق حاليا المخاوف الاقتصادية واسعة النطاق في ضوء قضايا العرض والطلب المرتبطة بالطقس في الولايات المتحدة واستمرار التوترات في الشرق الأوسط.
وقالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية إن الطلب على النفط سيستمر في النمو عامي 2024 و2025، لكن النمو سيكون أبطأ مما كان عليه في 2023، ومن المتوقع أيضا أن يتباطأ نمو العرض، مقارنة بالعام الماضي، لكن السوق ستظل متوازنة إلى حد ما على المدى القصير إلى المدى المتوسط.
ورجح محللون نفطيون أن تظل أسعار النفط حول مستوياتها الحالية هذا العام، لافتين إلى امتلاك منتجي أعضاء “أوبك+” ما يكفي من القدرة الاحتياطية لمواجهة الضيق الشديد في السوق واضطرابات تدفقات النفط، التي قد تنجم عن المخاطر الجيوسياسية في الشرق الأوسط.
وذكروا أن مجموعة “أوبك+” كانت تمتلك في نوفمبر الماضي 5.1 مليون برميل يوميا من الطاقة الإنتاجية الفائضة للنفط، أو نحو 5 في المائة من الطلب العالمي، مشيرين إلى أن النمو الاقتصادي والطلب على النفط في الاقتصادات الكبرى بما في ذلك أمريكا والصين سيؤثران أيضا في الاتجاه في أسعار النفط مع زيادة أو نقصان الولايات المتحدة، كما أن تخفيضات أسعار الفائدة عام 2024 عما هو متوقع حاليا يمكن أن تؤدي إلى زيادة الاستهلاك ودفع معنويات السوق صعودا.
وأكد المحللون لـ «الاقتصادية»، أنه دون تصعيد جيوسياسي كبير في الشرق الأوسط من المرجح أن تظل أسعار النفط حول المستويات الحالية هذا العام بسبب الطاقة الفائضة المريحة لدى منتجي “أوبك+” وتوقعات العرض والطلب المتوازنة إلى حد كبير.
وأشاروا إلى أن سوق النفط تواصل ترقب التطورات في الشرق الأوسط واحتمال حدوث انقطاع كبير في إمدادات النفط من أهم منطقة منتجة ومصدرة للنفط، متوقعين أن يتدفق مزيد من النفط الخام الفنزويلي إلى الهند في عام 2024، حيث بدأت مصافي التكرير الهندية المملوكة للدولة مفاوضات لشراء كميات كبيرة من الخام الفنزويلي في الأشهر المقبلة لتنضم إلى مصافي التكرير الخاصة في البلاد التي اشترت بالفعل شحنات متعددة منذ رفع العقوبات في أكتوبر 2023.
وفي هذا الإطار، قال سيفين شيميل، مدير شركة “في جي إندستري” الألمانية، إن الربع الأول من العام يشهد غالبا فترة ضعف موسمي للطلب بسبب أعمال الصيانة، لكن صورة العرض والطلب على النفط تبدو متوازنة إلى حد ما أو تشهد فائضا طفيفا هذا الربع.
وأشار إلى أن توقعات ارتفاع الطلب في الربعين الثاني والثالث من شأنها أن تشدد السوق، وربما تدفع الأسعار إلى الارتفاع، لكن اليقين يغيب عن الأسواق وسيعتمد الكثير على سياسات العرض الخاصة بـ”أوبك+” في الشهور المقبلة، خاصة الاجتماع المرتقب للجنة المراقبة للإنتاج مطلع فبراير المقبل.
من جانبه، ذكر روبين نوبل، مدير شركة “أوكسيرا” الدولية للاستشارات، أن تحالف “أوبك+” يكثف جهوده لاستعادة التوازن بين العرض والطلب بشكل مستدام وفي هذا الإطار أعلن تخفيضات إضافية في الإنتاج للربع الأول من عام 2024، وإذا قرر التحالف وقف أو تخفيف تلك التخفيضات أو جزء منها بعد مارس المقبل، فإن العرض سيكون أكثر من كاف لتلبية نمو الطلب.
وأفاد بأن إمدادات النفط من خارج تحالف “أوبك+” مرشحة للنمو بقوة في العام الجاري، حيث من المتوقع ضخ مزيد من الزيادات الإنتاجية، ما يكبح فرص حدوث مكاسب سعرية قياسية جديدة. من ناحيته، قال ماركوس كروج، كبير محللي شركة “أيه كنترول”، لأبحاث النفط والغاز، إن وضع تجارة النفط الدولية جيد نسبيا على الرغم من كل المخاطر الراهنة في الشرق الأوسط، مشيرا إلى تأكيد بنك جولدمان ساكس أنه من غير المرجح أن يحدث انقطاع كبير في تدفقات النفط في مضيق هرمز، حيث يمر 20 في المائة من إمدادات النفط العالمية اليومية في الوقت الحالي.
