تخلت أسعار النفط عن مكاسب حققتها في وقت سابق أمس، خلال ساعات التداول الأمريكية، إذ طغت المواجهة السياسية بشأن سقف الدين الأمريكي على اجتماع وزراء مالية دول مجموعة السبع، ما أثار القلق بشأن ركود محتمل في الولايات المتحدة الأمريكية.

ويقول لـ”الاقتصادية” محللون نفطيون “إنه من الصعب تفسير الاتجاه الهبوطي في الوقت الحالي، حيث تشير الأساسيات إلى أن أسواق النفط ستضيق بشكل كبير خلال بقية العام”، مشيرين إلى أن النشاط الصناعي العالمي لا يزال صامتا.

وفي هذا الإطار، يقول مفيد ماندرا نائب رئيس شركة “إل إم إف” النمساوية للطاقة “رغم التقلبات السعرية إلا أن الطلب العالمي على النفط الخام يتجه إلى التعافي مع الاقتراب من موسم القيادة الصيفي، حيث تراجعت مخزونات الخام إلى ما دون متوسط خمسة أعوام للمرة الأولى هذا العام”.

ونقل عن بنك ستاندرد تشارتريد تأكيده أن تخفيضات “أوبك+” ستقضي في النهاية على الفائض الذي تراكم في أسواق النفط العالمية خلال الشهرين الماضيين وستعيد التوازن إلى الأسواق، منوها بأن فائضا نفطيا كبيرا كان قد بدأ في النمو في أواخر 2022 وانتشر في الربع الأول من العام الحالي.

من جانبه، يقول أندرو موريس مدير شركة “بويري” الدولية للاستشارات “إن عدم اليقين يسيطر على سوق النفط الخام، حيث إنه بعد شهر من مفاجأة مجموعة “أوبك+” السوق بتخفيضات إضافية يظل مديرو الأموال حذرين للغاية لاتخاذ موقف صعودي في النفط”.

وتلاشت تأثيرات خفض الإنتاج في السوق بعد تجدد المخاوف بشأن خلفية الاقتصاد الكلي مع توقع حدوث ركود يلوح في الأفق، فيما قام مديرو الأموال بقطع مراكزهم الطويلة وإضافة صفقات قصيرة وبالتالي خفضوا صافي الرهانات الصعودية في كل من عقود خام برنت والخام الأمريكي، بحسب موريس.

أما أندريه جروسي مدير شركة “إم إم أيه سي” الألمانية فيرى أن قطاع النقل يقود الطلب العالمي على النفط الخام خاصة في موسم القيادة الصيفي، مشيرا إلى أن قطاع النقل مسؤول حاليا عما يقرب من 60 في المائة من الطلب العالمي على النفط.

ولفت إلى تقارير دولية ترى أن المركبات الكهربائية تعمل حاليا على إزاحة 1.5 مليون برميل فقط من الطلب على النفط يوميا وهو أمر محدود للغاية وقد لا يزيد على 1 في المائة من الطلب العالمي على النفط الخام مع قناعة عديد من كبار الخبراء بأن استهلاك النفط سيستمر في قيادة مزيج الطاقة العالمي وسينمو حتى 2050.

بدورها، تقول ويني أكيللو المحللة الأمريكية في شركة أفريكان إنرجي الدولية “إن الانتعاش الاقتصادي في الصين محل شكوك وبيانات متضاربة عن وتيرة التعافي وإن الاستهلاك والخدمات يتعافيان بقوة بينما النشاط الصناعي لا يزال صامتا حيث تؤكد البيانات انخفاض نمو الصادرات الصينية من 14.8 في المائة في مارس إلى 8.5 في المائة في أبريل”.

ولفتت إلى أنه بدءا من الشهر الجاري انخفض إنتاج “أوبك+” أكثر بعد أن قدمت عدة دول أخرى تخفيضات طوعية إضافية في الإنتاج وهو ما قلص المعروض ودعم الأسعار لفترة وجيزة، في وقت أصبح فيه الإنتاج الروسي تحت المجهر بسبب العقوبات الغربية حيث ظل ثابتا عند 9.60 مليون برميل في اليوم رغم تعهد الحكومة الروسية بخفض طوعي قدره 500 ألف برميل في اليوم عن مستويات فبراير الماضي.

من ناحية أخرى، تخلت أسعار النفط عن مكاسب حققتها في وقت سابق أمس، خلال ساعات التداول الأمريكية إذ طغت المواجهة السياسية بشأن سقف الدين الأمريكي على اجتماع وزراء مالية دول مجموعة السبع، ما أثار القلق بشأن ركود محتمل في أكبر مستهلك للنفط في العالم.

وبحلول الساعة 12:00 بتوقيت جرينتش، هبطت العقود الآجلة لخام برنت 27 سنتا، أو 0.4 في المائة إلى 76.14 دولار للبرميل. كما انخفضت العقود الآجلة للخام الأمريكي 29 سنتا أو 0.4 في المائة أيضا إلى 72.27 دولار للبرميل.

ورفع بنك إنجلترا سعر الفائدة الأساس بمقدار ربع نقطة مئوية، ما يزيد تكاليف الاقتراض في بريطانيا إلى أعلى مستوياتها منذ 2008 مع رفع الفائدة للمرة الـ12 على التوالي إذ يسعى البنك للحد من أسرع تضخم تشهده دولة ضمن الاقتصادات الكبرى.

وأظهرت البيانات الأمريكية الأربعاء أن مؤشر أسعار المستهكين الذي يراقبه مجلس الاحتياطي الاتحادي “البنك المركزي الأمريكي” ارتفع بزيادة أقل قليلا من المتوقع، ما قد يمهد الطريق أمام المجلس لوقف زيادات أخرى في أسعار الفائدة الشهر المقبل. ويمكن أن تؤثر أسعار الفائدة المرتفعة على الطلب في النفط.

وأظهرت بيانات حكومية تراجع مخزونات البنزين والديزل الأمريكية، ما يعكس زيادة الطلب على وقود النقل، في حين ارتفعت مخزونات النفط الخام بشكل غير متوقع على خلفية الإفراج عن الاحتياطيات الوطنية وانخفاض الصادرات.

وكانت أسعار النفط الخام قد أنهت تعاملاتها الأربعاء 10 مايو، على تراجع بعد ثلاث جلسات من المكاسب، مع صدور بيانات المخزونات الأمريكية.

وأدى انخفاض حاد أكبر من المتوقع في مخزونات البنزين في الولايات المتحدة إلى ارتفاع أسعار النفط الخام، ما يبين الطلب القوي على وقود النقل في الولايات المتحدة.

من جانب آخر، ارتفعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 76.60 دولار للبرميل الأربعاء مقابل 76.31 دولار للبرميل في اليوم السابق.

وقال اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول أوبك الخميس “إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما إنتاج الدول الأعضاء حقق أول ارتفاع عقب انخفاض سابق، وإن السلة كسبت نحو ثلاثة دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 73.78 دولار للبرميل”.

شاركها.
Exit mobile version