استمرت تقلبات أسعار النفط الخام مع اتساع في الضغوط الهبوطية وسط مؤشرات بزيادة الإمدادات النفطية سواء من خارج “أوبك +” أو من دول التحالف المعفاة من قيود خفض الإنتاج، إضافة إلى تنامي مخاوف من ركود اقتصادي قد يحد من الطلب العالمي.
وتتلقى الأسعار دعما من اتجاه إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لإعادة ملء مخزون الاحتياطي الاستراتيجي من النفط بعد نضوب نسبي، بينما تترقب السوق تخفيضات العرض الطوعية بقيادة كبار المنتجين في تحالف “أوبك +”.
وذكرت مجموعة “رابيدان” أن الحديث عن بلوغ ذروة الطلب على النفط في هذا العقد هو مجرد وهم لدى البعض، وأن عدم وصول الطلب على النفط إلى ذروته بحلول 2030 سيكون المفاجأة الكبرى لسوق النفط، كما أن “أوبك +” ستنجح في إدارة السوق في كل الظروف مهما كانت صعوبتها.
وعد محللون نفطيون اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة هو الحدث الرئيس التالي، وستقوم الأسواق بفحص توقعات النمو الخاصة ببنك الاحتياطي الفيدرالي، كما يستمر تباطؤ النمو العالمي في جذب اتجاه أسعار النفط نحو الانخفاض، وقد يؤدي تأكيد تباطؤ النمو إلى مزيد من عمليات بيع خام غرب تكساس الوسيط.
وذكروا في تصريحات لـ”الاقتصادية” أن هناك وجهات نظر متناقضة تجاه معنويات السوق الأمريكية، لافتين إلى حقيقة أن المتداولين يتداولون على المدى الطويل، ما يشير إلى أن أسعار النفط الخام الأمريكي قد تستمر في الانخفاض.
وفي هذا الإطار، يقول مارتن جراف مدير شركة إنرجي شتايرمارك النمساوية للطاقة “إن آفاق الطلب على النفط جيدة ومبشرة رغم من بعض التقييمات السلبية لبعض المؤسسات الدولية”، موضحا أنه رغم أن الطلب الصيني على النفط حطم الأرقام القياسية خلال هذا العام على الأقل استنادا إلى واردات النفط الخام، إلا أن بعض التجار ظلوا غير مقتنعين بأن وتيرة النمو ستظل دون تغيير.
وأشار إلى أن أحد أسباب انخفاض أسعار النفط في الربع الثالث كان هو انخفاض واردات النفط الخام الصينية، لافتا إلى أن السوق تترقب تأثيرات أكبر من تخفيضات “أوبك +” بعد تمديدها إلى نهاية الربع الأول من العام الجديد، مع عدم استبعاد إمكانية تمديدها مرة أخرى لفترات أطول.
ويرى، سلطان كورالي المحلل الألباني ومختص شؤون الطاقة والمصارف أن التجار كانوا يتوقعون تخفيضات أكبر في إنتاج النفط من جانب “أوبك +”، وعندما جاءت الأخبار عن ارتفاع قياسي في إنتاج النفط في الولايات المتحدة عوض ذلك بالفعل التخفيضات الإنتاجية المعلن عنها من جانب التحالف ولذا انخفضت الأسعار.
ونوه بأن الاتجاه الهبوطي غالب حاليا على السوق لكن التوقعات الصعودية ما زالت باقية، مشيرا إلى أنه حتى نوفمبر الماضي كان عديد من المحللين متفائلين بشأن أسعار النفط، وعلى سبيل المثال توقع بنك جيه بي مورجان أن النفط كان على وشك الدخول في دورة فائقة وأن الأسعار كان يمكن أن تتحرك فوق 100 دولار للبرميل، عادا مصادر العرض من خارج أوبك وصلت إلى حدودها القصوى، ما يلقي العبء على تحالف “أوبك +” لتلبية الطلب المتزايد، وقد تستنفد طاقته الفائضة.
من جانبه، يقول جوران جيراس مساعد مدير بنك “زد أيه إف” في كرواتيا “إن تقارير دولية ترى أن سوق النفط ستظل على الأرجح غير قابلة للتنبؤ بها على نحو غير عادي”، مشيرا إلى إعلان “أوبك +” تمديد تخفيضات إضافية في الإنتاج بينما ارتفع الإنتاج في الولايات المتحدة وبلغ 13.2 مليون برميل وهو على وشك أن يصل إلى 13.3 مليون برميل يوميا.
وذكر أن إدارة المعروض النفطي في الظروف الراهنة ليست مهمة سهلة، ما يوضح حجم الأعباء المفروضة على تحالف “أوبك +”، مشيرا إلى تأكيد مجموعة رابيدان أن منتجي “أوبك +” بحاجة إلى خطة طويلة المدى لإدارة الإمدادات النفطية بما يدعم استقرار وتوازن السوق.
وتتفق ليندا تسيلينا مدير المركز المالي العالمي المستدام مع أن ارتفاع إمدادات النفط من الولايات المتحدة والبرازيل وجيانا بوتيرة أسرع بكثير مما كان متوقعا في البداية أربك حسابات المنتجين والتجار والمحللين، حيث تراجعت المخاوف من شح المعروض وتحول التركيز مجددا إلى بيانات الطلب والأنشطة الصناعية والتجارية في الاقتصادات الكبرى، خاصة الولايات المتحدة والصين والهند. ورجحت أن تواصل مجموعة “أوبك +” إدارة إمداداتها إلى السوق بعناية فائقة على مدى الأعوام الخمسة المقبلة.
من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار، انخفضت أسعار النفط نحو 1 في المائة خلال تعاملات الأربعاء 13 ديسمبر 2023، لتواصل نزيف الخسائر للجلسة الثانية على التوالي، وسط مؤشرات بزيادة الإمدادات، ومخاوف من ركود اقتصادي قد يحد من الطلب.
وخفضت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية توقعات الطلب العالمي على النفط في 2024، في حين أظهرت بيانات مكتب إحصاءات العمل في أمريكا ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين 0.1 في المائة خلال الشهر الماضي، بعد أن ظل مستقرا في أكتوبر السابق، على عكس توقعات المحللين المرجحين بقاء المؤشر دون تغير خلال نوفمبر.
وانخفضت العقود الآجلة لخام برنت القياسي، تسليم فبراير 2024، بنسبة 0.90 في المائة، لتصل إلى 72.58 دولار للبرميل.
في الوقت نفسه، تراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي، تسليم يناير 2024، بنسبة 0.86 في المائة، لتصل إلى 68.02 دولار للبرميل.
وخفضت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية توقعات أسعار النفط في 2024، حتى مع التخفيضات الطوعية من جانب دول تحالف “أوبك +”، كما قلصت تقديراتها لإنتاج الخام في الولايات المتحدة.
ومن المتوقع أن يسجل متوسط سعر خام غرب تكساس الوسيط 78.07 دولار للبرميل خلال 2024، بانخفاض 12.5 في المائة عن تقديرات نوفمبر 2023، البالغة 89.24 دولار للبرميل.
كما خفضت إدارة معلومات الطاقة تقديراتها لمتوسط سعر خام برنت بنسبة 11.4 في المائة، ليصل إلى 82.57 دولار للبرميل خلال 2024، بحسب تقرير آفاق الطاقة قصيرة الأجل لشهر ديسمبر، الصادر يوم الثلاثاء 12 ديسمبر.
من جانب آخر، تراجعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 77.06 دولار للبرميل الثلاثاء، و77.47 دولار للبرميل في اليوم السابق.

شاركها.
Exit mobile version