لقد شهد المشهد المالي تحولاً زلزالياً في الأسبوع الماضي، يذكرنا بالاصطدام بشرائط الهدم على الطريق السريع بين الولايات ــ الأمر الذي دفع المستثمرين إلى إدراك المخاطر الاقتصادية الكامنة.

لقد تركت عمليات البيع المكثفة التي شهدتها أسواق الأسهم يوم الاثنين، والتي أشعلتها عوامل محفزة مختلفة، المستثمرين في حالة من الذعر، على الرغم من أن الذعر بدا وكأنه قد خفت حدته بحلول نهاية الأسبوع. ولكن هل عاد كل شيء إلى طبيعته حقًا، أم كان هذا نذيرًا بقضايا أكثر أهمية في المستقبل؟

انهيار السوق يوم الاثنين

بدأ الأسبوع بانخفاض حاد في سوق الأوراق المالية، مما أعاد إلى الأذهان ذكريات انهيار عام 1987. وفيما يلي الأرقام الصارخة:

  • الداو جونز:انخفاض 1,399 نقطة (2.6%)
  • ناسداك:انخفاض 576 نقطة (3.43%)
  • ستاندرد آند بورز 500:انخفاض بنسبة 3%
  • راسل 2000:انخفاض بنسبة 3.33%

وعلى الصعيد العالمي، كانت التداعيات كبيرة، إذ فقدت أسواق الأسهم 6.4 تريليون دولار. وهبط مؤشر نيكاي الياباني وحده بنسبة 13.2%، ويرجع هذا في المقام الأول إلى أنباء رفع أسعار الفائدة من جانب بنك اليابان.

المحفزات وراء الفوضى

كان هناك حدثان رئيسيان وراء موجة البيع:

  1. رفع أسعار الفائدة من قبل بنك اليابان:
    • رفع سعر الفائدة الرئيسي إلى 0.25% من ما يقرب من الصفر، وهو ما يمثل الزيادة الثانية فقط منذ عام 2007.
    • وقد أدى ارتفاع سعر الفائدة إلى تعزيز الين، مما دفع المستثمرين إلى التخلص من صفقات الفائدة المربحة، حيث كانوا يقترضون الين للاستثمار في أصول ذات عائد أعلى في أماكن أخرى. وقد أدى هذا إلى التدافع لبيع الأصول المقومة بالدولار.
  2. تقرير مخيب للآمال بشأن الوظائف في الولايات المتحدة:
    • وشهد شهر يوليو/تموز إضافة 114 ألف وظيفة جديدة فقط، وهو أقل بكثير من الرقم المتوقع وهو 175 ألف وظيفة.
    • وارتفع معدل البطالة إلى 4.3%، مقابل توقعات ببلوغه 3.1%.

وقد أثارت هذه العوامل قلقا واسع النطاق بين المستثمرين، الذين يخشون أن يؤدي بطء استجابة بنك الاحتياطي الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة إلى دفع الاقتصاد إلى الركود.

سياسات البنك المركزي وردود أفعال السوق

إن سياسات البنوك المركزية كثيراً ما تؤدي إلى خلق استثمارات سيئة من خلال تحفيز الاقتراض من خلال أسعار فائدة منخفضة، الأمر الذي يؤدي إلى نشوء فقاعات ديون ضخمة. ولقد أدت أسعار الفائدة المنخفضة في اليابان لفترة طويلة إلى انتشار عمليات التداول بالفائدة على السندات، وهو ما تفاقم بسبب الارتفاع المفاجئ لقيمة الين.

إن الموقف الحالي لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، مع أسعار الفائدة عند 5.5%، يُنظَر إليه باعتباره موقفاً محفوفاً بالمخاطر. ورغم أن هذه الأسعار ليست مرتفعة بالقدر الكافي لقمع التضخم تماماً، فإنها تخاطر بتفجير الفقاعات الاقتصادية. وتُظهِر الاتجاهات التاريخية ميل بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة بسرعة في الأزمات، وفي كثير من الأحيان بعد فوات الأوان لمنع الضرر.

