قال الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزير الطاقة، إن التخفيضات الإنتاجية الطوعية للسعودية ستستمر حتى توفر الاستقرار في السوق مع حرص منتجي “أوبك+” على اتخاذ القرارات بالإجماع، والتنسيق مع الجانب الروسي الذي قرر تمديد التخفيضات الإنتاجية أيضا حتى نهاية العام.
وأوضح، في كلمته أمام الندوة الدولية الثامنة لمنظمة “أوبك” أمس، أن هناك عديدا من التحديات التي تواجه سوق النفط الخام في المرحلة الراهنة، مؤكدا استمرار التزام “أوبك” في معالجة التحديات بشفافية واسعة.
ولفت وزير الطاقة إلى أن السعودية لم تعد المنتج المرجح، كما كانت تسمى في الثمانينيات، بل “أوبك+” تلعب هذا الدور، لافتا إلى أن المملكة قدمت خفضا طوعيا للإنتاج لأن هناك حاجة إليه، وأن قرار روسيا كان طوعيا ولم يفرض عليهم.
وأوضح أن تحالف “أوبك+” مستمر في مراجعة تحديات السوق وتطوير العمل المشترك للمنتجين، مع حرص المنظمة على الاستجابة لكل تساؤلات السوق والعمل بشكل جماعي لمصلحة نجاح الاتفاق المشترك.
وأكد أن التعاون بين المملكة وروسيا في قطاع النفط لا يزال قويا في إطار تحالف “أوبك+” الذي سيفعل كل ما يلزم لدعم السوق، مضيفا أن التخفيضات المشتركة الجديدة في إنتاج النفط التي اتفقت عليها روسيا والسعودية هذا الأسبوع أثبتت مجددا خطأ المتشككين. وذكر الأمير عبدالعزيز بن سلمان، أن المضاربة تعرض السوق للخطر، وأضرت بالسوق في الأشهر الستة الماضية، مشيرا إلى الأداء السلبي للطلب الأمريكي ما يؤثر في السوق مع مؤشرات تضخم مرتفعة تجري السيطرة عليها من خلال البنوك المركزية.
وقال الأمير عبدالعزيز بن سلمان، “لدينا الأدوات التي تمكننا من التعامل مع مخاوف الركود وتوقعات التباطؤ الاقتصادي العالمي”، مشيرا إلى أن المنتجين لن يتركوا السوق في أوقات الأزمات وسيفعلون كل ما هو ضروري.
وأضاف أن “أوبك+”، تبحث عن وصفة صحيحة للتعامل مع وضع السوق الحالية وهي تعتمد على الشفافية، مبينا أنهم مستمرون في مواجهة التحديات التي تواجه أسواق الطاقة. وأشار خلال المنتدى، إلى أن أوجه القصور في بيانات الوكالة الدولية للطاقة تؤدي إلى اختلالات في السوق العالمية.
من جانبه، أكد سهيل المزروعي وزير الطاقة الإماراتي، أن تحالف “أوبك+” أكثر قوة ووحدة، وأن المنتجين يعملون بتنسيق مستمر ويعتمدون بشكل أساسي على الطلب الآسيوي القوي، مؤكدا تفاؤله بشأن المستقبل.
وأوضح أن التخفيضات الطوعية والاجتماعات الوزارية مهمة للغاية التي تقودها السعودية وتدعمها روسيا، مضيفا السعودية تتسم بالحكمة الشديدة في إدارة ملف الطاقة، وتتخذ الإجراءات المناسبة، وتحافظ على الاستمرارية والفاعلية.
وأكد في جلسة عن استقرار الأسواق عقدت على هامش الندوة الدولية الثامنة لـ”أوبك”، وأدارتها المحللة هليما كرافت، أن الطلب ينمو بنحو 2 في المائة، وهناك ضرورة لتوفير الموارد اللازمة للمضي في انتقال الطاقة، ولا سيما أن مساهمة الطاقة المتجددة في الإمارات ستصل إلى 32 في المائة بحلول 2030، لافتا إلى الاستعدادات الجيدة قبل مؤتمر المناخ هذا العام في الإمارات.
وأوضح أن الإمارات ستتحول إلى مصدر مهم للهيدروجين الأخضر بحلول 2050 كما سيتم استخدام الهيدروجين الأخضر كوقود في الصناعة على نطاق واسع في الأعوام المقبلة مشيرا إلى زيادة الاستثمارات في البنية التحتية اللازمة.
وأكد المشاركون أن عدم استقرار السوق ليس في مصلحة المنتجين أو المستهلكين، مشيرين إلى أن حالة عدم اليقين تسيطر بقوة على الأسواق، وتأثير تحالف “أوبك+” الإيجابي في توازن العرض والطلب، منوهين إلى التحديات الناجمة عن نقص الاستثمار، حيث تحتاج السوق إلى الاستثمار في عشرة ملايين برميل إضافية في العقد المقبل.
ولفتوا إلى أن السوق التي لا تتم السيطرة عليها لا يمكن التنبؤ بتطوراتها، من هنا تتضح أهمية دور تحالف “أوبك+” الرئيس والمحوري، مشددين على ضرورة التأكد من المحافظة على الأجندة الدولية فيما يتعلق ببرامج انتقال الطاقة.
