تلقت أسعار النفط الخام دعما من استمرار تراجع قيمة الدولار، وتوقعات بالتوافق على زيادة خفض إنتاج النفط من جانب تحالف دول “أوبك +” خلال الاجتماع الوزاري الافتراضي غدا.
وتشير التقارير الدولية إلى احتمال إجراء تخفيضات أكثر قوة في الإمدادات نظرا لضعف أسعار النفط، حيث يتعين على “أوبك” أن تتغلب على التأثير السلبي لتباطؤ النمو العالمي ولا سيما التوقعات بانخفاض الطلب في المستقبل وزيادة العرض من خارج “أوبك” (الولايات المتحدة)، ما يؤثر في أسعار النفط.
وقال محللون نفطيون لـ”الاقتصادية”، “أوبك +” قادرة على علاج أي اختلاف حول مستويات الإنتاج التي تمت مناقشتها بالنسبة للدول التي كثيرا ما تعثرت في تحقيق حصص الإنتاج الحالية، مثل أنجولا ونيجيريا.
وأوضحوا أن هناك صعوبات تواجه الدول الإفريقية في تحقيق أهداف إنتاجها بسبب نقص الاستثمار في البنية التحتية وتحديات القدرات، مشيرين إلى أن وزراء الطاقة في “أوبك +” سيبحثون في اجتماعهم غدا خيار تمديد تخفيضات الإمدادات حتى 2024.
وفي هذا الإطار، قال لـ”الاقتصادية” سيفين شيميل مدير شركة “في جي آندستري” الألمانية، إن التقلبات السعرية مستمرة قبل اجتماع “أوبك +”، حيث إن هناك مؤشرات على أن إمدادات النفط تتقدم على الطلب، ما يسلط الضوء على التحدي الشائك الذي يواجه سوق النفط في الوقت الذي يستعد فيه التحالف في وضع سياسة الإنتاج لـ2024.
ونوه إلى انخفاض العقود الآجلة للنفط الخام بشكل كبير عن أعلى مستوياتها في سبتمبر الماضي، ما يشير إلى وفرة العرض في حين تراجعت أسعار النفط الأمريكي وقفزت المخزونات. من جانبه، يقول روبين نوبل مدير شركة “أوكسيرا” الدولية للاستشارات أن أسعار البنزين في طريقها للانخفاض بتأثير مباشر وقوي من انخفاض أسعار النفط، لافتا إلى أن السعر الأساسي للنفط هو العامل الأكبر الذي يحرك أسعار البنزين وهناك عامل موسمي، حيث تنخفض أسعار البنزين كل عام تقريبا بين أغسطس ونوفمبر.
وذكر أن العامل الرئيس هو أن هذا التحول الموسمي يحدث بعد موسم القيادة الصيفي المرتفع الطلب، ما يؤدي إلى مواءمة زيادة الإمدادات وانخفاض تكاليف الإنتاج مع انخفاض الطلب، حيث يؤدي هذا الالتقاء دائما تقريبا إلى انخفاض أسعار البنزين خلال فصل الخريف ما يفيد المستهلكين.
بدوره، يقول ماركوس كروج كبير محللي شركة أيه كنترول لأبحاث النفط والغاز إن أسعار النفط الخام استمرت في التقلب مع ميل إلى تراجع في وقت سابق بما يصل إلى 2 في المائة بفعل بيانات أظهرت ارتفاع أرباح الشركات الصناعية الصينية بوتيرة أبطأ بكثير في أكتوبر الماضي، ما يسلط الضوء على الأخطار التي تهدد النمو في أكبر مستورد للخام في العالم.
وأضاف أنه من ناحية العرض تسببت عاصفة البحر الأسود في انقطاع الإمدادات عن نصف مليون شخص في شبه جزيرة القرم، وتسببت في احتجاز شحنات النفط الخام، كما شهدت كازاخستان – التي تعتمد في الجزء الأكبر من صادراتها من النفط الخام المنقولة بحرا- انخفاضا في إنتاج النفط بنسبة 15 في المائة -وفقا لوزارة الطاقة في البلاد-.
من جهتها، تقول جولميرا رازيفا كبير محللي المركز الاستراتيجي للطاقة في أذربيجان، إن أسعار النفط في حالة ترقب المستثمرين لاحتمالات قيام “أوبك” وحلفائها بتعميق تخفيضات الإنتاج في اجتماع الغد، لافتة إلى الدور البارز والمحوري للسعودية في حث المنتجين الآخرين في تحالف “أوبك +” على خفض حصصهم من إنتاج النفط.
وأشارت إلى قيام صناديق التحوط والمتداولين بتخفيض موقفهم الصعودي بشأن النفط بشكل كبير قبل اجتماع “أوبك +”، حيث تم تخفيض الرهانات الصعودية مع خفض صافي مراكز الشراء، لافتة إلى توقعات مجموعة أوراسيا بإجراء تخفيضات إضافية تصل إلى مليون برميل يوميا، إضافة إلى التخفيضات الطوعية بالحجم نفسه.
وفيما يخص الأسعار، ارتفعت أسعار النفط أمس، بدعم من احتمال تمديد “أوبك +” خفض الإمدادات أو تعزيزه مع تقليص قازاخستان إنتاجها بسبب عاصفة، ما صعد بسعر خام برنت القياسي فوق 80 دولارا للبرميل.
وبحلول الساعة 11:31 بتوقيت جرينتش، ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 79 سنتا، أي 0.7 في المائة إلى 80.77 دولار للبرميل، أما العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي فارتفعت 76 سنتا، أي 1 في المائة إلى 75.62 دولار للبرميل.
وقال تاماس فارجا من شركة بي.في.إم للوساطة في النفط، في إشارة إلى اجتماع “أوبك +” “ما لم تحدث أي مفاجأة، يرجح أن ينظر إلى الانخفاض في الآونة الأخيرة في الأسعار بوصفه فرصة شراء، خاصة إذا تم الاتفاق على مزيد من الخفض”.
من جانب آخر، تراجعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 82.75 دولار للبرميل الإثنين مقابل 84.16 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق أول تراجع عقب ارتفاع سابق، وإن السلة خسرت نحو دولارين مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 84.44 دولار للبرميل.