وأضاف أن خطر حدوث انقطاع كبير في تدفقات النفط من الشرق الأوسط منخفض، لكن الأمر يستحق بالتأكيد مراقبته نظرا للتأثير المحتمل الذي يمكن أن يحدثه على إمدادات النفط وأسعاره. بدورها، ذكرت جولميرا رازيفا، كبير محللي المركز الاستراتيجي للطاقة في أذربيجان، أن القدرة الفائضة لدى “أوبك+” أعلى بكثير مما كانت عليه في نهاية 2022، وتمنح السوق بعض الراحة من أنه إذا لزم الأمر يمكن لـ”أوبك+” زيادة العرض، مبينة أنه في العام الماضي بلغ متوسط أسعار خام برنت 83 دولارا للبرميل، مقارنة بمتوسط سعر 101 دولارا للبرميل في عام 2022، بفارق 19 دولارا للبرميل.
وأفادت بأن إدارة معلومات الطاقة تتوقع أن يبلغ متوسط سعر خام برنت 82 دولارا للبرميل في 2024، وهو السعر نفسه تقريبا في 2023، ثم ينخفض إلى 79 دولارا للبرميل في 2025، حيث قد يتجاوز نمو الإنتاج نمو الطلب قليلا، ما يسمح للمخزونات بالتراكم بشكل متواضع ويضع بعض الضغط النزولي على أسعار النفط الخام.
وفيما يخص الأسعار، ارتفع النفط قليلا أمس، في ظل تصاعد الصراع في الشرق الأوسط وإظهار بيانات تتبع السفن أن مزيدا من الناقلات حولت مسارها بعيدا عن البحر الأحمر.
وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 12 سنتا أو نحو 0.2 في المائة إلى 78.27 دولار للبرميل خلال التعاملات أمس. وأغلق الخام منخفضا 14 سنتا الإثنين.
وانخفض خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 17 سنتا أو 0.2 في المائة إلى 72.52 دولار للبرميل بعد عطلة عامة في الولايات المتحدة الإثنين.
واتجه مزيد من ناقلات النفط بعيدا عن جنوب البحر الأحمر، الإثنين، بسبب الاضطرابات، ما أدى إلى زيادة تكلفة الشحن والوقت الذي يستغرقه نقل النفط من مكان إلى آخر.
وارتفعت أسعار النفط 2 في المائة الأسبوع الماضي بسبب الصراع في المنطقة، لكن عدم وجود تأثير مباشر على إنتاج النفط قد يحد من المكاسب، وفقا لمحللين. قال محللو “أيه إن زد”: “لقد أثرت المخاوف من ضعف النمو الاقتصادي بالمعنويات في جميع السلع الأساسية، وجاء ذلك على الرغم من تصاعد التوترات في البحر الأحمر”.
قال ليون لي، المحلل في “سي إم سي ماركيتس” “في الوقت الحاضر، تعد معنويات الانتظار والترقب في سوق النفط ثقيلة نسبيا، مع تصاعد الصراعات الجيوسياسية التي يقابلها تراكم المخزون في الولايات المتحدة”.
وقال المحللون، إن الطقس شديد البرودة في الولايات المتحدة، الذي قد يحد من إنتاج النفط، ويؤثر أيضا في عمليات المصافي الكبرى، كان موضع التركيز أيضا.
لقد انخفض إنتاج النفط في ولاية داكوتا الشمالية بمقدار 400 ألف إلى 425 ألف برميل يوميا، بسبب البرد الشديد والمشكلات التشغيلية ذات الصلة.
من جانب آخر، تراجع سلة خام “أوبك” وسجل سعرها 79.17 دولارا للبرميل الإثنين 80.18 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وذكر التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” أن سعر السلة، التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء بالمنظمة حقق أول انخفاض عقب ارتفاعات سابقة، وأن السلة كسبت نحو دولار واحد، مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 78.26 دولار للبرميل.
محللون: «أوبك+» لديها القدرة الاحتياطية الكافية لمواجهة اضطرابات تدفقات النفط
مقالات ذات صلة
مال وأعمال
مواضيع هامة
النشرة البريدية
اشترك معنا في خدمة النشرة البريدية ليصلك اخر الاخبار المحلية والعالمية مباشرة الى بريدك الإلكتروني.
2024 © أيام جدة. جميع حقوق النشر محفوظة.