تلقت أسعار النفط الخام دعما من تركيز المستثمرين على التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، إضافة إلى التفاؤل بأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي “البنك المركزي الأمريكي” سيبدأ قريبا خفض أسعار الفائدة، ما يعزز النمو الاقتصادي العالمي ويغذي الطلب.
وقال لـ”الاقتصادية” محللون نفطيون، إن النفط يعد مادة خاما لا يمكن للعالم الاستغناء عنه، وإن الطلب على النفط سيظل قويا، مشيرين إلى أن تطور بيانات العرض والطلب يحدد كيفية تطور سعر النفط الخام.
وذكر المحللون أن منذ انخفاض أسعار النفط عام 2016، تسعى منظمة أوبك إلى دعم أسعار النفط، حيث تم ذلك من خلال الاتفاق على قيود الإنتاج مع دول الأعضاء في “أوبك+”.
وأكدوا أن بعض التقارير الدولية ترى أن تحديات السوق النفطية في العام المقبل ستكون واسعة وتشمل الركود الوشيك والتباطؤ العميق في الاقتصادات الكبرى في العالم، والطلب على الخام سيكون أقل من المتوقع من الصين.
وأوضح المحللون أن أسواق النفط في 2023 اتسمت بخصائص معينة أهمها كان تخفيضات الإنتاج المطولة من قبل تحالف “أوبك+” الذي يضخ 40 في المائة من إمدادات النفط العالمية.
وفي هذا الإطار، قال سيفين شيميل مدير شركة “في جي إندستري” الألمانية: إن أسعار النفط الخام ستتلقى مزيدا من الزخم بفعل تخفيضات الإنتاج الطوعية من جانب السعودية التي تبلغ مليون برميل يوميا وتهدف إلى دعم استقرار ونمو وتوازن الأسواق، مبينا إنه في نوفمبر الماضي وافقت “أوبك+” على تمديد التخفيضات إلى الربع الأول من عام 2024 وربما يمتد التخفيض فترات أطول.
وتوقع أن يؤدي الانتعاش الاقتصادي في الصين إلى ارتفاع مستدام وكبير في أسعار النفط ويعوض تسجيل الدول الأوروبية تباطؤا اقتصاديا مع انخفاض الطلب على النفط في ألمانيا بمقدار 90 ألف برميل يوميا في 2023، موضحا أنه علاوة على ذلك انخفض نشاط التصنيع في الولايات المتحدة لمدة 13 شهرا متتاليا.
من جانبه، رجح روبين نوبل مدير شركة “أوكسيرا” الدولية للاستشارات، أن يشهد العام المقبل وفرة في العرض بسبب تباطؤ النشاط الاقتصادي جنبا إلى جنب مع ارتفاع الإنتاج من الولايات المتحدة الذي وصل أخيرا إلى أعلى مستوياته عند 13.24 مليون برميل يوميا، إضافة إلى زيادة الإنتاج أيضا في البرازيل وجيانا والنرويج وكندا.
وأوضح أن بدون أخطار جيوسياسية كبيرة وطارئة ودون انقطاعات مفاجئة في الإمدادات النفطية سيكون من المستبعد بلوغ أسعار النفط الخام مستوى 100 دولار للبرميل عام 2024، حيث توقعت عديد من البنوك الاستثمارية مستويات أسعار أقل للنفط خاصة في الربع الأول من العام الجديد.
من ناحيته، أكد بيتر باخر المحلل الاقتصادي ومختص الشؤون القانونية للطاقة، وجود تباين في وجهات النظر بشأن توقعات الطلب في العام الجديد وهذا أمر طبيعي.وأشار إلى توقعات بارتفاع الطلب العالمي على النفط في العام المقبل، حيث إن استهلاك العالم من النفط سيزيد بمقدار 1.1 مليون برميل يوميا عام 2024 وسيسهم الإنتاج الملحوظ من المنتجين من خارج “أوبك” أيضا بمقدار 1.2 مليون برميل يوميا في العرض العالمي بينما في المقابل رصدت “أوبك” ارتفاعا في الطلب قدره 2.25 مليون برميل يوميا.
بدورها، قالت مواهي كواسي العضو المنتدب لشركة “أجركرافت” الدولية: إن الاتجاه الأكثر أهمية الذي يجب اتباعه من أجل الحصول على فهم أفضل لتوقعات أسعار النفط لعام 2024 هو حالة الاقتصاد العالمي، حيث إن الطلب على النفط مرادف للنشاط الاقتصادي، مبينة أن عندما خفضت “أوبك+” إنتاجها كانت صاحبة رؤية مستقبلية ثاقبة بما يكفي لتوقع التباطؤ الوشيك في الاقتصاد العالمي.
وأشارت إلى أن مع بدء عام 2024 لا تبدو المؤشرات الاقتصادية العالمية قوية للغاية ولا يزال احتمال حدوث ركود قائما ولذلك سيكون لأسعار النفط عام 2024 احتمالية هبوطية أكبر من الاتجاه الصعودي رغم استمرار تشديد المعروض النفطي من جانب كبار المنتجين في تحالف “أوبك+”.
وفيما يخص الأسعار، لم يشهد النفط تغيرا يذكر أمس مع تركيز المستثمرين على التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط والتفاؤل بالبدء قريبا في خفض أسعار الفائدة، ما يسهم في تعزيز النمو الاقتصادي العالمي والطلب على الوقود.
وقال ليون لي المحلل في سي.إم.سي ماركت، إنه في حين أدت الآمال بخفض أسعار الفائدة والتوترات في البحر الأحمر إلى انتعاش أسعار النفط الخام، فإن إعلان ميرسك إعادة تشغيل طرق الشحن عبر الممر المائي خفف المخاوف بشأن الإمدادات إلى حد ما. وبحسب “رويترز، ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت عشرة سنتات أو 0.1 في المائة إلى 79.17 دولار للبرميل خلال التعاملات أمس، في حين تراجع سعر خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 25 سنتا أو 0.3 في المائة إلى 73.31 دولار للبرميل. وحجم التعاملات ضعيف، نظرا لأن بعض الأسواق لا تزال مغلقة بمناسبة عطلة. وحقق كلا الخامين مكاسب بنحو 3 في المائة الأسبوع الماضي.
وتلقت أسعار النفط دعما من توقعات بأن المركزي الأمريكي سيخفض أسعار الفائدة العام المقبل بعد أن أظهرت البيانات الأمريكية الصادرة يوم الجمعة، من خلال بعض المؤشرات الرئيسة، فإن التضخم الآن عند أو أقل من هدف البنك المركزي البالغ 2 في المائة.
ويؤدي انخفاض أسعار الفائدة إلى خفض تكاليف الاقتراض الاستهلاكي، الأمر الذي يمكن أن يعزز النمو الاقتصادي والطلب على النفط.

شاركها.
Exit mobile version