أدى استمرار التوتر في منطقة الشرق الأوسط، إضافة إلى البيانات الضعيفة من الولايات المتحدة، إلى سيطرة التقلبات السعرية على تعاملات السوق النفطية.
واهتم المتعاملون في السوق بإعلان وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان، أن تخفيضات إنتاج “أوبك +” قد تمتد إلى ما بعد مارس 2024. ويترقب التجار صدور مجموعة كبيرة من البيانات خاصة من الولايات المتحدة، التي قد تشكل مؤشرا على اتجاهات الطلب وأسعار النفط، كما يراقب أيضا بعض البيانات الصينية متوسطة المستوى التي يمكن أن تعطي إشارة أخرى، فيما يتعلق بصحة الاقتصاد الصيني، إلى جانب إصدار مؤشر مديري المشتريات للخدمات الأمريكية.
وقال لـ”الاقتصادية” محللون نفطيون إن منتجي “أوبك +” يتطلعون إلى إبقاء الأسعار ضمن مستويات صحية معززة للاستثمار، كما يتطلع التحالف إلى إضافة مزيد من الدول الأعضاء، ما سيسمح لهم بدور بقدر أكبر من إدارة المعروض النفطي في المستقبل.
وعد المحللون أن الأوقات المقبلة مثيرة للاهتمام في الوقت الذي تتزايد فيه حالة عدم اليقين في الشرق الأوسط، لافتين إلى تأكيد وزارة الطاقة الأمريكية أن الولايات المتحدة تستغل انخفاض أسعار النفط، وتقوم بإعادة ملء الاحتياطي النفطي الاستراتيجي بقدر ما تستطيع.
وفي هذا الإطار، يقول سيفين شيميل، مدير شركة “في جي إندستري” الألمانية، إن توقعات زيادة المعروض النفطي، سواء من خارج “أوبك +” أو من داخل التحالف بعد تخفيف العقوبات على بعض المنتجين مثل فنزويلا، قد تكون مبالغا فيها إلى حد ما، مشيرا إلى أنه رغم التفاؤل بشأن رفع العقوبات عن النفط الفنزويلي، ظلت الصادرات دون تغيير تقريبا بسبب الافتقار إلى الصيانة والبنية التحتية في حقول النفط إلى جانب تأخيرات التحميل الطويلة الأمد، إضافة إلى بقاء بعض شركات الشحن مترددة في إرسال السفن إلى فنزويلا.
وأشار إلى أن السلطات الفنزويلية تجري حاليا مفاوضات مع عديد من الوسطاء في محاولة لزيادة صادراتها، حيث تبلغ المبيعات عبر الوسطاء حاليا نحو 57 في المائة من الإجمالي، بينما يؤكد تحالف “أوبك +”، أن أي تأثير مادي لرفع العقوبات سيستغرق بعض الوقت حتى يتم الشعور به كما من المحتمل أن يكون له تأثير غير مباشر في أسعار النفط.
من جانبه، يقول روبين نوبل، مدير شركة “أوكسيرا” الدولية للاستشارات، إن المخاطر الجيوسياسية لا تزال العنصر الأكثر والأوسع تأثيرا على سوق النفط الخام والمحرك الرئيس للأسعار، رغم قرارات “أوبك +” الأخيرة، مشيرا إلى أن تقارير دولية تنصح بمراقبة التطورات في الشرق الأوسط وطرق الشحن المحتملة التي تواجه تحديات مع استمرار احتدام الصراع. من جهته، ذكر ماركوس كروج، كبير محللي شركة “أيه كنترول” لأبحاث النفط والغاز، أن منظمة “أوبك” متفائلة بشأن نمو الطلب رغم توقع بعض التقارير التي تتوقع نموا اقتصاديا ضعيفا للعالم حتى 2030.
وأضاف أن مع مثل هذه التوقعات من السهل أن نفهم سبب تحول التجار إلى الاتجاه الهبوطي بعد انتهاء الصدمة الأولية للحرب الأخيرة في الشرق الأوسط، موضحا أن المنتجين الأمريكيين سجلوا رقما قياسيا آخر في الإنتاج هذا العام، رغم أن النمو كان أبطأ وأكثر اعتدالا مما كان عليه في أعوام النمو السابقة.
بدورها، تقول تيتي أولاور، مدير التسويق في شركة “سيتا” النيجيرية لتجارة النفط إن تخفيضات إنتاج “أوبك +” مهمة ومؤثرة وإن كانت طوعية، لافتة إلى الإعلان عن تخفيضات طوعية إضافية، ما يرفع إجمالي خفض إمدادات “أوبك +” إلى 2.2 مليون برميل يوميا للربع الأول من عام 2024، إضافة إلى خفض روسيا بمقدار 500 ألف برميل يوميا من خلال تخفيضات الصادرات بمقدار 300 ألف برميل يوميا من النفط الخام و200 ألف برميل يوميا من المنتجات النفطية المكررة.
وعدت أن قرار “أوبك +” بشأن الإمدادات من المرجح أن يمحو العجز المتوقع في أوائل العام المقبل، لكنه يثير التساؤلات حول الخطوات المقبلة، مشيرة إلى أنه من الطبيعي والصحي أن تحدث تباينات في وجهات النظر في تقييم القرارات الجديدة وتأثيرها الفعلي على السوق، ولكن التحالف متماسك وقوي وسيستمر في العمل الجماعي لمصلحة استقرار وتوازن السوق على نحو متزايد.
من ناحية أخرى، لم تشهد أسعار النفط تغيرا يذكر أمس مع استمرار التوتر في الشرق الأوسط وبيانات اقتصادية ضعيفة من الولايات المتحدة.
وانخفضت العقود الآجلة لخام برنت سنتا واحدا إلى 78.02 دولار للبرميل، في حين ارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي خمسة سنتات إلى 73.09 دولار للبرميل.
وذكرت تينا تينج المحللة في سي.إم.سي ماركتس، أن أسعار النفط انخفضت في جلسة التداول السابقة مع تأثير ارتفاع الدولار في أسعار السلع الأساسية عامة.
وعادة ما يجعل ارتفاع الدولار النفط أكثر تكلفة بالنسبة لحائزي العملات الأخرى، وهو ما قد يضعف الطلب على النفط.
وأظهرت بيانات أن طلبيات المصانع الأمريكية انخفضت بأكثر من توقعات المحللين في أكتوبر في تراجع هو الأعلى منذ أكثر من ثلاثة أعوام، ما ضغط على المعنويات في سوق النفط. وقال محللون إن ذلك عزز وجهة النظر القائلة إن أسعار الفائدة المرتفعة بدأت تحد من الإنفاق.
وفي سياق متصل، تراجعت سلة خام “أوبك” وسجل سعرها 79.69 دولار للبرميل الإثنين مقابل 82.59 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء بالمنظمة حقق ثاني تراجع على التوالي، وإن السلة خسرت نحو ثلاثة دولارات، مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 82.75 دولار للبرميل.
مقالات ذات صلة
مال وأعمال
مواضيع هامة
النشرة البريدية
اشترك معنا في خدمة النشرة البريدية ليصلك اخر الاخبار المحلية والعالمية مباشرة الى بريدك الإلكتروني.
2024 © أيام جدة. جميع حقوق النشر محفوظة.