الذهب والفضة: هل هما ملاذان آمنان؟

وفي خضم الاضطرابات التي تشهدها الأسواق، شهدت حتى الملاذات الآمنة التقليدية مثل الذهب والفضة انخفاضات:

  • ذهب:انخفض بنسبة 3.2% عند أدنى مستوى له يوم الاثنين، وأغلق منخفضًا بنسبة 1.3% بنهاية اليوم.
  • فضة:انخفض بنسبة 7.2% خلال اليوم، مما يعكس المخاوف بشأن انخفاض الطلب الصناعي.

إن مثل هذه المبيعات المكثفة أمر طبيعي في بداية فترات انخفاض أسواق الأسهم، حيث يقوم المستثمرون بتصفية الذهب لتغطية نداءات الهامش. ومن الناحية التاريخية، يتعافى الذهب بشكل أسرع وأكثر قوة من الأسهم بعد الأزمة.

الصورة الاكبر

وعلى الرغم من التعافي السريع بعد عمليات البيع المكثفة التي شهدتها الأسواق يوم الاثنين، إلا أن هناك قضايا أساسية لا تزال قائمة:

  • ولا يزال الاقتصاد مثقلا بالديون، كما أن الاستثمارات السيئة الناجمة عن سياسات ما بعد عام 2008 لا تزال قائمة.
  • يواجه بنك الاحتياطي الفيدرالي معضلة: فإما زيادة التحفيز النقدي، مما يعرضه لخطر التضخم المفرط، أو الحفاظ على أسعار الفائدة مرتفعة، مما يعرضه لخطر التباطؤ الاقتصادي الحاد.

الصحة الاقتصادية على المدى الطويل

لقد خلقت سياسات أسعار الفائدة التي ينتهجها بنك الاحتياطي الفيدرالي حلقة مفرغة من الاعتماد على المال السهل، وهو ما يشبه المدمن الذي يحتاج إلى جرعات متزايدة من المخدرات. تاريخيا، كانت أسعار الفائدة على الأموال الفيدرالية في المتوسط ​​منذ عام 1970 تدور حول 4.95%. وتبدو الأسعار الحالية، التي تزيد قليلا عن هذا المستوى، طبيعية مقارنة بأسعار الفائدة القريبة من الصِفر بعد عام 2008.

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: إلى أي مدى يستطيع بنك الاحتياطي الفيدرالي أن يضخ في الاقتصاد قبل أن تتفاقم الأزمة؟ لقد أظهر بنك الاحتياطي الفيدرالي قدرة مذهلة على تجاوز الحدود، ولكن الأمر يتعلق بمتى، وليس ما إذا كان الاقتصاد سوف ينهار تحت وطأة هذه الضغوط.

نصائح للمستثمرين

ورغم أن حالة الذعر التي سادت الأسبوع الماضي قد هدأت، فإن المستثمرين الأذكياء لابد أن يظلوا حذرين. ومن المرجح أن تستمر تقلبات السوق، وربما يكون الوقت الآن مناسباً لتعزيز مراكزهم في الذهب والفضة، وخاصة أثناء فترات الانخفاض. ومن الحكمة أن نستعد للضغوط التضخمية المحتملة والتقلبات الاقتصادية، وأن نضمن أن تكون محفظتنا المالية قوية بما يكفي لتحمل الصدمات القادمة.

بالنسبة لأولئك المهتمين بالتحوط ضد الأزمات المستقبلية، تقدم Money Metals Exchange خيارات مختلفة لتأمين استثماراتك في الذهب والفضة، مما يوفر حماية ضد عدم اليقين الاقتصادي.

احرص على الاطلاع والاستعداد. وكما يظهر التاريخ، فإن الأمر لا يتعلق بما إذا كانت الاضطرابات الاقتصادية ستحدث مرة أخرى، بل بموعد حدوثها.

شاركها.
Exit mobile version