من ناحيته، وفي جلسة عن تحديات السوق المعقدة، أعلن أمين الناصر الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو، خططا لزيادة إنتاج الغاز بنسبة 50 – 60 في المائة بحلول عام 2030.
وأضاف “أننا نحتاج إلى كل موارد الطاقة والموارد المتجددة تسهم في ذلك”، مشيرا إلى أهمية تأمين الإمدادات، خاصة إلى الدول النامية التي لها أولويات مختلفة عن الدول المتقدمة.
وأوضح أن الطلب في المستقبل سيستمر في الاعتماد على النفط والغاز، إلى جانب مصادر أخرى مثل الهيدروجين الأخضر، مشيرا إلى أن التعاون العالمي ضرورة، خاصة في مجال انتقال الطاقة مع المضي قدما في خطط خفض الانبعاثات.
وقال الناصر، إن الطلب الآسيوي واعد وينمو بقوة، نظرا إلى وجود المليارات من البشر الذين لا يزالون يعانون فقر الطاقة، مؤكدا اهتمام “أرامكو” بالاستثمار في الهند وكوريا، إلى جانب الصين. ولفت إلى نمو الطلب هذا العام بوتيرة قوية نحو مليوني برميل يوميا.
من جانبه، يقول باتريك بوانييه العضو المنتدب لشركة توتال، إن التنوع ضرورة في موارد الطاقة لمعالجة نمو الطلب، وإن الابتكار في الصناعة هو الضمانة من أجل النجاح والاستمرارية لافتا إلى ضرورة رفع كفاءة منظومة الطاقة لمواجهة نمو الطلب الناتج عن نمو السكان.
وأشار إلى ضرورة الاستمرار في زيادة إنتاج النفط والغاز جنبا إلى جنب مع الموارد الأخرى، لتلبية احتياجات الطلب التي تأتي في الصدارة بينما قضية تغير المناخ تحتل مرتبة تالية.
وفي كلمته الافتتاحية، أكد هيثم الغيص أمين عام “أوبك”، اهتمام المنظمة الدولية بتحقيق التنمية المستدامة في قطاع الطاقة وتأمين احتياجات المستهلكين، مشيرا إلى أن النفط الخام سيظل محور مزيج الطاقة العالمي لتلبية احتياجات التنمية، خاصة في الدول النامية. وعلى هامش الندوة، كشف الغيص أن المنظمة تجري مناقشات مع أربع دول، هي أذربيجان وماليزيا وبروناي والمكسيك، للانضمام لعضويتها.
وأضاف “المشاورات مع الدول الجديدة من خارج المنظمة تسهم في تعزيز تماسك وتقوية أوبك”.
وفي سياق متصل، ذكرت تيتي أولاري مدير شركة سيتا لتجارة النفط في نيجيريا، أن ندوة “أوبك” الدولية تعقد في ظروف دقيقة للسوق النفطية والذي يواجه مخاوف الركود والتباطؤ مقابل تقييد المعروض من جانب “أوبك+”.
وتوقعت أن تسهم الندوة في بث أجواء إيجابية وتحسين معنويات السوق في ظل التأكيد على تماسك العمل الجماعي للمنتجين والجاهزية للتدخل دوما لدعم التوازن بين العرض والطلب.
أما أرفي ناهار مختص شؤون النفط والغاز في شركة أفريكان ليدرشيب الدولية، فترى أن الأسعار ستعود إلى الصعود بعد تأكيد السعودية وروسيا الالتزام بخفض الإنتاج، مشيرة إلى أن الطلب في حالة متنامية.
وأكدت أن ذلك يأتي بسبب موسم الصيف ورواج حركة السفر، مع تزايد التوقعات بأن يشهد النصف الثاني أداء أفضل في السوق، وأن يكون لندوة “أوبك” الدولية مردود إيجابي على سوق النفط.
وفي بيان ختامي للندوة، أكد وزراء “أوبك” اتفاقهم على مواصلة التشاور مع الدول غير الأعضاء بالمنظمة في إطار استمرار مساعي دعم استقرار سوق النفط وتوازنها.
من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار، ارتفعت أسعار النفط الخام الأمريكي نحو 3 في المائة لتقلص الفجوة السعرية مع مزيج برنت في رد فعل على تخفيضات الإنتاج التي أعلنتها السعودية وروسيا يوم الإثنين.
فيما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي دولارين عن مستوى إغلاق يوم الإثنين، أي ما يعادل 2.9 في المائة، ليبلغ 71.79 دولار للبرميل عند التسوية.
وزادت العقود الآجلة لخام برنت 40 سنتا أو 0.5 في المائة لتغلق عند 76.65 دولار للبرميل بعدما صعدت 1.60 دولار للبرميل الثلاثاء. من جانب آخر، ارتفعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 76.17 دولار للبرميل، الثلاثاء، مقابل 76.12 دولار للبرميل في اليوم السابق. وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) أمس، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء حقق أول ارتفاع عقب انخفاض سابق، وإن السلة كسبت نحو دولار واحد مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 75.15 دولار للبرميل.

شاركها.
Exit mobile version